السبت، 27 ديسمبر 2025

12:19 م

مايكروسوفت تهاجم جوجل كروم برسائل تسويقية تركز على الخصوصية

مايكروسوفت إيدج

مايكروسوفت إيدج

A A

تستعد شركة مايكروسوفت لخوض جولة جديدة من حرب المتصفحات العالمية، حيث أطلقت تحديثاً برمجياً لنظام ويندوز يتضمن تكتيكات هجومية تهدف إلى تقويض هيمنة متصفح "جوجل كروم"، وذلك عبر دفع المستخدمين نحو اعتماد متصفح "إيدج" كخيار أساسي ووحيد، من خلال خطاب تسويقي مكثف يركز على معايير الأمان الرقمي وحماية البيانات الشخصية.

تظهر للمستخدمين حالياً لافتات ترويجية ومنبثقة عند محاولة الوصول إلى صفحات تحميل المتصفحات المنافسة، إذ تهدف هذه الرسائل إلى إقناع الجمهور بأن متصفح "إيدج" يتفوق بمراحل في مجالات الحماية من التهديدات السيبرانية، وهو نهج يعكس رغبة الشركة في تغيير الانطباع الذهني لدى المستهلكين حول جودة أدواتها البرمجية مقارنة بالمنافسين التقليديين.

تتبع مايكروسوفت استراتيجية مشابهة لما تفعله شركة "أبل" مع متصفحها الافتراضي "سفاري"، حيث يتم الترويج للمنتج باعتباره الحصن المنيع ضد محاولات التتبع الخارجي وانتهاك الخصوصية، مما يضع المتصفحات الأخرى في موقف دفاعي أمام سيل المعلومات التي تركز على قدرة "إيدج" في مراقبة كلمات المرور وتأمين جلسات التصفح الخاصة.

أمان الخصوصية

تتجنب الشركة في حملتها الحالية الإشارة إلى أن متصفحها يعتمد تقنياً على محرك "كروميوم" ذاته الذي يشغل متصفح كروم، حيث اختارت التركيز على التميز في المزايا الأمنية المضافة بدلاً من التباهي بالتشابه التقني، وهي خطوة ذكية تستهدف جذب المستخدمين القلقين من سياسات جمع البيانات التي تنتهجها الشركات الكبرى في الوقت الحالي.

تطلق مايكروسوفت بالتزامن مع هذه الحملة منصة إلكترونية متكاملة تحت مسمى السلامة على الإنترنت، إذ يتم توجيه المتصفحين تلقائياً إليها عند النقر على روابط الأمان داخل نظام التشغيل، لتقديم إرشادات ونصائح تدعم فكرة أن البقاء داخل منظومة ويندوز هو الخيار الأكثر حماية وسلامة للمستخدم ولعائلته أثناء الإبحار في الشبكة.

تعزز هذه التحركات من مفهوم الأنظمة المغلقة التي تسعى كبرى شركات التكنولوجيا لفرضها على العالم الرقمي، حيث تحاول كل شركة إبقاء العميل داخل دائرة خدماتها عبر تصدير هواجس الأمان كأداة ضغط تسويقية، مما يحد من فرص الشركات الناشئة أو المتصفحات المستقلة في المنافسة العادلة داخل سوق تهيمن عليه المصالح الاقتصادية الكبرى.

صراع المتصفحات

أثار هذا السلوك العدائي موجة واسعة من الانتقادات الرسمية من قبل "تحالف حرية اختيار المتصفحات"، حيث اتهمت الجهات المطورة للمتصفحات المنافسة شركة مايكروسوفت باستخدام أساليب مضللة للتأثير على قرارات الأفراد، واعتبرت أن هذه الممارسات تضر بمبادئ المنافسة الحرة وتجبر المستخدمين على مسارات برمجية لا يرغبون فيها.

تؤكد جوجل أن مثل هذه الرسائل التسويقية المدمجة داخل نظام التشغيل تمثل استغلالاً واضحاً لمنصة ويندوز، إذ يتم توظيف سيطرة مايكروسوفت على أنظمة الحاسوب لتوجيه المستخدمين قسراً نحو منتجاتها، وهو أمر قد يفتح الباب مجدداً أمام ملاحقات قضائية تتعلق بالاحتكار التجاري والإضرار بحقوق المستهلك في اختيار البرمجيات التي تناسبه.

يرى الخبراء أن هذه المعركة التقنية ستزداد شراسة مع تزايد أهمية البيانات في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث تسعى الشركات للسيطرة على المتصفح باعتباره البوابة الرئيسية لجمع المعلومات وفهم سلوك المستخدم، مما يجعل من الاستحواذ على حصة سوقية أكبر هدفاً حيوياً يبرر استخدام كافة الوسائل الترويجية الممكنة والمثيرة للجدل.

حماية المستخدم

تستهدف مايكروسوفت من خلال هذه الخطوات ضمان ولاء مستخدمي ويندوز إحدى عشر لسنوات قادمة، عبر دمج خدماتها بشكل لا يقبل الفصل داخل بيئة العمل اليومية، وهو ما يجعل من الصعب على الشخص العادي التخلي عن المتصفح الافتراضي الذي يتمتع بصلاحيات وصول واسعة، ومزايا حصرية يتم حجبها عن المتصفحات الخارجية المنافسة.

تستغل الشركة مخاوف الجمهور من الاختراقات الأمنية المتزايدة لتسويق "إيدج" كدرع واقٍ لا يمكن الاستغناء عنه، وهو ما قد ينجح في استقطاب شريحة واسعة من غير المتخصصين الذين يبحثون عن البساطة والأمان، دون النظر إلى التعقيدات التقنية أو الصراعات التجارية التي تدور خلف كواليس وادي السيليكون بين عمالقة التكنولوجيا.

يظل المستخدم النهائي هو الضحية أو المستفيد الأكبر من هذا الصراع المحموم على السيادة الرقمية، فبينما توفر هذه المنافسة أدوات أمان متطورة ومزايا برمجية مجانية للجميع، إلا أنها في المقابل تضيق الخناق على التنوع البرمجي، وتفرض قيوداً غير مباشرة على حرية الانتقال بين المنصات المختلفة في ظل الهيمنة المتزايدة للشركات الكبرى.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً