جوجل تطلق "ديسكو".. متصفح ثوري يبني تطبيقات فورية بأمر صوتي أو نصي

أطلقت شركة جوجل مشروعًا تجريبيًا جديداً وواعداً يحمل اسم “Disco”، وهو متصفح متقدم يعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي، وهذا المتصفح صمم لتحويل أي أمر نصي يكتبه المستخدم إلى مجموعة من التبويبات المنسقة وتطبيق صغير تفاعلي، وذلك عبر ميزة مبتكرة تُسمّى “GenTabs”.

يهدف هذا المشروع التجريبي الجديد إلى تقديم شكل متطور تماماً ومختلف لعملية التصفح عبر الإنترنت، وهذا الشكل يجمع بين تصفح صفحات الويب التقليدية التي نعرفها، وبين استخدام تطبيقات مُصممة بذكاء عالٍ لمساعدة المستخدم مباشرةً في إنجاز المهمة التي يريد تحقيقها.

تُغير هذه الميزة مفهوم التصفح التقليدي، وتحوله إلى بيئة عمل تفاعلية، حيث يتم دمج الذكاء الاصطناعي مع البيانات الحقيقية المستمدة من المواقع، وهذا يرفع من مستوى الإنتاجية اليومية للمستخدم.

كيف يعمل ديسكو

عندما يكتب المستخدم طلباً محدداً وواضحاً في شريط البحث، مثل “أنشئ خطة لرحلة إلى مكة المكرمة” للعمرة أو السياحة، يقوم متصفح Disco تلقائيًا بفتح عدة تبويبات جديدة ذات صلة فوراً، وهذا يوفر الكثير من الوقت.

تشمل التبويبات المفتوحة تلقائياً معلومات حجز الطيران، وأفضل الفنادق المتاحة للإقامة، وخرائط الموقع الجغرافي، ومعلومات السفر الأساسية، وكذلك وسائل النقل المتاحة، وهذا يجمع كافة البيانات المطلوبة في مكان واحد.

يعرض المتصفح على المستخدم مباشرةً إنشاء تطبيق تفاعلي خاص به، وهذا التطبيق يهدف إلى المساعدة في تنظيم رحلته بشكل يومي ومتكامل، وهذا يمثل النواة الأساسية لعمل ميزة GenTabs.

يعالج نموذج الذكاء الاصطناعي المتقدم من جوجل، Gemini، جميع المعلومات المستخلصة من التبويبات المفتوحة والمواقع المقترحة، وذلك بعد موافقة المستخدم الصريحة على إنشاء التطبيق، وهذا يضمن أمان وخصوصية البيانات.

يعمل النموذج على بناء تطبيق صغير ومخصص يتضمن خريطة واضحة للموقع الجغرافي، وأداة عملية لإنشاء جدول الرحلة مفصلاً يوماً بيوم، بالإضافة إلى روابط للمصادر والمواقع التي اعتمد عليها الذكاء الاصطناعي في جمع البيانات.

يُخصص المتصفح أيضاً مساحة واضحة لإضافة معلومات جديدة يجدها المستخدم بنفسه، وذلك من خلال التبويبات الإضافية التي يقرر فتحها، وهذا يضمن أن تكون الخطة شخصية ومحدثة باستمرار.

تحدث هذه العملية المعقدة بسرعة فائقة جداً ومذهلة، حيث تدمج المتصفح بذكاء بين ما تقترحه نماذج الذكاء الاصطناعي الذكية، وما يضيفه المستخدم يدوياً من بيانات، وهذا يضمن أن تكون النتيجة تعاونية.

بعكس أدوات الذكاء الاصطناعي التقليدية التي تقدم إجابات ومعلومات جاهزة وثابتة، يحاول مشروع Disco جعل التصفح عملية مشتركة وتفاعلية بين الآلة والمستخدم، وهذا هو جوهر الابتكار.

تعاون تفاعلي

يُساعد فتح المستخدم لمواقع إضافية في فهم التطبيق لاحتياجاته واهتماماته المتغيرة، وهذا يؤدي إلى تحديث الواجهة وتعديل المقترحات بشكل مستمر، مما يجعل GenTabs منصّة تفاعلية تُبنى أمام المستخدم نفسه.

صرحت جوجل بأن المستخدمين كانوا يميلون في السابق إلى الاكتفاء بالمحادثة النصية مع نماذج الذكاء الاصطناعي، دون الرغبة في زيارة المواقع الفعلية، وهذا كان يؤثر على دقة وموثوقية المعلومات المستخلصة.

صُمم مشروع Disco خصيصاً للتغلب على هذه المشكلة، حيث يعمل على فتح التبويبات والمواقع تلقائيًا، وهذا يشجع على التصفح التقليدي للمواقع لتعزيز دقة وموثوقية المخرجات النهائية للتطبيق الصغير.

قدم فريق جوجل ضمن العرض التجريبي عدة تطبيقات واقعية بناها Disco بنجاح، مما يظهر الإمكانيات الواسعة للمتصفح الجديد، وهذا يعطي أمثلة ملموسة لاستخدامه.

شملت الأمثلة تطبيقاً تعليمياً متكاملاً لشرح حركة مفصل الكاحل، مع نموذج ثلاثي الأبعاد بسيط وواضح للقدم، وروابط مباشرة لمقالات طبية متخصصة وموثوقة، وهذا يخدم المجال الطبي.

تضمن العرض أداة متقدمة لتخطيط عملية الانتقال بين مدن مختلفة، وهي تضم نصائح لوجستية مفيدة، وآلة حاسبة لتقدير وزن الأمتعة المتوقعة، وجدول مقارنة أسعار شامل لشركات النقل المختلفة.

بنى المتصفح أيضاً تطبيقات مخصصة للدراسة في شكل بطاقات مراجعة، يتم تحديثها تلقائيًا بناءً على المواضيع والصفحات التي يفتحها المستخدم، وهذا يساعد في المراجعة الذاتية.

هناك أيضاً منظم متكامل للوجبات، يقترح وصفات صحية ومغذية، ويعرض جدولًا أسبوعيًا يمكن تعديله وتخصيصه بناءً على التبويبات المفتوحة، وهذا يخدم التغذية.

ما زالت جوجل تدرس الشكل النهائي الذي ستتخذه هذه التجربة الجديدة، هل ستكون التطبيقات دائمة أم مؤقتة، وهذا سؤال مطروح للنقاش الداخلي، وهذا يشير إلى أن المشروع ما زال في مرحلته التجريبية.

وفقاً لرئيسة فريق كروم، باريزا تبريز، اقترح المستخدمون إمكانية مشاركة GenTabs مع الآخرين، وحفظ التطبيقات بشكل دائم داخل المتصفح، ونقل البيانات مباشرةً إلى تطبيقات جوجل الأخرى، مثل Google Docs و Sheets.

تقول جوجل إنها قد تدعم خياري الحفظ الدائم والمؤقت معاً في المستقبل، وذلك لكي يحصل المستخدم على مرونة كاملة في التعامل مع مشاريعه الشخصية داخل بيئة المتصفح التفاعلية.

ما زال فريق جوجل غير متيقّن تماماً من الوجهة النهائية لمشروع Disco، وإذا ما كان سيتحول إلى أداة مستقلة لإدارة المشاريع، أو مجرد ميزة متقدمة داخل كروم وبحث جوجل، أو تطبيق متكامل لإنجاز المهام.

الواضح حتى الآن أن Disco يتعامل مع التصفح بأسلوب ثوري وجديد تماماً، حيث يدمج بفعالية بين قوة الذكاء الاصطناعي وبين المعلومات المستمدة من المواقع الحقيقية، بدلاً من الاكتفاء بالمحادثات النصية، وهذا يمثل فرقاً جوهرياً.

إذا واصل المشروع هذا النجاح التجريبي والاهتمام، فقد يشكّل خطوة مهمة جداً نحو تطوير متصفحات مستقبلية أكثر ذكاءً وتفاعلاً، وربما منافساً قوياً ينشأ من داخل جوجل نفسها، لينافس متصفح “كروم” الشهير.