الإثنين، 22 ديسمبر 2025

01:05 ص

حصاد الذكاء الاصطناعي 2025.. كيف أعادت الصين رسم خريطة القوى العالمية؟

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

A A

واجه قطاع التكنولوجيا في الصين قبل سنوات صدمات متتالية تمثلت في قيود التصدير الأمريكية الصارمة، وظهور روبوت "ChatGPT" الذي أذهل العالم، إلا أن عامي 2024 و2025 شهدا تحولاً دراماتيكياً ومفاجئاً في موازين القوى الرقمية، حيث انتفضت الشركات الصينية بنماذج مفتوحة المصدر مثل "DeepSeek" و"Qwen"، لتنتقل من مرحلة اللحاق بالركب إلى مرحلة فرض المعايير التقنية العالمية بكل ثقة واقتدار.

كشف تقرير حديث صادر عن معهد ستانفورد للذكاء الاصطناعي أن المنظومة الصينية باتت لاعباً رئيسياً في النماذج مفتوحة الأوزان، وهو ما يشكل تحدياً جيوسياسياً حقيقياً للولايات المتحدة، إذ انتقلت المختبرات الشرقية من التبعية لمعمارية "Llama" الأمريكية إلى بناء نماذج مستقلة تماماً، مما يعكس نضجاً هندسياً فائقاً وقدرة بحثية متسارعة، استطاعت كسر احتكار وادي السيليكون لهذا المجال الحيوي والمستقبلي.

ريادة النماذج

تفوقت عائلة نماذج "Qwen" التابعة لعملاق التجارة الإلكترونية "علي بابا" على نظيراتها الغربية في سبتمبر 2025، لتصبح الأكثر تحميلاً عالمياً عبر منصة "Hugging Face" الشهيرة، وتؤكد البيانات أن المطورين الصينيين استحوذوا على حصة تقارب 17% من إجمالي التحميلات العالمية، متجاوزين بذلك المطورين الأمريكيين، في إشارة واضحة إلى انتقال مركز ثقل الابتكار الرقمي والبرمجي نحو الشرق بشكل متسارع وغير مسبوق.

أعاد التنين الصيني تعريف مفهوم التفوق التقني عبر التركيز على مرونة النشر وكفاءة التكلفة والزخم المجتمعي، فلم يعد السباق يتمحور حول من يمتلك النموذج الأقوى خلف الأبواب الموصدة فقط، بل أصبح السؤال هو من يمتلك النموذج الأكثر تحرراً وانتشاراً، وهنا برزت العبقرية الصينية التي حولت الذكاء الاصطناعي من منتج مغلق محتكر، إلى منظومة عالمية مفتوحة تتيح للمؤسسات والشركات السيادة الكاملة على بياناتها الرقمية.

كفاءة التصميم

اعتمد المطورون في الصين استراتيجية ذكية للتغلب على قيود الحوسبة عبر التركيز على معمارية "خليط الخبراء"، والتي تستهلك موارد حاسوبية أقل بكثير مقارنة بالنماذج الضخمة التقليدية، فنموذج "Qwen3" الرائد مثلاً يمتلك مئات المليارات من المعالم، لكنه لا ينشط سوى جزء بسيط منها عند كل عملية معالجة، مما يجعله فائق السرعة ومنخفض التكلفة، ومثالياً للشركات التي تبحث عن نتائج عملية مستقرة بعيداً عن التعقيدات التقنية.

ساهمت سياسة الأبواب المفتوحة والتراخيص المرنة التي تتبناها الشركات الصينية في إزالة كافة الحواجز القانونية أمام المطورين، مما أتاح دمج هذه النماذج في الأنظمة التجارية العالمية بسلاسة تامة، وبحسب منصات التقييم العالمية مثل "Chatbot Arena"، فقد أصبحت الفوارق في الأداء بين النماذج الصينية المفتوحة والنماذج الأمريكية المغلقة هامشية جداً، بينما أصبح الفارق في معدلات الانتشار والاستخدام لصالح الطرف الصيني بشكل كاسح ومذهل.

منظومة متكاملة

يقوم التقدم التقني الصيني على منظومة واسعة تضم شركات ناشئة طموحة مثل "Moonshot AI" و"Z.ai" إلى جانب الكبار، حيث يقدم كل نموذج قدرات متخصصة تتراوح بين البرمجة المتقدمة والتفكير المنطقي المتسلسل، فنموذج "DeepSeek-R1" أحدث صدمة في الأسواق العالمية بقدرته الفائقة على حل المسائل الرياضية، بينما يتميز "Kimi-K2" بالتعامل مع السياقات الطويلة، مما يعكس تنوعاً برمجياً هائلاً يلبي كافة احتياجات الأسواق المختلفة حول العالم.

تُوجت هذه الجهود باختيار دول مثل سنغافورة لنموذج "Qwen3" ليكون الأساس التقني لنموذجها اللغوي الوطني، في رسالة واضحة على نجاح استراتيجية بكين في تقديم بدائل تكنولوجية عادلة وشاملة، وهكذا يمكن القول إن الصين قد تفوقت بطريقتها الخاصة عبر تحويل الذكاء الاصطناعي إلى بنية تحتية سيادية، تتقاطع فيها التكنولوجيا مع الاقتصاد والسياسة، لترسم ملامح مستقبل رقمي جديد تتعدد فيه الأقطاب وتتحرر فيه الابتكارات.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً