أمازون تُشعل سباق الإنترنت الفضائي بإطلاق مشروع "كويبر"

بدأت شركة أمازون أولى خطواتها العملية نحو دخول سباق الإنترنت الفضائي بإطلاق الدفعة الأولى من أقمار مشروع كويبر Project Kuiper، حيث تهدف الشركة إلى توفير خدمات إنترنت فضائي عالي السرعة ومنخفض التأخير، وبهذا الدخول الجريء، تتحدى أمازون بشكل مباشر شبكة ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس، والمملوكة لرائد الأعمال الأمريكي إيلون ماسك.

موقع الإطلاق

وجرى الإطلاق بنجاح من قاعدة كيب كانافيرال الفضائية في ولاية فلوريدا الأمريكية، واصطحب صاروخ Atlas V التابع لتحالف الإطلاق المتحد (ULA) نحو 27 قمرًا صناعيًا إلى مدار أرضي منخفض بارتفاع يصل إلى 450 كيلومترًا، وتشكل هذه المهمة الانطلاقة الرسمية لمخطط أمازون الطموح الذي يتضمن تنفيذ ما يصل إلى 80 عملية إطلاق، وتهدف الشركة من خلالها إلى إيصال 3,236 قمرًا صناعيًا إلى المدار.

تفعيل الأقمار

وأكدت أمازون في بيان رسمي أن جميع الأقمار الصناعية قد تم تفعيلها بنجاح، وأنها بدأت فعليًا في إرسال إشارات إلى المحطات الأرضية الموزعة حول العالم.

وتتوقع الشركة أن تبدأ خدمات الإنترنت الفضائي قبل نهاية هذا العام، وخصوصًا أنها تراهن على توفير خدمة تتميز بسرعات عالية وتأخير زمني منخفض، وهو ما يجعلها منافسة محتملة في سوق يسيطر عليه حاليًا مشروع ستارلينك.

تصريح رسمي

وعبر منشور على منصة إكس (تويتر سابقًا)، قال المدير التنفيذي لشركة أمازون آندي جاسي: "إنها مجرد خطوة أولى في رحلة طويلة، لكنها تمثل إنجازًا تقنيًا كبيرًا يعكس جهود فريق عمل مذهل، وأنا فخور بهم جميعًا"، وبهذا التصريح، أشار جاسي إلى أن الشركة تُدرك حجم التحدي، لكنها تنظر إلى المشروع باعتباره استثمارًا استراتيجيًا طويل الأمد.

كلفة المشروع

ويُذكر أن مشروع كويبر، الذي تم الإعلان عنه للمرة الأولى في عام 2019، تبلغ تكلفته الإجمالية نحو 10 مليارات دولار، وتخضع أمازون حاليًا لمهلة تنظيمية حاسمة من لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC)، حيث يتوجب عليها أن تُطلق 1,618 قمرًا، أي ما يعادل نصف عدد الأقمار المخطط لها، وذلك قبل حلول منتصف عام 2026.

منافسة شرسة

ويأتي دخول أمازون في وقت تواصل فيه سبيس إكس تحقيق خطوات سريعة نحو توسيع شبكة ستارلينك، إذ أكملت الشركة مؤخرًا مهمتها الخمسين خلال عام 2025 فقط، ليرتفع بذلك عدد عمليات الإطلاق المخصصة لهذا المشروع إلى 250 عملية منذ انطلاقه.

وبلغ عدد الأقمار النشطة ضمن الشبكة ما يزيد عن 7,200 قمر صناعي، وتسعى الشركة لزيادة عددها إلى 12 ألف قمر، وقد حصلت على موافقة تنظيمية لإيصال هذا العدد إلى 34,400 قمر مستقبلاً.

سباق متسارع

وبينما تتسارع وتيرة السباق نحو الفضاء، تنضم أمازون إلى قائمة متنامية من الشركات الطموحة التي تسعى لتقديم بدائل منافسة في مجال الإنترنت الفضائي، مثل شركة Eutelsat الفرنسية، وSpacesail الصينية، وتهدف جميعها إلى تقديم خدمات تُغني المستخدمين حول العالم عن الشبكات الأرضية التقليدية، وتمهد الطريق نحو تغطية عالمية بالإنترنت.

فارق تقني

ورغم أن أمازون بدأت متأخرة عن سبيس إكس، إلا أنها تمتلك قدرات مالية وتكنولوجية ضخمة تُمكّنها من تقليص الفجوة الزمنية مع ستارلينك، وخصوصًا إذا تمكنت من تسريع وتيرة الإطلاق، وتحقيق نتائج إيجابية في اختبارات الأداء وجودة الاتصال، ما يضعها في موقع منافس حقيقي في سوق لا يزال في بداياته رغم ما يشهده من نشاط مكثف.

آفاق مستقبلية

ويمثل مشروع كويبر حجر أساس في استراتيجية أمازون المستقبلية، وخصوصًا مع تنامي الحاجة العالمية إلى تغطية إنترنت واسعة النطاق في المناطق النائية والريفية.

ويُتوقع أن تتيح هذه الشبكة فرصًا جديدة في التعليم والصحة والتجارة الإلكترونية حول العالم، وخصوصًا في الدول التي لا تزال تعاني من ضعف البنية التحتية الرقمية.

طموح عابر للأرض

وبينما تخطو أمازون نحو الفضاء بخطى واثقة، يُنتظر أن تسهم هذه المنافسة في تسريع تطور قطاع الاتصالات العالمي، وفتح المجال أمام تقنيات جديدة تعزز من أداء شبكات الإنترنت، وتمنح المستخدمين حول العالم تجربة أفضل في التصفح والعمل والدراسة، وبهذا تؤكد أمازون أنها لا تزال لاعبًا رئيسيًا في ابتكار المستقبل، حتى وإن كان على ارتفاع مئات الكيلومترات فوق سطح الأرض.