تحديات البنية التحتية تعرقل سرعة انتشار الجيل الخامس في مصر
الجيل الخامس
تواجه تكنولوجيا الجيل الخامس في السوق المصري تحديات جسيمة تتعلق بضخامة الاستثمارات المطلوبة لتطوير البنية التحتية الرقمية، حيث تبلغ تكلفة إنشاء المحطة الواحدة ما يقارب ثلاثمائة ألف دولار، وهو ما يضع ضغوطاً مالية هائلة على شركات المحمول التي ما زالت تكافح لاسترداد عوائد استثماراتها الضخمة في شبكات الجيل الرابع الحالية.
تتطلب التقنية الجديدة بناء منظومة متكاملة من الأبراج ومحطات الإرسال تتجاوز في كثافتها ما كان متبعاً في الأجيال السابقة، إذ تحتاج الترددات العالية للجيل الخامس إلى تقارب مكاني بين نقاط البث لضمان استقرار الخدمة، مما يعني ضرورة مضاعفة عدد الأبراج في المناطق الحضرية المكتظة، وهو أمر يرفع كلفة التشغيل والصيانة السنوية لشركات الاتصالات.
تتصدر شركات "وي" وفودافون وأورنج المشهد الساعي لتجاوز هذه العقبات الإنشائية واللوجستية المعقدة في المدن الكبرى، حيث يتطلب الأمر الحصول على تصاريح بناء واسعة وتوفير موارد طاقة مستدامة لتشغيل الآلاف من المحطات الصغيرة، مما يجعل رحلة التحول نحو السرعات الفائقة محفوفة بالتكاليف الرأسمالية التي قد تثقل كاهل الميزانيات المخصصة للتوسع التقني.
عوائق مادية
يبرز تسعير الخدمات للمستخدم النهائي كواحد من أهم التحديات التي قد تؤخر التبني الواسع النطاق لهذه التكنولوجيا المتطورة، فالتجارب في الأسواق الناشئة المشابهة تشير إلى أن أسعار باقات الجيل الخامس تفوق مثيلاتها في الجيل الرابع بنسب تتراوح بين عشرين وأربعين بالمائة، وهو فارق سعري قد لا يتناسب مع القوة الشرائية المتاحة حالياً.

تثير الحساسية السعرية المرتفعة لدى المستهلك المصري تساؤلات جدية حول مدى نجاح تسويق هذه الباقات المرتفعة التكاليف، خاصة في ظل تصاعد أعباء المعيشة وتفضيل الأغلبية للخدمات الأساسية ذات السعر المنخفض، مما يدفع المشغلين إلى التفكير في نماذج تسعير مرنة أو باقات متخصصة لقطاع الأعمال لضمان استمرارية التدفقات النقدية.
تعتمد قدرة السوق على استيعاب التكاليف الجديدة على مدى توفر محفزات اقتصادية وتسهيلات ائتمانية للمشتركين والشركات على حد سواء، إذ إن غياب السياسات التحفيزية قد يؤدي إلى بقاء الخدمة محصورة في فئات محدودة، مما يعيق تحقيق الأهداف القومية للتحول الرقمي الشامل الذي تسعى الدولة لتنفيذه ضمن رؤيتها الاستراتيجية للمستقبل.
أجهزة باهظة
يصطدم انتشار الجيل الخامس بمعضلة أخرى تتعلق بأسعار الهواتف الذكية المتوافقة مع هذه التقنية والمنتشرة في المتاجر، حيث تزيد أثمان هذه الأجهزة بنسب تصل إلى خمسين بالمائة عن متوسط أسعار هواتف الجيل الرابع التقليدية، مما يجعل عملية اقتنائها من قبل الفئات المتوسطة والشباب أمراً يحتاج إلى خطط تمويل طويلة الأمد.
تبذل شركات عالمية مثل سامسونج وشاومي جهوداً حثيثة لتوفير هواتف اقتصادية تدعم شبكات الجيل الخامس لكسر حاجز الأسعار المرتفعة، إلا أن السوق المحلي لا يزال يعاني من فجوة كبيرة بين العرض والطلب، وهو ما يتطلب تدخلاً عبر تخفيضات ضريبية على الأجهزة الداعمة للتقنيات الحديثة لتشجيع المستخدمين على الانتقال للنظام الجديد.
تظل عملية توسيع قاعدة المشتركين مرهونة بتوفر بيئة تكنولوجية متكاملة تشمل الأجهزة والشبكات والأسعار التنافسية في آن واحد، وبدون توازن هذه العناصر الثلاثة سيبقى الجيل الخامس مجرد رفاهية تقنية تنتظر الوقت المناسب للنضوج، وهو ما يفرض على الجهات التنظيمية وشركات المحمول التعاون لابتكار حلول تمويلية تناسب طبيعة الدخل في مصر.
حلول استراتيجية
تستوجب المرحلة المقبلة تبني رؤية استثمارية مختلفة تركز على المشاركة في البنية التحتية بين الشركات لتقليل النفقات العامة، حيث يمكن للمشغلين تقاسم الأبراج ومحطات الإرسال بدلاً من الانفراد ببناء شبكات مستقلة ومكلفة، مما يساهم في تسريع عملية التغطية الجغرافية ويقلل من الأثر البيئي والبصري لانتشار الأبراج في الأحياء السكنية.
تتوقع التقارير أن يلعب قطاع الأعمال والدفع نحو المدن الذكية دوراً محورياً في قيادة الطلب الأولي على خدمات الجيل الخامس، حيث تحتاج المصانع والمستشفيات والموانئ إلى سرعات استجابة فائقة لا توفرها الأجيال السابقة، مما يخلق عوائد مالية تساعد الشركات على تغطية تكاليف البناء الأساسية وتوسيع الخدمة للأفراد لاحقاً.
ينتهي المطاف بالجيل الخامس ليكون المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي الرقمي في حال تم تجاوز عقبات البداية بنجاح، إذ إن الاستثمار في هذه الشبكات هو استثمار في المستقبل القريب الذي سيعتمد كلياً على إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، وهي مجالات تتطلب بنية تحتية صلبة لا يمكن بناؤها دون مواجهة هذه التحديات الحالية بكل حزم.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً