الأربعاء، 24 ديسمبر 2025

06:28 م

واشنطن تحظر بيع المسيرات الأجنبية وDJI تواجه شبح الإقصاء

الطائرات المسيّرة

الطائرات المسيّرة

ياسين عبد العزيز

A A

أقرت السلطات الأمريكية رسمياً قراراً يقضي بمنع بيع الطائرات المسيّرة المصنعة خارج الولايات المتحدة، ليدخل هذا الحظر حيز التنفيذ الفعلي بعد سلسلة طويلة من التوقعات والجدل الأمني الواسع، حيث لم يقتصر هذا الإجراء الصارم على شركة "DJI" العملاقة وحدها، بل امتد ليشمل كافة الطائرات الأجنبية ومكوناتها الأساسية التي يتم استيرادها من الخارج، مما يمثل تحولاً جذرياً في سياسات التجارة والتكنولوجيا الدفاعية والمدنية.

أوضحت هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية في بيان رسمي، أن عدداً من الجهات الأمنية العليا خلصت إلى نتيجة مفادها أن الطائرات المسيّرة الأجنبية تشكل خطراً غير مقبول، نظراً لاحتمالية استغلال مكوناتها الحرجة في تهديد الأمن القومي الأمريكي بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو ما استدعى إدراج هذه المنتجات وأجزائها الأساسية ضمن "القائمة المغطاة" للهيئة، بناءً على تقييمات أمنية دقيقة صادرة عن أعلى مستويات السلطة التنفيذية في البلاد.

أكد رئيس هيئة الاتصالات أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، تضع حماية الأمن القومي على رأس قائمة أولوياتها القصوى، وهو ما انعكس بشكل مباشر وواضح على صياغة هذا القرار الذي يهدف لتأمين سماء الولايات المتحدة من أي اختراقات محتملة، ومع ذلك فقد طمأن القرار المستخدمين الحاليين بأن الحظر يقتصر على المبيعات الجديدة فقط، مما يسمح باستمرار تشغيل الطائرات المملوكة للأفراد والمؤسسات حالياً دون أي قيود قانونية إضافية.

سيادة وطنية

سمحت القوانين الجديدة لتجار التجزئة بمواصلة بيع الطرازات التي حصلت مسبقاً على موافقة الهيئة، بينما يطبق المنع الصارم على كافة الطرازات التي ستطرح في المستقبل، وهو ما يمنح السوق فترة انتقالية لتصريف المخزون الحالي قبل التحول الكامل نحو المنتجات المحلية، كما فتح القرار الباب أمام استثناءات محدودة ومحتملة، حيث يحق لوزارة الحرب أو وزارة الأمن الداخلي السماح بطرح نماذج محددة في حال اعتمادها أمنياً وتقنياً.

دافعت شركة "DJI" الصينية عن سجلها الأمني الحافل بالابتكارات، مؤكدة أن منتجاتها تعد من بين الأكثر أماناً وموثوقية في السوق العالمي بشهادة جهات حكومية أمريكية، حيث خضعت أجهزتها لسنوات طويلة من المراجعات المستقلة التي لم تثبت وجود ثغرات تجسسية، واعتبرت الشركة أن الإجراءات الأخيرة تعكس نزعة حمائية واضحة، تهدف لإقصاء المنافسين الأقوياء وتتعارض مع مبادئ السوق الحر والمنافسة العادلة والشفافة.

أضافت الشركة أن المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات وأمنها، لا تستند إلى أدلة ملموسة أو وقائع حقيقية، بل تأتي في إطار صراع تكنولوجي أوسع يستهدف الحد من نفوذ الشركات الأجنبية الكبرى، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع جودة الخيارات المتاحة للمستهلك الأمريكي، ورفع تكلفة الحصول على تقنيات التصوير الجوي والمسح الجيولوجي، التي كانت تعتمد بشكل أساسي على طائرات "DJI" المتطورة والمنتشرة عالمياً بشكل كبير.

أمن البيانات

يرى مراقبون أن هذا الحظر سيخلق فجوة تقنية كبيرة في السوق الأمريكي، نظراً للتفوق النوعي الذي تميزت به الطائرات المسيّرة الأجنبية في مجالات الزراعة والإنقاذ والتصوير السينمائي، وهو ما يضع الشركات المصنعة داخل الولايات المتحدة أمام تحدٍ هائل لتطوير بدائل محلية، تمتلك ذات الكفاءة والقدرات الفنية مع الحفاظ على معايير الأمان الصارمة، التي تطلبها هيئة الاتصالات الفيدرالية في ظل القوانين الجديدة والمشددة.

تتوقع الأوساط الاقتصادية أن يؤدي القرار إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار المسيرات، نتيجة نقص المنافسة والاعتماد على سلاسل إمداد محلية قد تكون أكثر تكلفة في مراحلها الأولى، ومع ذلك تراهن الحكومة الأمريكية على أن هذا الإجراء سيحفز الابتكار الوطني، ويخلق فرص عمل جديدة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، ويضمن في الوقت ذاته بقاء البيانات الحساسة داخل الحدود الوطنية بعيداً عن أي تدخلات أجنبية مشبوهة.

يمثل إدراج المكونات الأساسية في الحظر ضربة موجعة للعديد من الشركات، التي كانت تعتمد على قطع غيار أجنبية لتجميع طائراتها داخل الأراضي الأمريكية، حيث سيتعين على هذه المصانع الآن البحث عن مصادر بديلة معتمدة أمنياً، وهو ما قد يتسبب في تأخير طرح منتجات جديدة أو زيادة أسعار الصيانة، ويؤكد أن واشنطن ماضية قدماً في فصل نظامها التقني الحرج عن المنافسين الدوليين مهما كانت التكلفة الاقتصادية.

حمائية تكنولوجية

أكدت هيئة الاتصالات الفيدرالية أنها ستواصل مراقبة السوق بدقة، لضمان عدم تسلل أي طرازات أجنبية عبر قنوات غير شرعية، مع التشديد على ضرورة التزام كافة الموزعين بالقائمة المحدثة للمنتجات المحظورة، وتأتي هذه التحركات في ظل تصاعد التوترات التجارية بين القوى العظمى، حيث أصبحت التكنولوجيا هي الساحة الرئيسية لتصفية الحسابات السياسية، وضمان التفوق الاستراتيجي في مجالات الطيران الذكي وأنظمة التحكم عن بعد.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً