جوجل تطلق ثورة "الاقتراحات السياقية" لكافة مستخدمي هواتف أندرويد

تستعد شركة جوجل لإحداث نقلة نوعية في تجربة استخدام الهواتف الذكية، عبر توسيع ميزة Magic Cue التي كانت حصرية لهواتف Pixel 10 لتشمل كافة أجهزة أندرويد تحت مسمى جديد هو Contextual Suggestions، حيث تهدف هذه الخطوة لتزويد المستخدمين باقتراحات ذكية وتفاعلية مستمدة من تطبيقاتهم وخدماتهم المفضلة، وذلك بناءً على تحليل دقيق لأنشطتهم اليومية ومواقعهم الجغرافية المتغيرة باستمرار.

تمنح الميزة الجديدة هاتفك القدرة على فهم سياق حياتك بذكاء مذهل، فقد يقترح عليك تطبيق الموسيقى قائمة تشغيل حماسية بمجرد وصولك إلى النادي الرياضي، أو يبادر باقتراح بث مباراة كرة قدم على شاشة التلفاز في موعدها المعتاد الذي تتابعه فيه، مما يجعل الجهاز شريكاً رقمياً استباقياً يتوقع احتياجاتك قبل أن تطلبها، ويوفر عليك عناء البحث اليدوي وسط القوائم والتطبيقات المتعددة.

تعتمد هذه التقنية المتطورة على معالجة البيانات المشفرة والمخزنة محلياً على الجهاز فقط، حيث أكدت جوجل التزامها الصارم بخصوصية المستخدم عبر عدم مشاركة هذه المعلومات مع أي تطبيقات خارجية أو حتى مع خوادم الشركة نفسها، وتظل كافة البيانات حبيسة الهاتف ولا تخرج منه إلا بموافقة صريحة من المستخدم، مما يضمن أماناً رقمياً فائقاً يتماشى مع معايير الحماية العالمية.

خصوصية البيانات

تتعلم خوارزميات الذكاء الاصطناعي من أنماط سلوكك اليومي لتقديم توقعات دقيقة ومفيدة، بينما تظل التطبيقات والخدمات معزولة تماماً عن الوصول إلى البيانات الخام، حيث تكتفي باستخدام التوقعات النهائية فقط لتقديم الاقتراح المناسب في الوقت المثالي، وهو ما يمنع استغلال النشاط الشخصي في الإعلانات الموجهة أو انتهاك الخصوصية، ويحقق توازناً مثالياً بين الفائدة التقنية والأمان المعلوماتي للمستخدمين.

توفر جوجل للمستخدم تحكماً كاملاً في سجل نشاطه الرقمي داخل هذه الميزة، إذ يمكن حذف كافة البيانات المخزنة في أي وقت يراه المستخدم مناسباً، كما يتم تفعيل خاصية الحذف التلقائي للبيانات بعد مرور 60 يوماً من تخزينها، لضمان عدم تراكم المعلومات القديمة وتحديث نموذج التوقعات باستمرار بما يتناسب مع التغيرات في نمط حياة الفرد، وهو ما يعكس مرونة النظام وقدرته على التكيف.

تتاح ميزة Contextual Suggestions حالياً لمجموعة محدودة من المختبرين حول العالم، وذلك ضمن أحدث نسخة تجريبية من تطبيق Google Play Services تمهيداً لإطلاقها الرسمي، ومن المتوقع أن تتوسع تدريجياً لتشمل مئات الملايين من المستخدمين، حيث تراهن جوجل على أن هذه الميزة ستغير شكل التفاعل مع نظام أندرويد، وتجعله أكثر ذكاءً وقرباً من احتياجات الإنسان الفعلية واليومية.

وصول تدريجي

يستطيع المستخدمون المهتمون بالتحقق من وصول الميزة لأجهزتهم تتبع مسار بسيط في الإعدادات، يبدأ من الدخول إلى تبويب جوجل ثم اختيار جميع الخدمات والانتقال إلى قسم "أخرى"، حيث ستظهر الميزة هناك بمجرد تفعيلها من قبل الشركة عبر التحديثات الهوائية، وتعد هذه الطريقة جزءاً من خطة جوجل لتبسيط الوصول للخدمات الذكية، وجعلها متاحة لجميع فئات الهواتف بدءاً من الفئات الاقتصادية وصولاً إلى الرائدة.

يمثل هذا التحول نهاية عصر الهواتف الصامتة وبداية عصر الأجهزة التفاعلية بالكامل، فبدلاً من أن يكون الهاتف مجرد أداة لتنفيذ الأوامر، يصبح موجهاً ذكياً يساعدك في تنظيم وقتك واختيار ترفيهك بناءً على تفضيلاتك الحقيقية، ومع استمرار جوجل في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المحلية، من المرجح أن نرى اقتراحات أكثر تعقيداً تشمل إدارة المواعيد، وتحسين استهلاك الطاقة، وحتى تنبيهات السلامة المرورية المخصصة.

يعكس دمج ميزة Pixel 10 في بقية هواتف أندرويد رغبة جوجل في توحيد التجربة البرمجية، وتقليل الفوارق التقنية بين أجهزتها الخاصة وأجهزة الشركات المصنعة الأخرى مثل سامسونج وشاومي، وهو ما يعزز من مكانة نظام أندرويد كأكثر الأنظمة مرونة وذكاءً في العالم، ويؤكد أن المستقبل يتجه نحو الحوسبة السياقية التي تفهم الإنسان، وتتعامل معه ككيان فريد له عاداته واهتماماته الخاصة والمميزة جداً.

ذكاء اصطناعي

يختتم قطاع التقنية عام 2025 بهذا الخبر السار الذي يعد بتحسين جودة الحياة الرقمية للجميع، فالميزة لا تتطلب عتاداً خارقاً للعمل بفضل الاعتماد على خدمات جوجل بلاي التي تعمل في الخلفية، مما يعني أن ملايين الهواتف القديمة والجديدة ستحصل على قبلة الحياة التكنولوجية، وتتحول إلى أجهزة ذكية بمعايير العام الجديد، لتستمر جوجل في ريادة مشهد الابتكار الرقمي العالمي بذكاء وهدوء.