سام ألتمان: الذكاء الفائق قادم بحلول 2035 ومستقبل البشرية يتغير

احتفلت شركة OpenAI بالذكرى السنوية العاشرة لتأسيسها، وقد أطلق الرئيس التنفيذي للشركة، سام ألتمان، تصريحاً مثيراً للجدل، حيث توقع أن تتمكن الشركة من تطوير ما يُعرف بـ "الذكاء الفائق" خلال العقد المقبل، أي بحلول عام 2035، وهذا التوقع يسلط الضوء على مسار متسارع وغير مسبوق لتقنيات الذكاء الاصطناعي.

يُعد الذكاء الفائق مفهوماً تقنياً يشير إلى نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يتميز بقدرته على التفوق الكامل على القدرات العقلية للبشر، وهذا التفوق لا يقتصر فقط على السرعة الحسابية الهائلة أو معالجة البيانات الضخمة، بل يشمل الإبداع والاستدلال المعقد.

يتضمن المفهوم أيضاً قدرة متفوقة على التخطيط الاستراتيجي، واتخاذ القرارات السليمة، والتعلم المستمر، وحل المشكلات المعقدة، ولذلك يُمكن اعتبار هذا المستوى من الذكاء قادراً على التفوق على أفضل العقول البشرية في أي مهمة فكرية يمكن تخيلها.

استعاد ألتمان في مقالة بعنوان "عشر سنوات" رحلة شركته منذ انطلاقها عام 2015 كفكرة طموحة، مروراً بمحطات بارزة ومشاريع رائدة مثل مشروع Dota AI Five المعقد، وتطوير الروبوتات ذات الأيدي المتحركة القادرة على الإمساك بالأشياء.

تضمنت الرحلة الوصول إلى تطوير نماذج GPT الشهيرة، وإطلاق برنامج ChatGPT في نهاية عام 2022، وهذا الإطلاق يُعد نقطة التحول الكبرى التي وضعت الشركة في مصاف الكيانات التكنولوجية العملاقة والمؤثرة عالمياً.

أشار ألتمان إلى مستقبل "متناقض" وغريب وفق وصفه الشخصي، وهذا المستقبل يجمع بين قدرات تقنية تتصاعد بوتيرة سريعة جداً يصعب على العقل البشري استيعابها، بينما قد تظل الحياة اليومية للناس في جوهرها كما هي.

شدد ألتمان على أهمية التركيز المستمر على العلاقات الإنسانية والأخلاقية، حتى مع التغير السريع والمستمر الذي يشهده شكل العالم من حولهم بفعل التكنولوجيا، وهذا يمثل دعوة للتمسك بالجذور الإنسانية.

دعم متدرج

دافع ألتمان خلال استعراضه للمسار التقني والبحثي للشركة عن استراتيجية طرح النماذج التقنية مبكرًا وبشكل متدرج ومنتظم، وهذا النهج سمح للمجتمع الأكاديمي والنظام التقني بالاستفادة والتطور معها.

تأسست شركة OpenAI في البداية عام 2015 كمؤسسة غير ربحية بالكامل، وكان هدفها الأساسي هو تطوير ذكاء اصطناعي عام (AGI) آمن ومفيد للبشرية جمعاء، مع تركيز قوي على الأبحاث الأساسية والنشر المفتوح للمعرفة.

بحلول عام 2019، تغير اتجاه الشركة الاستراتيجي نحو نماذج اللغة الكبيرة والمعقدة، والتي أصبحت المحور الرئيسي لعمل الشركة وتطورها، وهذا يمثل تحولاً في الأهداف البحثية المعلنة.

تعززت علاقة التعاون والشراكة مع شركة مايكروسوفت، وذلك عبر تمويلات واستثمارات ضخمة بلغت مليارات الدولارات، وهذا التحول في التمويل أدى إلى إنشاء هيكل "مختلط" جديد وفريد من نوعه.

جمع هذا الهيكل بين كيان غير ربحي يحتفظ بالسيطرة الكاملة والإشراف العام، وشركة ذات طابع ربحي تحمل مسؤولية التطوير التجاري السريع للنماذج، وهذا يهدف لضمان التمويل المستدام.

هيكلة جديدة

دخلت الشركة مرحلة إعادة هيكلة استراتيجية جديدة مع حلول عامي 2024 و 2025، وهي مرحلة تهدف إلى تكييف الشركة مع التطورات التجارية الضخمة التي شهدتها.

أعلنت OpenAI في أواخر عام 2024 عن نيتها تحويل ذراعها الربحية إلى ما يُعرف بـ "شركة منفعة عامة "، وهي صيغة قانونية تسمح بتحقيق الربح مع التزام واضح ومسبق بمصلحة المجتمع الأوسع.

أثارت هذه الخطوة القانونية والإدارية انتقادات من شخصيات بارزة سابقة كانت داخل الشركة، حيث رأت أن هذا التحول قد يُضعف المهمة الأصلية للشركة، ويحول OpenAI إلى مجرد شركة تقنية تقليدية تبحث عن الربح المالي فقط.

أعلنت الشركة رسمياً في منتصف عام 2025 عن اكتمال الهيكلة الجديدة بنجاح، مؤكدةً بشكل قاطع أن الكيان غير الربحي سيظل هو صاحب السيطرة العليا، وهذا يضمن الحفاظ على الرؤية الأصلية.

اكتملت عملية إعادة الهيكلة بالكامل في نهاية العام، وذلك بعد مفاوضات مكثفة ومطولة مع الشريك الاستراتيجي مايكروسوفت، وهذه الخطوة تمهّد الطريق لمرحلة جديدة.

تسعى الشركة في المرحلة الجديدة إلى التوفيق الصعب بين مهمة تطوير تقنيات الذكاء الفائق والمستقبلية، مع الالتزام بالحفاظ على طابعها المؤسسي القائم على المنفعة العامة والأخلاقية، وهذا هو التحدي الأكبر القادم.