الاتصالات محرك النمو.. مساهمة القطاع في الناتج المحلي ترتفع إلى 5%

تحوّل قطاع الاتصالات في مصر من مجرد خدمة استهلاكية أساسية إلى أحد المحركات الرئيسية والفاعلة للنمو الاقتصادي الوطني، حيث تشير بيانات رسمية موثوقة إلى أن مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت من نحو 3.2% قبل عقد من الزمان، لتصل إلى ما يقترب من 5\% بنهاية عام 2025 الجاري، مما يؤكد دوره المتنامي.

جاء هذا النمو القوي في المساهمة مدفوعًا بحجم استثمارات ضخمة وغير مسبوقة في تطوير شبكات المحمول والإنترنت، تجاوزت 150 مليار جنيه مصري خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يعكس التزام الشركات بتقديم أفضل الخدمات.

أنفقت شركات كبرى مثل فودافون مصر، وأورنج، واتصالات، والمصرية للاتصالات هذه المبالغ الضخمة على تطوير شبكاتها وزيادة السعات المتاحة، لضمان استيعاب الطلب المتزايد على البيانات والإنترنت عالي السرعة.

كفاءة وسرعة

انعكس تطور شبكات الاتصالات، وخاصة التوسع الكبير في نشر شبكات الألياف الضوئية الحديثة على مستوى البلاد، بشكل مباشر وملموس على كفاءة وإنتاجية القطاعات الاقتصادية الأخرى المختلفة، مثل الصناعة والتجارة والخدمات المالية المتقدمة.

ساهمت زيادة متوسط سرعة الإنترنت الثابت المنزلي إلى أكثر من 70 ميجابت/ثانية في خفض تكاليف التشغيل اليومية بشكل ملحوظ، ورفع إنتاجية الشركات الصغيرة والمتوسطة بنسب تُقدّر بنحو 20%، وفق تقديرات سوقية متخصصة.

دعم هذا التطور في السرعات نمو قطاعات حيوية مثل التجارة الإلكترونية، التي أصبحت جزءًا أساسيًا من الاقتصاد، بالإضافة إلى خدمات التعهيد Outsourcing التي تعتمد بشكل كامل على استقرار الإنترنت عالي السرعة، مما فتح آفاقًا جديدة للعمل.

يُعدّ استقرار وتطور البنية التحتية للاتصالات عاملًا حاسمًا ومحوريًا في قرارات المستثمرين الأجانب عند التفكير في دخول السوق المصري، مما يجعله عنصرًا أساسيًا لجذب رؤوس الأموال العالمية.

جذبت مصر خلال السنوات الأخيرة استثمارات أجنبية مباشرة في مجالات مراكز البيانات الضخمة والخدمات الرقمية، تجاوزت قيمتها الإجمالية 2.5 مليار دولار أمريكي، مما يؤكد الثقة في البنية التحتية.

اعتمدت شركات عالمية عملاقة مثل أمازون ويب سيرفيسز، ومايكروسوفت، وأوراكل في قرار دخولها السوق بشكل أساسي على تطور شبكات الاتصالات وقدرتها العالية على دعم خدمات الحوسبة السحابية المتقدمة التي تتطلب سرعات هائلة.

أثر اقتصادي

يعمل قطاع الاتصالات، اقتصاديًا، كقاطرة غير مرئية تدفع عجلة النمو والتنمية دون ضجيج أو ظهور مباشر، لكن تأثيره يتغلغل في جميع أوجه الاقتصاد الحديث.

تُشير تقديرات الخبراء الاقتصاديين إلى أن كل زيادة بنسبة 10% في انتشار الإنترنت عالي السرعة ترفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بما يتراوح بين 1% و1.5%، وهو تأثير كبير ومباشر على الاقتصاد الكلي.

يُتوقع أن يتضاعف الأثر الاقتصادي للقطاع خلال العقد المقبل، مع استمرار الاستثمارات في شبكات الجيل الخامس 5G الجديدة ومراكز البيانات الإقليمية، ليصبح بذلك أحد أعمدة الاقتصاد الرقمي المصري الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها.

تُعزز الاستثمارات في التكنولوجيا الرقمية من مكانة مصر كمركز إقليمي للخدمات الرقمية وتعهيد الأعمال، مما يوفر فرص عمل للشباب المؤهلين، ويفتح أسواقًا جديدة للخدمات المصرية خارج الحدود الجغرافية.

يجب على الدولة مواصلة تقديم التسهيلات والدعم لشركات الاتصالات، لضمان استمرار ضخ الاستثمارات اللازمة لتطوير الشبكات لمواكبة التغيرات العالمية السريعة في مجال الاتصال والبيانات، وللحفاظ على تنافسية الاقتصاد الرقمي.