ماذا يحدث حال استخدام وضع الطيران على الطائرة؟

مع كل رحلة جوية، يتكرر التحذير نفسه من طاقم الطائرة: "يرجى ضبط الهاتف على وضع الطيران"، البعض يلتزم، والبعض الآخر يتجاهل، ظنًا منه أن الإجراء مجرد شكليات، لكن ما الذي يحدث بالفعل عند تشغيل الهاتف على متن الطائرة؟ وهل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تهديد حقيقي لأمان الرحلة؟

السؤال يثير فضول كثير من المسافرين، خاصة في ظل انتشار تقنيات الاتصال الحديثة داخل الطائرات، وتوافر الإنترنت اللاسلكي في بعض الرحلات.

إشارات مزعجة

وفقًا لتقارير نشرتها مجلة "ترافل آند ليجر"، فإن الهواتف المحمولة لا تؤدي إلى تعطل الطائرة أو سقوطها، لكنها تخلق مشكلة من نوع آخر، فعندما يحاول الهاتف الاتصال بأبراج الشبكة الأرضية خلال وجوده في الجو، فإنه يصدر موجات راديوية يمكن أن تتسبب في تداخل إشارات.

هذا التداخل لا يؤثر على الأجهزة الحيوية للطائرة، لكنه قد يخلق أصوات طنين مزعجة في سماعات رأس الطيارين، هذه الأصوات تشبه الطنين الناتج عن الموجات اللاسلكية القريبة من مكبرات الصوت، وغالبًا ما تكون مزعجة بدرجة تؤثر على تركيز الطاقم.

تحدث هذه التداخلات غالبًا خلال مرحلتي الإقلاع والهبوط، وهما الأكثر حساسية في أي رحلة جوية، ما يجعل إدارة الرحلة أكثر تعقيدًا في ظل وجود مصادر تشويش غير ضرورية.

التزام متفاوت

رغم التحذيرات المتكررة، لا يلتزم جميع الركاب بتفعيل وضع الطيران، بعضهم يتجاهل الطلب عمدًا، خاصة في حال عدم توفر إنترنت قوي على متن الطائرة، فيحاول تشغيل الهاتف للبحث عن تغطية.

الإجراء لا يؤدي إلى ملاحقة أمنية أو تحقيقات بعد الهبوط، لكنه يعرض الراكب لعقوبات داخلية، مثل منع الحجز مستقبلاً على نفس شركة الطيران، أو دفع غرامة مالية في بعض الحالات.

بعض شركات الطيران في دول مثل ألمانيا وفرنسا بدأت تركيب أجهزة خاصة داخل الطائرات لفصل إشارات الهواتف عن أنظمة الملاحة، ما يسمح باستخدام الهاتف دون خطر، لكن هذه الأنظمة باهظة التكلفة ولا تزال غير منتشرة بشكل واسع، ما يجعل الالتزام بوضع الطيران هو الحل الأرخص والأكثر فاعلية.

خيار آمن

وضع الطيران لا يقطع الاتصال بشكل كامل، بل يُعطل مؤقتًا عمل الشبكات الخليوية، مما يمنع الهاتف من إرسال إشارات قوية تؤثر على أجهزة الاتصال، يمكن للراكب استخدام الواي فاي أو البلوتوث بعد تفعيل الوضع، إذا كانت الطائرة مزودة بهذه الخدمات.

ما يحدث فعليًا عند نسيان وضع الطيران لا يصل إلى درجة تهديد حياة الركاب، لكنه يزعج الطاقم الفني ويزيد احتمالية وقوع أخطاء بشرية في التواصل.

لهذا تفضّل شركات الطيران الالتزام التام بهذه التعليمات، ليس خوفًا من كارثة جوية، بل لضمان تركيز الطيار في الأوقات الحرجة.

السفر الجوي يعتمد على الانضباط الكامل داخل المقصورة، وكل سلوك فردي يؤثر في تجربة الرحلة ككل، إذا كنت تستطيع الالتزام بتعليمات بسيطة، فأنت تساهم فعليًا في سلامة الجميع.