استثمار 900 مليون دولار يضاعف ثروة جوجل.. القصة الكاملة

تدخل شركة "ألفابت"، وهي الشركة الأم المالكة لـ "جوجل"، نهاية هذا العام وهي تتمتع بموقع غير مسبوق من حيث القوة والهيمنة السوقية العالمية، حيث واصل سهمها الصعود محققًا مكاسب سنوية تقارب 70%، لترتفع قيمتها السوقية الإجمالية إلى نحو 3.8 تريليون دولار، ولا يعود هذا الأداء المالي المبهر فقط إلى إيرادات الإعلانات أو التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، بل إلى رهان استثماري قديم بدأ يكشف عن حجم تأثيره الحقيقي الآن في دفاتر الشركة.

يعود أصل هذا الرهان الاستثماري الجريء إلى عام 2015 تحديدًا، حين قررت "جوجل" الدخول مبكرًا كمستثمر استراتيجي في شركة "سبيس إكس" الفضائية، وضخت حينها مبلغًا قدره نحو 900 مليون دولار مقابل الحصول على حصة تقارب 7% من أسهم شركة فضاء كانت ما تزال تُصنف آنذاك كمشروع طموح محفوف بالمخاطر الهندسية والمالية، ولم تتجاوز قيمتها السوقية وقتها 12 مليار دولار فقط.

رهان قديم

تتجه الأنظار حاليًا، بعد مرور عشرة أعوام تقريبًا على هذا الاستثمار، إلى خطوة مرتقبة يُحتمل أن تعيد رسم خريطة الثروات في وادي السيليكون بالكامل، وذلك مع تقارير واسعة تتحدث عن استعداد "سبيس إكس" لطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي خلال العام المقبل، عند تقييم قد يصل إلى 1.5 تريليون دولار أمريكي.

يعني هذا التقييم الضخم أن الاستثمار الذي بدا ثانويًا ومحدودًا في دفاتر "جوجل" قبل عقد من الزمن، قد يتحول الآن إلى أصل تتجاوز قيمته الإجمالية 110 مليارات دولار، وهو ما يمثل عائداً استثماريًا هائلاً وغير مسبوق تقريبًا في تاريخ الاستثمارات التكنولوجية.

لم يُعد الأثر المالي لهذا الاستثمار الرابح مؤجلًا للمستقبل البعيد، إذ أظهرت نتائج أعمال "جوجل" خلال الأشهر الماضية تسجيل أرباح مباشرة بنحو 8 مليارات دولار أمريكي من أصول غير مدرجة في البورصة، وهو بند لفت انتباه المحللين والأسواق بشكل كبير.

تبين لاحقًا أن هذا البند يعكس إلى حد كبير الارتفاع الكبير والمتواصل في تقييم شركة "سبيس إكس"، حيث ساهم هذا المكسب بنحو 25% من صافي دخل الشركة في الربع الأول من عام 2025، مما يجعله عاملًا حاسمًا في الأداء المالي لجوجل.

أثر مستقبلي

تحتل "جوجل" الآن موقعًا متقدمًا وحساسًا بين كبار المستثمرين الخارجيين في شركة إيلون ماسك الفضائية، إلى جانب العديد من المؤسسات الاستثمارية الكبرى الأخرى، بينما بات مشروع "ستارلينك" التابع لـ "سبيس إكس" عنصرًا محوريًا في هذا التحول الضخم في التقييم.

انتقل مشروع "ستارلينك" من مجرد فكرة واجهت تشكيكًا واسعًا حول جدواها الاقتصادية والتقنية في البداية، إلى بنية اتصالات عالمية متكاملة تُستخدم بشكل فعلي في قطاعات مدنية وتجارية وحكومية بالغة الأهمية حول العالم.

أصبحت التساؤلات التي طغت عند إطلاق المشروع، حول جدوى التكلفة الهائلة وإمكانية التشغيل الفني وحقوق البث التجاري، جزءًا من الماضي تمامًا، مع التوسع الهائل لـ "ستارلينك" عالميًا.

تحول المشروع إلى واحد من أكثر مشاريع الفضاء التجارية تأثيرًا ونجاحًا في التاريخ الحديث، ما يجعل استثمار "جوجل" المبكر فيه مثالًا جديدًا وقويًا على كيفية صناعة الثروات الضخمة، ليس عبر المكاسب السريعة والمضاربات، بل عبر الرؤية الاستثمارية طويلة الأجل والمخاطرة المحسوبة.