الإثنين، 15 ديسمبر 2025

08:12 م

بدقة 96%.. الذكاء الاصطناعي يرصد علامات الاكتئاب والعزلة من تحليل أسلوب الكتابة الرقمية

depression

depression

A A

أظهرت دراسة بحثية حديثة وهامة أجراها فريق من الباحثين المتميزين من "جامعة ولاية جورجيا" الأمريكية (Georgia State University)، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي باتت تتمتع الآن "بقدرة فائقة" وغير مسبوقة على اكتشاف المؤشرات الخفية للاكتئاب والقلق، وذلك عبر تحليل النصوص المنشورة من قبل المستخدمين على شبكة الإنترنت، وقد وصلت دقة هذا الكشف إلى نسبة مذهلة بلغت 96%.

تفتح هذه النتائج الباهرة الباب واسعاً أمام استخدام التكنولوجيا كـ "أداة مساعدة فعالة" للغاية في مراقبة وتحليل مؤشرات الصحة النفسية للمجتمع بشكل عام، وقد استخدم الباحثون "تقنيات تعلم الآلة" المتقدمة لتحليل كمية هائلة بلغت أكثر من $40 \text{ ألف}$ منشور نصي مختلف تم جمعها من موقع "Reddit" الشهير، والذي يمثل بيئة غنية جداً بتعبيرات المستخدمين غير المجهولة والواقعية.

مرآة المشاعر

أشارت الباحثة الرئيسية في الدراسة، يونج مين كيم، إلى أن "اللغة ليست مجرد وسيلة للتواصل المباشر، بل هي مرآة صادقة للمشاعر والأحوال الداخلية"، وأوضحت أنه "حتى عندما لا يصرّح الأشخاص بأنهم مكتئبون بشكل صريح، يمكن لطريقة تعبيرهم أن تكشف عن ألمهم الداخلي الخفي"، مما يؤكد على أهمية التحليل اللغوي العميق.

اعتمد التحليل المعقد الذي أجراه الذكاء الاصطناعي على تقنيات متقدمة تُعرف بـ "نمذجة الموضوعات" المعتمدة على النماذج اللغوية الضخمة، حيث تم تحديد الأنماط اللغوية المحددة والمرتبطة بظاهرة الاكتئاب، عبر مقارنة نصوص مجموعات الدعم النفسي بنصوص النقاشات اليومية العادية والمحايدة، للكشف عن الفروقات الجوهرية.

كان أبرز ما كشف عنه الذكاء الاصطناعي هو ميل المستخدمين إلى "التركيز المفرط على الذات" والشعور العميق بالعزلة، حيث يظهر ذلك في الاستخدام المفرط لـ "ضمائر المتكلم المفردة" مثل "أنا" و "نفسي" في سياقات مختلفة، مما يشير إلى الانكفاء على الذات.

كما لاحظ النظام "الإفراط في استخدام عبارات قصيرة" ومباشرة جداً تعكس شعوراً بفقدان الأمل أو اليأس، ومن أمثلتها عبارات مثل "لا أعرف ماذا أفعل" أو "كل شيء صعب"، مما يعطي مؤشرات واضحة عن الحالة النفسية للمستخدم.

تفاعل اجتماعي

كشفت الدراسة عن نمط مثير للاهتمام يتعلق بالتفاعل مع "المناسبات الاجتماعية" السعيدة، حيث ارتبطت هذه المناسبات (مثل عيد الميلاد وعيد الشكر) في نصوص المستخدمين بمشاعر الحزن، أو العزلة، أو الشعور المتزايد بالضغط النفسي، مما يتناقض مع طبيعة هذه الأعياد.

يشير هذا الارتباط إلى أن فترات الفرح الجماعي والمناسبات السعيدة قد تثير مشاعر معاكسة وسلبية لدى البعض، وتزيد من إحساسهم بالوحدة والانفصال عن محيطهم، وهي ملاحظة مهمة جداً للأطباء النفسيين.

أكد الباحثون بوضوح أن الهدف الأساسي والنبيل من الدراسة لم يكن أبداً "تشخيص المرضى" بشكل مباشر أو استبدال الأطباء، بل تطوير "أنظمة إنذار مبكر" قوية وموثوقة، يمكنها أن تساعد في رصد العلامات الأولى والتحذيرية للاكتئاب عبر تحليل النشاط الرقمي للمستخدمين.

يمكن لهذا النظام الذكي أن يدعم بقوة عمل المشرفين على منصات التواصل الاجتماعي، وكذلك مساعدة مقدمي الرعاية النفسية لتحديد الأشخاص الذين يحتاجون إلى الدعم والتدخل السريع قبل "تفاقم حالتهم" النفسية إلى مراحل يصعب علاجها.

أداة مساعدة

ظل التأكيد قائماً وراسخاً من قبل الباحثين على أن "الذكاء الاصطناعي لا يمكنه أن يحلّ محلّ المتخصصين" والأطباء في الصحة النفسية، بل يظل دوره منصباً على كونه أداة مساعدة لغربلة البيانات الضخمة، وتحليل الأنماط التي قد يصعب على العين البشرية التقاطها بسهولة، مما يرفع من كفاءة الرعاية.

توفر هذه التكنولوجيا الجديدة أملاً كبيراً في دمج أدوات الرصد النفسي غير الجراحية وغير المباشرة ضمن البيئات الرقمية، للمساهمة في تقديم دعم استباقي لمن هم في أمس الحاجة إليه دون وصم اجتماعي أو إحراج مباشر، وبأعلى درجات الدقة والخصوصية المطلوبة.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً