تراجع حصة ChatGPT أمام صعود Gemini في سوق الذكاء الاصطناعي

كشفت بيانات حديثة صادرة عن شركة Similarweb المتخصصة في إحصاءات الويب، عن تحول جذري في خريطة سوق أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث تراجعت حصة روبوت ChatGPT الشهير لتستقر عند 68% من إجمالي الزيارات العالمية، بعد أن كان يهيمن على نحو 87.2% من السوق قبل عام واحد فقط، مما يشير إلى بداية عصر التعددية والمنافسة الشرسة في هذا القطاع التقني المتسارع.

سجل مساعد جوجل الذكي Gemini نمواً لافتاً ومثيراً للإعجاب خلال الاثني عشر شهراً الماضية، حيث قفزت حصته السوقية من 5.4% إلى 18.2% في وقت قياسي، ويعزو المحللون هذا الصعود إلى التكامل العميق الذي تفرضه جوجل في خدماتها، بالإضافة إلى الميزات المبتكرة التي جذبت شريحة واسعة من المستخدمين الباحثين عن بدائل أكثر ذكاءً وقدرة على فهم السياقات المعقدة والمهام المتعددة.

أظهرت الإحصاءات الرسمية أن منصة Grok التابعة لشركة X.AI المملوكة للملياردير إيلون ماسك حققت نمواً محدوداً، حيث وصلت حصتها إلى 2.9%، بينما حافظ العملاق الصيني DeepSeek على استقرار نسبي عند حدود 4%، في حين بقيت منصتا Claude و Perplexity عند حصة ثابتة بلغت 2% لكل منهما، وهو ما يعكس صعوبة اختراق المراكز الأولى في ظل الهيمنة الحالية للشركات الكبرى.

صعود Gemini

استقر مساعد مايكروسوفت Copilot عند نسبة متواضعة بلغت 1.2% دون تغييرات جوهرية تذكر، رغم الدعم الهائل الذي يتلقاه من حزمة برامج أوفيس ونظام تشغيل ويندوز، وتشير التقارير إلى تراجع طفيف في إجمالي الزيارات اليومية لكافة أدوات الذكاء الاصطناعي مجتمعة، مما قد يعبر عن حالة من التشبع المؤقت في السوق، أو انتقال المستخدمين نحو تطبيقات أكثر تخصصاً واحترافية في مجالات عملهم.

يرتبط الصعود السريع لروبوت Gemini بشكل مباشر بإطلاق النموذج الثوري Gemini 3 خلال عام 2025 الحالي، بالإضافة إلى النجاح الباهر الذي حققته أداة توليد الصور المتقدمة Nano Banana Pro، والتي عززت من جاذبية المنصة وقدرتها على منافسة الأدوات المتخصصة، حيث أصبحت الخيار المفضل للكثير من المبدعين والمصممين الذين يبحثون عن الدقة العالية والسرعة في تنفيذ الأوامر البصرية المعقدة.

يتفوق مساعد جوجل حالياً في جودة النتائج البصرية ودقة الالتزام بالأوامر النصية الطويلة، حيث أظهرت التجارب قدرته الفائقة على التعامل الموثوق مع النصوص داخل الصور بوضوح تام، مما يجعله الأداة المثالية لإعداد العروض التقديمية والرسوم المعلوماتية والإنفوجرافيك الاحترافي، وهو الأمر الذي دفع قطاعاً كبيراً من الموظفين والطلاب للانتقال من ChatGPT نحو بيئة عمل جوجل الأكثر شمولاً وتكاملاً.

صراع النماذج

تسعى شركة OpenAI المطورة لروبوت ChatGPT جاهدة للحفاظ على موقعها الريادي عبر تحديثات متكررة، حيث أطلقت مؤخراً تحديثاً خاصاً بتوليد الصور ومحركات البحث لمحاولة وقف نزيف الحصص السوقية المستمر، ومع ذلك لا يزال الضغط التنافسي يشتد مع اقتراب عام 2026، حيث تخطط كبرى الشركات لإطلاق نماذج لغوية عملاقة قادرة على معالجة نصوص أكثر تعقيداً وفهماً أعمق للعواطف البشرية والسياقات الثقافية.

يؤكد خبراء التقنية أن المنافسة القادمة ستنتقل من مجرد توليد النصوص إلى مرحلة الوكلاء الرقميين، حيث يتوقع أن تصبح هذه الأدوات قادرة على تنفيذ إجراءات برمجية وإدارية نيابة عن المستخدم بشكل مستقل، وهذا التحول سيجعل السباق بين Gemini و ChatGPT أكثر شراسة، خاصة مع سعي كل طرف لتقديم تجربة بصرية ومعرفية احترافية، تضمن ولاء المستخدم في ظل توفر بدائل مجانية ومدفوعة متنوعة.

يشكل هذا التغير في سلوك المستخدمين نحو الاستخدام المتخصص وليس الاعتيادي تحدياً كبيراً للشركات الناشئة، فالجمهور بات يبحث عن الدقة والموثوقية العالية في المعلومات المقدمة بعيداً عن الثرثرة الرقمية، وتستثمر جوجل مبالغ ضخمة لتعزيز قدرات الاستدلال في نماذجها، مما يمنحها أفضلية في قطاعات البحوث العلمية والتحليلات البيانية الدقيقة، التي تتطلب التزاماً صارماً بالحقائق والأرقام دون أي تزييف أو هلوسة برمجية.

رؤية 2026

ينتظر مجتمع المطورين ما ستسفر عنه خطط التطوير المستقبلية في عام 2026 القادم، حيث يتوقع أن تندمج أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل كامل في كافة الأجهزة القابلة للارتداء والمنزلية، وستكون حصة الـ 68% التي يمتلكها ChatGPT حالياً تحت الاختبار الحقيقي، فإما أن يستعيد بريقه عبر ابتكار ثوري جديد، أو يستمر في التراجع لصالح Gemini الذي يستفيد من قاعدة بيانات جوجل الضخمة والمحدثة لحظياً.

تمثل أداة Nano Banana Pro حجر الزاوية في استراتيجية جوجل للهيمنة على سوق المحتوى المرئي، حيث توفر دقة تضاهي أعمال المصممين البشريين في جوانب متعددة ومذهلة، وتساهم هذه الأداة في تقليص الفجوة بين الأوامر النصية البسيطة والنتائج البصرية المعقدة، مما يمنح Gemini ميزة تنافسية يصعب تجاوزها في الوقت الحالي، خاصة مع قدرته على فهم تفاصيل الإضاءة والظلال والنصوص المدمجة ببراعة.