"علي بابا" تدمج خدمة الدردشة الذكية في تطبيق "كوارك"

أطلقت شركة "علي بابا" (Alibaba) الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية، خدمة مساعد دردشة جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، في خطوة استراتيجية جريئة تهدف إلى "تعزيز تواجدها" الرقمي في سوق تطبيقات المستهلكين المزدحم، وهو سوق تهيمن عليه حالياً شركات عملاقة أخرى مثل "بايت دانس" (ByteDance) و "تينسنت" (Tencent) بفضل تطبيقاتها واسعة الانتشار.

تم دمج خدمة الدردشة الجديدة التي تقدم مجاناً للمستخدمين في تطبيق "كوارك" (Quark)، الذي تحول من كونه مجرد منصة لتصفح الإنترنت إلى تطبيق المستهلكين "الرئيسي" لشركة "علي بابا" خلال هذا العام، وتتيح الخدمة للمستخدمين الآن الوصول السريع إلى واجهة روبوت دردشة متكامل، لإجراء "محادثات نصية أو صوتية" بسهولة، مما يمكنهم من الحصول على معلومات وخدمات فورية.

تحدي المنافسين

لطالما كانت جهود شركة "علي بابا" في مجال الذكاء الاصطناعي تركز بشكل كبير ومباشر على عملاء الشركات عبر قسم الخدمات السحابية الضخم التابع لها، وتأتي هذه الخطوة الأحدث الآن في سياق محاولات الشركة المتكررة لـ "زيادة شعبيتها" وقاعدة مستخدميها في قطاع المستهلكين، وهو سوق رقمي واجهت فيه "علي بابا" صعوبات كبيرة في السنوات الأخيرة، لعدم وجود تطبيق رئيسي مهيمن لها.

على الرغم من أن "علي بابا" كانت من بين الأوائل الذين بادروا بإطلاق تطبيق مساعد ذكاء اصطناعي مخصص للجمهور في أواخر عام 2023 (وهو تطبيق "تونجي" - Tongyi)، إلا أن التطبيق فشل في تحقيق "انتشار واسع" أو اختراق كبير بين المستخدمين العاديين، مما أثر على موقع الشركة في هذا المجال الجديد.

تظهر مقارنة الاستخدام الشهري في سبتمبر الماضي الفارق الكبير في قاعدة المستخدمين، فقد سجل تطبيق "تاوباو" (ByteDance) المتصدر 150 مليون مستخدم نشط شهرياً، يليه تطبيق "ديب سيك" (DeepSeek) بـ 73.4 مليون مستخدم.

أما تطبيق "تينسنت" فقد سجل 64.2 مليون مستخدم نشط شهرياً، بينما ظل تطبيق "تونجي" التابع لشركة "علي بابا" متخلفاً بشكل كبير، حيث سجل 6.96 مليون مستخدم نشط شهرياً فقط، مما يكشف عن ضرورة تغيير الاستراتيجية.

دمج الخدمات

من خلال دمج خدمة الدردشة الجديدة والمجانية في تطبيق "كوارك"، تسعى "علي بابا" بجدية إلى "الاستفادة القصوى" من قاعدة مستخدمي التطبيق القائمة بالفعل، وكذلك الاستفادة من الميزات الإضافية التي يقدمها (مثل قدرات البحث المتقدمة في الويب).

تهدف هذه الاستراتيجية الجديدة إلى منافسة التطبيقات الرائدة في السوق الصينية بشكل أكثر فعالية، والتحول من المنافسة المباشرة إلى المنافسة عبر "دمج الخدمات" في نظام بيئي واحد، ويعد هذا الدمج خطوة حاسمة لـ "تعزيز قدرتها التنافسية" في مواجهة عمالقة مثل "بايت دانس" التي لديها "تيك توك" و "تينسنت" التي لديها "وي تشات".

يمثل هذا التحول اعترافاً ضمنياً من "علي بابا" بأن مستقبل تطبيقات المستهلكين في الصين لم يعد يقتصر على التجارة الإلكترونية، بل يعتمد بشكل كبير على دمج "القدرات التوليدية" للذكاء الاصطناعي في صلب تجربة المستخدم اليومية، سواء للبحث أو للتفاعل.

إن دمج الذكاء الاصطناعي في "كوارك" يهدف إلى زيادة معدلات "الاحتفاظ بالمستخدمين" وزيادة وقت تواجدهم على التطبيق، عبر تقديم قيمة مضافة تتجاوز التصفح العادي، وهو ما يجعل التطبيق أكثر فائدة للمستخدمين العاديين.

تحول استراتيجي

يُظهر هذا التحول الاستراتيجي أيضاً إصرار "علي بابا" على عدم التنازل عن دورها الريادي في المشهد التكنولوجي الصيني، ومحاولتها المستمرة لإيجاد نقاط قوة جديدة لمواجهة الهيمنة المتزايدة لتطبيقات التواصل الاجتماعي والمحتوى، وهو تحدي مستمر للشركات الكبرى.

يعتمد نجاح هذه الخطوة الجديدة على مدى جودة تجربة المستخدم التي سيوفرها روبوت الدردشة داخل تطبيق "كوارك"، وعلى قدرته على تلبية احتياجات المستهلكين الصينيين بشكل "أكثر كفاءة وذكاءً" مما تقدمه التطبيقات المنافسة الأخرى، وهي معركة جودة أكثر منها كمية في هذه المرحلة.