الثلاثاء، 20 مايو 2025

02:53 ص

tru

الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبل التشخيص المبكر لصعوبات التعلم لدى الأطفال

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

طوّر باحثون في جامعة بوفالو أداة ذكية مبتكرة لتحليل خط اليد لدى الأطفال بهدف الكشف المبكر عن اضطرابي عُسر الكتابة (Dysgraphia) وعُسر القراءة (Dyslexia). 

ويبدو أن هذا الابتكار يحمل في طياته وعودًا كبيرة للمعلمين والأخصائيين، خاصة في ظل التحديات التي تواجه أنظمة التعليم في ما يتعلق بالتشخيص الدقيق والسريع لصعوبات التعلم.

تشخيص مبكر

تختلف هذه الأداة الذكية عن الطرق التقليدية التي تُستخدم حاليًا، والتي غالبًا ما تستغرق وقتًا طويلًا، وتعتمد على ملاحظات شخصية قد تفتقر إلى الدقة، وتُركز غالبًا على اضطراب واحد دون الآخر. 

أما الأداة الجديدة، فتُتيح تحليل عينات من خط اليد لطلاب المرحلة الابتدائية — من رياض الأطفال وحتى الصف الخامس — للكشف عن 17 مؤشرًا سلوكيًا يمكن أن تعكس صعوبات معرفية أو حركية أو لغوية لدى الطفل، وتشمل هذه المؤشرات أخطاء إملائية متكررة، وضعف تنظيم الحروف، وتباين حجم الكتابة، وغيرها من السمات التي يصعب رصدها يدويًا في وقت مبكر.

وفي ظل النقص الكبير في أعداد أخصائيي النطق والعلاج الوظيفي، خصوصًا في الولايات المتحدة، تبدو هذه الأداة قادرة على تخفيف العبء عن الكوادر المتخصصة، وتقديم وسيلة رقمية فعّالة وسريعة للمساعدة في التشخيص.

الذكاء الاصطناعي

مؤشرات خطيرة

نشرت نتائج الدراسة في مجلة SN Computer Science، حيث أوضح فريق الباحثين بقيادة البروفيسور فينو جوفينداراجو (Venu Govindaraju)، أستاذ علوم الحاسوب والهندسة بجامعة بوفالو، أن تحليل الكتابة اليدوية بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يشكّل إطارًا شاملًا لرصد المشكلات في مراحل مبكرة، مما يتيح للطفل الحصول على التدخل العلاجي المناسب قبل أن تؤثر هذه الاضطرابات في تحصيله الدراسي أو تطوره العاطفي والاجتماعي.

واستند الفريق في تصميم النموذج إلى أبحاث سابقة للبروفيسور جوفينداراجو في مجال تحليل خط اليد باستخدام التعلم الآلي، وهي أبحاث كانت قد استُخدمت في مؤسسات البريد الأمريكية لأتمتة فرز الرسائل، أما اليوم، فتُوظف هذه التقنيات للمرة الأولى في بيئة تعليمية لأغراض علاجية.

تعاون بين جامعات

ولضمان فعالية النموذج، جمع فريق البحث عينات من خط اليد من طلاب في إحدى مدارس مدينة رينو بولاية نيفادا، وشملت هذه العينات الكتابة على الورق وأيضًا باستخدام الأجهزة اللوحية، وقد تم ذلك بالتعاون مع معلمين، وأخصائيي نطق، وأخصائيي علاج وظيفي، لتوفير مجموعة بيانات واقعية تغطي جميع الظروف الممكنة في البيئة التعليمية.

كما شاركت في المشروع الباحثة المشاركة د. آبي أولزوسكي (Abbie Olszewski) من جامعة نيفادا، والتي ساهمت في تطوير قائمة المؤشرات السلوكية لعسر القراءة والكتابة (Dysgraphia and Dyslexia Behavioral Indicator Checklist - DDBIC)، وهي القائمة التي اعتمد عليها الذكاء الاصطناعي في عملية التحليل.

وتتضمن القائمة 17 سلوكًا يظهر بعضها قبل وأثناء الكتابة، وأخرى تظهر بعد انتهائها، ويُخطط الباحثون لمقارنة نتائج الذكاء الاصطناعي بنتائج التقييمات البشرية التقليدية لمعرفة مدى دقة وفعالية النموذج.

تقدم ملموس

تشير الدراسة إلى أن نماذج الذكاء الاصطناعي قادرة على تحليل مجموعة من العوامل المرتبطة بخط اليد، من بينها سرعة الكتابة، ضغط القلم، حجم الحروف، تباعدها، وانعكاس الحروف، وهذا التحليل يتيح رصد الأنماط التي قد لا تكون واضحة للعين البشرية، لكنه في الوقت ذاته يراعي الخصوصية ويُبقي العملية التعليمية في صلب اهتمامه.

وتقول الباحثة المشاركة د. سومي سورش (Sumi Suresh): "هذا المشروع المستمر يوضح كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُسهم في المصلحة العامة، ليس من خلال الإبهار التكنولوجي فقط، بل عبر توفير أدوات وخدمات حقيقية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها."

وبينما لا يزال المشروع في مراحله التجريبية، إلا أنه يُمثل نموذجًا واعدًا لكيفية توظيف الذكاء الاصطناعي في مجالات تتعدى الصناعة والاقتصاد لتشمل أيضًا التعليم والرعاية النفسية والصحية، وهو ما يعكس تغيرًا جوهريًا في كيفية فهمنا للتقنيات الحديثة وأدوارها المستقبلية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً