جوجل تطلق سلاح Gemini الجديد لمواجهة فوضى الفيديوهات المزيفة

تستهدف شركة جوجل العالمية تعزيز موثوقية المحتوى الرقمي عبر تحديث ثوري لنظام Gemini، حيث أعلنت الشركة عن توسيع قدرات ذكائها الاصطناعي لتشمل كشف المقاطع المرئية المولدة آلياً، وذلك في خطوة استباقية تهدف إلى محاصرة الأخبار المضللة التي اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي خلال عام ألفين وخمسة وعشرين بشكل غير مسبوق.

يواجه مستخدمو الإنترنت تحدياً حقيقياً في التمييز بين الواقع والخيال بسبب الجودة الفائقة للمحتوى البصري، وهو ما دفع جوجل لدمج تقنيات متطورة داخل تطبيقها تتيح للمستخدمين التحقق من صحة الفيديوهات المرفوعة، من خلال تحليل دقيق للمسارات الصوتية والبصرية للكشف عن أي تدخل بشري أو آلي غير معلن في تكوين المقطع المعروض.

تعتمد الآلية الجديدة على برمجيات ذكية تبحث عن علامات مائية رقمية غير مرئية للعين البشرية، حيث تعمل هذه التقنية على فحص بنية الفيديو وتحديد الأجزاء التي خضعت للتعديل أو الإنشاء الكلي، مما يمنح الجمهور أداة دفاعية قوية في بيئة رقمية أصبحت تضج بما يعرف بـ "نفايات الذكاء الاصطناعي" التي تشوه الحقائق وتضلل الرأي العام.

تقنية التحقق

تستخدم جوجل تقنية "SynthID" المتطورة كحجر زاوية في نظام التحقق الجديد الذي أطلقته مؤخراً، حيث تقوم هذه الأداة بمسح شامل للملفات بحثاً عن البصمات الرقمية المدمجة داخل البيانات الوصفية للفيديو، لتقدم للمستخدم تقريراً مفصلاً يحدد بالثواني الأجزاء التي تم إنتاجها بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي بدقة متناهية ووضوح تام.

تبدأ عملية التحقق بخطوات بسيطة تتمثل في رفع ملف الفيديو مباشرة إلى تطبيق Gemini وسؤاله عن مصدره، ليقوم النظام فوراً بمعالجة البيانات ومقارنتها بقواعد بيانات العلامات المائية التي تدعمها محركات جوجل الإبداعية، مما يوفر إجابات قاطعة حول ما إذا كان الصوت أو الصورة قد تعرضا للتزييف أو التحسين الآلي المتقدم.

تساعد هذه الميزة في كشف الأجزاء المزيفة حتى لو كانت مدمجة داخل مقطع فيديو حقيقي وطبيعي، حيث يحدد التقرير الناتج فترات زمنية محددة مثل اكتشاف تزييف صوتي بين الثانية العاشرة والعشرين من المقطع، وهو ما يمثل طفرة في دقة التحليل التي لم تكن متاحة للمستخدم العادي في السنوات الماضية عبر الأدوات التقليدية.

حدود الخدمة

تزامن إطلاق هذه القدرات الفنية مع الكشف عن نموذج "نانو بانانا برو" المتطور والداعم للغات متعددة، حيث أصبحت ميزة التحقق من الصور والفيديو متاحة الآن في كافة البلدان التي يدعمها التطبيق عالمياً، لتخدم قاعدة عريضة من الصحفيين والباحثين والمستخدمين العاديين الراغبين في التأكد من صدق ما يشاهدونه من محتوى مرئي.

تضع جوجل بعض القيود التقنية على الملفات المراد فحصها لضمان سرعة المعالجة ودقة النتائج النهائية، إذ يجب ألا يتجاوز حجم ملف الفيديو المرفوع مائة ميجابايت كحد أقصى لضمان سلاسة الرفع، كما يشترط النظام ألا تزيد المدة الزمنية للمقطع عن تسعين ثانية في المرحلة الحالية، لضمان إجراء مسح عميق لكافة الإطارات والمسارات الصوتية.

تتطلب هذه القيود من المستخدمين اختيار المقاطع الأكثر إثارة للشك بدلاً من رفع ملفات فيديو طويلة جداً، حيث تهدف الشركة من هذه المحددات إلى توفير خدمة فورية لا تستهلك موارد الحوسبة السحابية بشكل مفرط، مع الوعد بتحسين هذه السعات مستقبلاً لتشمل ملفات أضخم ومدداً زمنية أطول تتناسب مع احتياجات المحترفين في مجال التدقيق.

معضلة التوافق

تواجه ميزة جوجل الجديدة ثغرة جوهرية تتمثل في عدم شموليتها لكافة أدوات الذكاء الاصطناعي المنافسة، حيث أن قدرة Gemini على الكشف تقتصر حالياً على المحتوى الذي يحمل العلامة المائية الخاصة بتقنية SynthID، وهو ما يعني عجز النظام عن رصد الوسائط التي يتم توليدها عبر منصات شهيرة أخرى لا تلتزم بنفس المعايير الرقمية.

تفتقر منظومة الذكاء الاصطناعي العالمية حالياً إلى بروتوكول موحد للعلامات المائية يجمع كافة الشركات الكبرى، فعلى الرغم من دعم شركات مثل نيفيديا وهجينج فيس لهذه التقنية إلا أن العديد من المطورين المستقلين يتجاهلونها، مما يجعل من عملية ضبط فوضى المحتوى المزيف مهمة صعبة تتطلب تعاوناً دولياً واتفاقات ملزمة بين عمالقة التكنولوجيا.