الإثنين، 29 ديسمبر 2025

01:44 م

مخاطر برمجية تلاحق الأكواد المولدة بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي

أكواد الذكاء الاصطناعي

أكواد الذكاء الاصطناعي

A A

كشفت دراسة حديثة أجرتها شركة CodeRabbit المتخصصة في تحليل البرمجيات، أن الاعتماد المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة الأكواد لا يخلو من مخاطر أمنية جسيمة، إذ أظهرت البيانات الرقمية أن الكود المولد آلياً يحتوي على عدد أكبر من الثغرات مقارنة بالكود الذي يكتبه المطورون البشر، مما يضع الشركات أمام تحديات تقنية جديدة تتطلب رقابة بشرية صارمة لضمان سلامة الأنظمة المعلوماتية.

سجل التقرير الفني أرقاماً دقيقة حول جودة المخرجات البرمجية في عام 2025، حيث بلغ متوسط المشكلات في طلبات الدمج التي ينتجها الذكاء الاصطناعي نحو 10.83 مشكلة، بينما انخفض هذا الرقم ليصل إلى 6.45 مشكلة فقط في الأكواد التي صاغها المبرمجون يدوياً، وهو ما يعكس فجوة واضحة في فهم السياق البرمجي العميق وتجنب الأخطاء المنطقية المتكررة في الأنظمة المعقدة.

أظهرت الإحصائيات ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات المشكلات الخطيرة التي تهدد استقرار البرامج، بزيادة قدرها 1.4 مرة في المشكلات المصنفة كحالات حرجة، و1.7 مرة في المشكلات الكبرى التي قد تؤدي إلى توقف الخدمات، مما يشير إلى أن الآلة لا تزال تفتقر إلى الحس الأمني الاستباقي الذي يمتلكه المحترفون، والذين يدركون طبيعة التهديدات السيبرانية المتغيرة التي تستهدف البنى التحتية الرقمية.

ثغرات أمنية

تتركز أهم المعضلات المرتبطة بالكود المولد آلياً في محاور رئيسية تمس جوهر الأمان المعلوماتي، ويأتي في مقدمتها ضعف حماية كلمات المرور واستخدام مراجع برمجية غير آمنة تفتح الباب أمام المخترقين، بالإضافة إلى تزايد ثغرات هجمات XSS المعروفة ومخاطر إلغاء التسلسل غير الآمن للبيانات، وهي عيوب تقنية قد تؤدي في حال تجاهلها إلى اختراقات مدمرة لقواعد البيانات الحساسة.

شملت التحذيرات الفنية جوانب الأداء والمنطق البرمجي التي تعاني من قصور واضح عند الاعتماد الكلي على الآلة، إلى جانب تحديات كبرى تتعلق بجودة الكود وقابليته للصيانة والتنظيم على المدى الطويل، حيث تفتقر الأكواد المولدة بالذكاء الاصطناعي أحياناً إلى الهيكلة المنطقية التي تسهل على المطورين الآخرين فهمها أو تعديلها، مما يزيد من تكلفة الدعم الفني لاحقاً.

ساهم الذكاء الاصطناعي رغم هذه المخاطر في تحسين بعض الجوانب الثانوية في عملية التطوير، إذ نجحت هذه الأدوات في تقليل الأخطاء الإملائية واللغوية بنسبة أقل بنحو 1.76 مرة مقارنة بالبشر، كما خفضت مشكلات اختبار الكود بمعدل 1.32 مرة، وهو ما يشير إلى أن القوة الحقيقية لهذه التقنيات تكمن في ضبط التفاصيل الشكلية والمهام الروتينية المتكررة التي تستهلك وقت المطور.

إنتاجية حذرة

أكد ديفيد لوكر، مدير قطاع الذكاء الاصطناعي في الشركة صاحبة الدراسة، أن هذه الأدوات تعزز الإنتاجية البرمجية بشكل ملموس وسريع، لكنها في الوقت ذاته تخلق نقاط ضعف تقنية يمكن التنبؤ بها مسبقاً من قبل المهاجمين، مما يفرض على المؤسسات التقنية التعامل مع هذه المخرجات بوعي كامل وإدارة نشطة، وتجنب الثقة المطلقة في النتائج الآلية دون مراجعة دقيقة.

تخلص الدراسة إلى حقيقة مفادها أن الكود المولد بالذكاء الاصطناعي لا يمكن اعتباره بديلاً كاملاً عن المطور البشري، بل يحتاج إلى عملية تدقيق ومراجعة شاملة لضمان توافقه مع معايير الأمان والجودة العالمية، حيث يتحول دور المبرمجين تدريجياً من كتابة الأسطر البرمجية البسيطة نحو الإشراف الهندسي العام، والمصادقة على صحة المسارات المنطقية التي تقترحها النماذج الذكية.

تساعد هذه الأدوات في تسريع المراحل الأولية من بناء المشاريع البرمجية الضخمة بشكل ملحوظ، ولكنها تظل بحاجة إلى لمسة إنسانية تدرك الأبعاد الأمنية والوظيفية لكل سطر برمجي، خاصة في القطاعات الحساسة مثل البنوك والصحة والدفاع، حيث لا يمكن القبول بهامش خطأ قد يؤدي إلى كوارث معلوماتية، مما يجعل التوازن بين السرعة والمنطق البشري هو الحل الأمثل.

رقابة بشرية

يتوقع الباحثون تراجع معدلات الأخطاء البرمجية في المستقبل مع التطور المستمر لنماذج الذكاء الاصطناعي، مثل عائلة نماذج GPT وGemini، إلا أن العنصر البشري يظل هو العامل الحاسم والوحيد لضمان موثوقية البرمجيات في مواجهة التحديات الواقعية، فالتطور التقني يجب أن يسير جنباً إلى جنب مع تعزيز مهارات المراجعة الأمنية لدى الكوادر البشرية العاملة في هذا المجال.

يواجه المبرمجون اليوم ضرورة تعلم مهارات جديدة تتعلق بكيفية توجيه الذكاء الاصطناعي لصياغة أكواد أكثر أماناً، وذلك عبر كتابة أوامر دقيقة تتضمن معايير الحماية المطلوبة منذ البداية، مما يقلل من فرص ظهور الثغرات الحرجة التي رصدتها الدراسة، ويحول العلاقة بين الإنسان والآلة إلى شراكة تقنية متوازنة تخدم أهداف العمل دون المساس بسلامة المستخدمين.

تثبت هذه الدراسة أن الذكاء الاصطناعي هو وسيلة مساعدة قوية وليس غاية في حد ذاته، فالحفاظ على ريادة السوق يتطلب ابتكاراً لا تملكه الآلات حتى الآن، وهو القدرة على ابتكار حلول برمجية فريدة تخرج عن الأنماط المألوفة والمحفوظة في قواعد بيانات التدريب، مما يضمن بقاء المبرمج البشري في قلب العملية الإبداعية مهما بلغت درجة تقدم الخوارزميات الذكية.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً