ميتا توقف نظام Horizon OS وتتجه بقوة نحو الذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة ميتا العالمية عن قرارها المفاجئ بوقف برنامج إتاحة نظام التشغيل Horizon OS للمصنعين الخارجيين، حيث يمثل هذا النظام النواة البرمجية الأساسية التي تعتمد عليها نظارات Quest الشهيرة للواقع المختلط، في خطوة تعكس تحولاً جذرياً في بوصلة الاستثمارات التقنية للشركة خلال عام 2025 الحالي.

يعكس هذا القرار تراجعاً واضحاً في استراتيجية دعم رؤية الميتافيرس التي تبناها مارك زوكربيرج سابقاً، إذ كان يطمح لتوفير النظام لشركات متعددة بهدف خلق جيل متنوع من أجهزة الواقع الافتراضي، بما يضمن للمستخدمين طرقاً متعددة للدخول إلى العوالم الرقمية وتوسيع قاعدة الانتشار السريع لهذه المنظومة الافتراضية الطموحة.

أوضح المتحدث الرسمي باسم الشركة لموقع TechCrunch أن الخطوة تهدف لتركيز الجهود على تطوير العتاد والبرمجيات الداخلية، وذلك لضمان تقديم تجربة استخدام عالية الجودة تليق بمكانة الشركة الرائدة في سوق الواقع المعزز، مع التأكيد على الالتزام طويل الأمد بالاستثمار في هذا المجال رغم تغيير آليات التعاون الخارجي.

تغيير الأولويات

كشفت ميتا في شهر أبريل الماضي عن خطط طموحة لفتح نظام Horizon OS أمام عمالقة التصنيع مثل أسوس ولينوفو، بل وأشارت التوقعات حينها إلى تعاون مرتقب مع إكس بوكس لتطوير نظارات متخصصة تعتمد على ذات النظام البرمجي، بهدف منافسة الأنظمة المغلقة الأخرى التي تسيطر على سوق الإلكترونيات القابلة للارتداء حالياً.

ظلت هذه الإعلانات الحماسية دون تطورات ملموسة على أرض الواقع طوال الأشهر الماضية من العام، ورغم تأكيدات الشركة في مؤتمر Connect بسبتمبر الماضي على استمرار المحادثات مع الشركاء، إلا أن الواقع الداخلي كان يشير إلى توجه مختلف يضع مشاريع الميتافيرس في مرتبة ثانوية خلف طفرة الذكاء الاصطناعي.

يصنف نظام Horizon OS كمنصة متطورة تدعم التفاعل الاجتماعي عبر تقنيات دقيقة لتتبع حركة اليدين والعينين والوجه، ولكن إطلاقه في توقيت كانت تروج فيه ميتا للميتافيرس كمستقبل وحيد للبشرية جعل مصيره مرتبطاً بمدى تقبل الجمهور لهذه الرؤية، وهي الرؤية التي خفتت بريقها أمام الانفجار المعرفي والتقني للنماذج الذكية.

صعود الذكاء

يتجه اهتمام الفرق التنفيذية في ميتا حالياً وبشكل متزايد نحو تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث ترى الإدارة العليا أن هذا القطاع يمتلك فرصاً استثمارية أسرع وأكثر ربحية من العوالم الافتراضية، مما أدى لتقليص الميزانيات المخصصة لفرق تطوير الأنظمة المفتوحة وتوجيهها لدعم البنية التحتية للحوسبة الذكية المتطورة.

تسبب هذا التحول الاستراتيجي في إثارة القلق بين المطورين الذين استثمروا أوقاتهم في بناء تطبيقات لنظام Horizon OS، إذ يخشى الكثيرون من تكرار سيناريوهات الأنظمة المهجورة التي تفقد دعم الشركات الأم بمرور الوقت، رغم وعود ميتا بأنها ستواصل تحسين نظامها لنظاراتها الخاصة دون إغلاق الباب تماماً أمام الشراكات المستقبلية المحتملة.

تؤكد التقارير التقنية أن ميتا تحاول حالياً إيجاد توازن صعب بين طموحاتها في الواقع المختلط وضرورات المنافسة في سباق الذكاء الاصطناعي، فالقرار الأخير بوقف ترخيص النظام لا يعني بالضرورة موت الميتافيرس، بل يعني تحويله إلى نظام مغلق تسيطر عليه الشركة تماماً لضمان جودة التجربة وتحقيق أقصى استفادة من مبيعات أجهزتها الخاصة.

رؤية بديلة

تستهدف ميتا من خلال قصر نظام التشغيل على أجهزتها الداخلية تقليل الفجوة التقنية مع المنافسين المباشرين، حيث تمنحها هذه الخطوة سيطرة كاملة على دمج البرمجيات مع العتاد الصلب دون الحاجة لمراعاة توافقات الأنظمة مع شركات أخرى، وهو ما قد يؤدي لإطلاق نظارات Quest بمواصفات ثورية وتكامل أعمق مع ميزات الذكاء الاصطناعي.

ينبئ هذا التراجع عن فكرة النظام المفتوح بظهور عصر جديد من الأجهزة التي تركز على الإنتاجية والعمل أكثر من الترفيه الافتراضي، فالتوجه الحالي يميل نحو دمج الأدوات الذكية داخل نظارات الواقع المختلط لتصبح بديلاً حقيقياً للحواسيب التقليدية، وهو مسار يتطلب تركيزاً تقنياً عالياً لا يمكن تحقيقه مع تشتيت الجهود في شراكات تصنيع خارجية.