الجمعة، 26 ديسمبر 2025

04:33 ص

رهان زوكربيرج الملياري على الذكاء الاصطناعي يثير الجدل

زوكربيرج

زوكربيرج

ياسين عبد العزيز

A A

يخوض مارك زوكربيرج، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ميتا، واحدة من أكثر المغامرات التقنية جرأةً في تاريخه المهني، حيث يسعى بكل قوته لتحويل إمبراطورية التواصل الاجتماعي إلى قوة عظمى تقود قطاع الذكاء الاصطناعي العالمي، منافساً بذلك عمالقة مثل جوجل وOpenAI عبر ضخ استثمارات مالية هائلة تتجاوز كافة التوقعات الاقتصادية السابقة والتقليدية.

بذل زوكربيرج خلال الصيف الماضي جهوداً شخصية استثنائية لاستقطاب نوابغ البرمجة والباحثين من الشركات المنافسة، إذ وصلت محاولاته إلى تقديم عروض مالية وُصفت بالفلكية وتوصيل وجبات منزلية بنفسه لضمان موافقتهم، مما يعكس حجم الرهان المصيري الذي يضعه على تطوير ما يسمى بالذكاء الفائق الشخصي، ليكون رفيقاً رقمياً ذكياً يتجاوز القدرات البشرية المعهودة حالياً.

يضخ العملاق التقني مليارات الدولارات لبناء بنية تحتية رقمية ضخمة تضم مراكز بيانات متطورة مجهزة بأحدث الرقاقات الإلكترونية، بالتوازي مع تقديم حوافز توقيع لعقود الباحثين المرموقين من شركات آبل ومايكروسوفت تصل لنحو مائة مليون دولار للأسماء البارزة، في خطوة تهدف لتقليص الفوارق التقنية مع المنافسين واستعادة صورة زوكربيرج كرائد للابتكار التكنولوجي العالمي.

اضطرابات داخلية

كثف زوكربيرج تحركاته العلنية للتقارب مع الإدارة السياسية الحالية في واشنطن لتقليل العوائق التنظيمية التي قد تعترض مشروعه الجديد، حيث تضمنت هذه التحركات تخفيف سياسات الإشراف على المحتوى الرقمي في منصاته، وهو ما فسره الخبراء والمراقبون كمحاولة ذكية لاسترضاء التيارات المؤثرة وضمان بيئة تشريعية مرنة تسمح بنمو نماذج الذكاء الاصطناعي دون قيود صارمة ومقيدة.

شهدت شركة ميتا بسبب هذه التحولات الجذرية اضطرابات داخلية واسعة النطاق لم تعهدها منذ تأسيسها قبل نحو عشرين عاماً، حيث ترافقت الاستثمارات الجديدة مع موجات تسريح للموظفين وإعادة هيكلة متكررة للمناصب التنفيذية، مما خلق حالة من القلق لدى المستثمرين الذين يراقبون تصاعد الإنفاق السنوي الذي وصل لنحو سبعين مليار دولار خلال العام الجاري وحده.

حذر المحللون الماليون من استمرار هذا النزيف المالي الذي قد يتجاوز مائة مليار دولار بحلول العام المقبل، خاصة بعد تراجع القيمة السوقية للشركة بنحو مائتي وثمانية مليارات دولار عقب إعلان النتائج الأخيرة، مما يضع ضغوطاً هائلة على الإدارة لإثبات جدوى هذه النفقات وتحويلها إلى عوائد ربحية ملموسة تعوض الخسائر الفادحة التي تسبب بها مشروع الميتافيرس السابق.

رهان المستقبل

يراهن مختبر ميتا البحثي الجديد على إطلاق نموذج ذكاء اصطناعي متطور يحمل الاسم الرمزي "أفوكادو" مطلع العام المقبل، حيث يتم تطوير هذا النموذج من الصفر كلياً ليكون المنافس الأول لمحرك "Gemini" الخاص بشركة جوجل، مع طموحات واسعة للحاق بركب النماذج الأكثر ذكاءً بحلول الصيف، وتجاوز الإخفاقات التي شابت نماذج "Llama" السابقة التي لم تحقق الانتشار المطلوب.

عيّن زوكربيرج الشاب الطموح ألكسندر وانغ لقيادة مختبر الذكاء الفائق الجديد في محاولة لضخ دماء جديدة في عروق الشركة، إلا أن تقارير داخلية بدأت تتحدث عن توترات متصاعدة بين الرجلين بسبب أسلوب الإدارة الدقيقة الذي يتبعه زوكربيرج، مما أدى لمغادرة كفاءات تاريخية مرموقة مثل العالم يان لوكون، الحائز على جائزة تورنغ العالمية في علوم الحاسب والذكاء الاصطناعي.

لجأت ميتا لأدوات تمويل غير تقليدية لتغطية تكاليف بناء مراكز بيانات عملاقة في لويزيانا عبر إصدار سندات بمليارات الدولارات، في محاولة لإبقاء هذه الديون الضخمة خارج الميزانية الرسمية للشركة لتقليل الضغط على السهم، بينما تظل التحديات المتعلقة بثقة المستخدمين قائمة بقوة، خاصة بعد الانتقادات الواسعة التي طالت سياسات المحادثات الرومانسية بين الروبوتات والأطفال الصغار.

معركة الثقة

يرى خبراء الصناعة أن التفوق في سباق الذكاء الاصطناعي لا يتوقف على حجم المحفظة المالية أو عدد الخوارزميات المعقدة فحسب، بل يتطلب بناء جسور من الثقة مع المشرعين والمجتمعات حول العالم لضمان سلامة الاستخدام، وهي المعركة الأخلاقية التي قد تكون أصعب بكثير من التحديات التقنية التي تواجه زوكربيرج وفريقه البرمجي الطموح في ظل التنافس المحتدم والشرس جداً.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً