مخاطر التزييف العميق تهدد خصوصية النساء في عصر الذكاء الاصطناعي

يرصد تقرير تقني حديث نشرته مجلة WIRED ظاهرة مقلقة تتعلق بإساءة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المتطورة، حيث يقوم بعض المستخدمين بتوليد صور مزيفة لنساء بملابس كاشفة اعتماداً على صورهن الحقيقية المحتشمة، مما يثير تساؤلات أخلاقية معقدة حول سلامة المحتوى الرقمي المتاح للجمهور.

يتبادل مستخدمو منصة ريديت الشهيرة إرشادات تقنية دقيقة تهدف إلى التحايل على أنظمة الحماية الرقمية، وذلك بغرض دفع النماذج الذكية لتنفيذ تعديلات غير قانونية على الصور البشرية، وقد تركزت النقاشات في منشورات محذوفة حول كيفية تطويع نموذج Gemini التابع لشركة جوجل لإنتاج هذه المحتويات المرفوضة.

تتضمن الوقائع المرصودة قيام أحد الأشخاص بنشر صورة لامرأة ترتدي سارياً هندياً تقليدياً وطلبه تعديل مظهرها، ليرد عليه مستخدم آخر بصورة مزيفة تم إنتاجها بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي، قبل أن يتدخل فريق السلامة في المنصة لحذف المحتوى لمخالفته الصارمة لمعايير النشر المعتمدة.

انتهاك الخصوصية

أعلن متحدث رسمي باسم منصة ريديت أن هذا النوع من السلوك الإجرامي يمثل انتهاكاً جسيماً للسياسات العامة، مما دفع المنصة لاتخاذ قرار حاسم بحظر مجتمع r/ChatGPTJailbreak الشهير بشكل نهائي، وهو التجمع الذي كان يضم أكثر من 200 ألف عضو يتبادلون طرق اختراق ضوابط الأمان.

تتزايد المخاوف العالمية في الوقت الراهن من قدرة الأدوات الذكية على إنتاج صور شديدة الواقعية يصعب تمييزها، حيث يمكن استغلال هذه التقنيات في التشهير بالأفراد والإساءة لسمعتهم عبر تعديلات بصرية غير حقيقية، مما يضع المجتمعات أمام تحديات أمنية ونفسية تتطلب تشريعات قانونية رادعة.

تعتمد الشركات الكبرى مثل OpenAI وجوجل على أنظمة حماية برمجية معقدة تمنع توليد المحتويات الإباحية أو الصريحة، إلا أن فئة من المستخدمين المحترفين ينجحون في التسلل عبر الثغرات التقنية وتجاوز هذه القيود، مستغلين المرونة البرمجية التي توفرها نماذج اللغة الكبيرة في التعامل مع الأوامر الوصفية.

تطور الأدوات

أطلقت شركة جوجل في شهر نوفمبر الماضي نموذجها المتطور Nano Banana Pro المتخصص في معالجة الصور بواقعية مذهلة، لترد عليها شركة OpenAI بإطلاق إصدارها المحدث ChatGPT Images، وهو التنافس الذي يحذر الخبراء من تبعاته في حال لم يتم تعزيز جدران الحماية الرقمية بشكل كافٍ.

يؤكد خبراء التقنية أن التطور المتلاحق في قدرات هذه الأدوات يجعل الصور المزيفة أكثر إقناعاً وقدرة على الخداع، مما يسهل عمليات الابتزاز الإلكتروني والاعتداء على الخصوصية الفردية، خاصة مع صعوبة تتبع مصدر الصور الأصلية بعد خضوعها لعمليات معالجة عميقة بواسطة الذكاء الاصطناعي.

تتمسك شركة جوجل بموقفها المعلن الذي يمنع استخدام أدواتها في إنشاء أي محتوى جنسي صريح أو مخالف للآداب، وتشدد على أنها تعمل باستمرار لتطوير خوارزميات الرصد التلقائي، لضمان الالتزام الكامل بسياسات الاستخدام العادل ومنع أي محاولات لتطويع التكنولوجيا في أعمال غير قانونية.

سياسات صارمة

توضح شركة OpenAI أنها تفرض قيوداً تقنية تمنع تعديل مظهر أي شخصية حقيقية دون الحصول على موافقة صريحة، وتتخذ إجراءات تأديبية قاسية تصل إلى الحظر الدائم للحسابات المخالفة، في محاولة منها للحد من ظاهرة التزييف العميق التي تستهدف النساء والفتيات بشكل خاص في الفضاء الرقمي.

يواجه المجتمع التقني تحدياً كبيراً في الموازنة بين حرية الإبداع وتطوير الأدوات وبين حماية الحقوق الإنسانية الأساسية، حيث أصبحت الصور المزيفة سلاحاً يستخدمه البعض للنيل من كرامة الآخرين، مما يتطلب تضافر الجهود بين الشركات المطورة والجهات الرقابية لضبط هذا الانفلات التكنولوجي المتسارع.