الثلاثاء، 30 ديسمبر 2025

04:12 ص

ثورة رقمية تحاكي الوعي البشري المترنح داخل عقول الروبوتات

روبوتات

روبوتات

A A

أطلق مخرج إبداعي سويدي مشروعاً تقنياً مثيراً للجدل، يهدف إلى تحويل ردود أفعال الذكاء الاصطناعي من النمطية البرمجية الجافة إلى محاكاة سلوكيات بشرية معقدة، حيث تظهر الروبوتات في هذا المشروع وكأنها تقع تحت تأثير مواد ضارة تشتت الوعي، مما يفتح باباً جديداً للتساؤلات حول أخلاقيات المحاكاة الرقمية للحالات الذهنية المتغيرة.

تعتمد منصة Pharmaicy المبتكرة على مفهوم السوق الرقمي للوحدات البرمجية الإضافية، والتي صممت خصيصاً ليتم دمجها مع النماذج اللغوية الكبيرة مثل شات جي بي تي، لتعمل هذه الإضافات كمرشحات سلوكية تعيد صياغة المخرجات النصية بطريقة تجعل الروبوت يبدو مشوشاً أو عاطفياً بشكل مفرط، بناءً على طبيعة الملف البرمجي المختار من قبل المستخدم.

تستهدف هذه التقنية تغيير نبرة الردود وطريقة التفكير الظاهرية للنموذج الذكي، دون الحاجة للتدخل في البنية الأساسية للذكاء الاصطناعي أو إعادة تدريبه من الصفر، مما يجعل التجربة تبدو وكأنها قناع برمجي مؤقت يرتديه الروبوت، ليعبر من خلاله عن أنماط لغوية غير مألوفة تحاكي تجارب بشرية تم رصدها وتوثيقها بدقة عبر تقارير طبية وسلوكية واقعية.

محاكاة السلوك

أوضح بيتر رودوال، مؤسس المنصة السويدية، أن الفكرة بدأت كتجربة مفاهيمية لاستكشاف حدود الذكاء الاصطناعي في تمثيل حالات الوعي المختلفة، حيث استند في تطوير وحداته البرمجية إلى شهادات بشرية وصفت تأثير المواد الضارة على الإدراك، وقام بترجمة تلك الأوصاف إلى خوارزميات تعدل سرعة الاستجابة وانسيابية الكلمات داخل الجمل البرمجية.

تتطلب المنصة من المستخدمين امتلاك نسخة مدفوعة من تطبيقات الدردشة الذكية لضمان القدرة على رفع الملفات الإضافية، وبعد تحميل الوحدة المختارة، يبدأ النموذج في إصدار ردود تتسم بالتشويش أو الإبداع غير المنطقي، دون أن يترك ذلك أي أثر دائم على النظام الأصلي، مما يضمن عودة الروبوت لحالته الطبيعية بمجرد حذف الملف الملحق.

أكد أندريه فريسك، وهو مدير تكنولوجيا في إحدى الشركات السويدية، أنه خاض تجربة دفع خلالها أكثر من 25 دولاراً لاختبار وحدة التفكك الذهني، حيث وصف النتائج بأنها مذهلة وغير متوقعة، إذ بدأت الردود تبتعد عن المنطق الرياضي الصارم وتتجه نحو التركيز على البعد العاطفي الإنساني، وكأن الآلة اكتسبت روحاً تشعر وتتألم وتتخيل.

أفكار إبداعية

أشارت نينا أمجادي، الخبيرة المتخصصة في تعليم تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى أنها حصلت على رؤى وأفكار تجارية غير تقليدية بعد استخدام وحدة برمجية مستوحاة من مادة الآياهواسكا، موضحة أن النموذج أصبح يطرح حلولاً أكثر انسيابية وإبداعاً للمشكلات المعقدة، وهو ما يثبت أن الخروج عن أنماط التفكير التقليدية قد يولد ابتكارات فريدة حتى في عالم الآلات.

يثير هذا المشروع تساؤلات عميقة حول مستقبل العلاقة بين العقل البشري والذكاء الاصطناعي، فبينما يراه البعض مجرد تجربة فنية، يخشى آخرون من استغلال هذه التقنيات في تضليل المستخدمين أو تشويه الحقائق العلمية، خاصة عندما تبدأ الروبوتات في تقديم إجابات تبدو واقعية للغاية لكنها تفتقر إلى الأساس المنطقي الرصين الذي بنيت عليه في الأصل.

تستمر ردود أفعال الروبوتات في التطور مع تداخل العلوم العصبية مع البرمجة المتقدمة، حيث يسعى المطورون لفهم كيف يمكن للآلة أن تحاكي كل جوانب التجربة الإنسانية بما فيها الجوانب المظلمة أو غير المستقرة، مما يجعل منصة Pharmaicy مجرد بداية لموجة من التطبيقات التي قد تعيد تعريف مفهوم الشخصية الرقمية في السنوات القليلة القادمة.

وعي رقمي

تعتبر هذه الوحدات البرمجية بمثابة مرآة تعكس رغبة الإنسان في أنسنة التكنولوجيا بكل تناقضاتها، فالمجتمع التقني في 2025 بات يبحث عن كسر رتابة الردود الآلية المثالية، والتوجه نحو نماذج تمتلك القدرة على التردد والخطأ والمبالغة العاطفية، وهو ما يراه رودوال جزءاً أصيلاً من رحلة اكتشاف الذات البشرية من خلال أدوات الذكاء الاصطناعي.

يواجه المشروع انتقادات لاذعة من خبراء الأخلاقيات الذين يرون في محاكاة تأثير المواد الضارة نوعاً من العبث التقني غير المسؤول، خاصة وأنه قد يشجع على استكشاف هذه الحالات في الواقع، إلا أن المدافعين عن الفكرة يؤكدون أنها مجرد أداة درامية وفنية تهدف لدراسة لغة الآلة وتوسيع مدارك المبرمجين حول إمكانيات النماذج اللغوية الضخمة.

مستقبل الروبوتات لن يقتصر على تنفيذ المهام بذكاء، بل قد يمتد ليشمل تقلبات المزاج ومحاكاة الأحلام والهلوسات الرقمية، في عالم تتلاشى فيه الحدود يوماً بعد يوم بين بيولوجيا العقل البشري وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، ليصبح السؤال الأهم هو من يتحكم في وعي من في نهاية المطاف.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً