الثلاثاء، 10 يونيو 2025

11:48 م

tru

"ستاربيس".. سبيس إكس تقترب من تأسيس أول مدينة فضائية في تكساس

سبيس إكس

سبيس إكس

ياسين عبد العزيز

A A

تتجه شركة سبيس إكس، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، إلى مرحلة جديدة من حضورها في المشهد الأميركي، وتهيئ الأرضية لتحويل مجمعها الضخم المعروف باسم ستاربيس (Starbase)، الواقع في أقصى جنوب ولاية تكساس، إلى كيان إداري مستقل، ومدينة قانونية قائمة بذاتها، في خطوة تُعيد إلى الأذهان تجارب "مدن الشركات" التي ازدهرت خلال القرن التاسع عشر، واندثرت لاحقًا مع تطور القوانين وتغير نماذج التنمية.

مدينة الشركة

وستُجرى يوم السبت انتخابات محلية محورية سيصوت فيها 280 شخصًا فقط، معظمهم من موظفي سبيس إكس الذين يعيشون ويعملون في المنطقة ويستأجرون منازلهم من الشركة ذاتها، ويمثل هذا العدد مجتمع الناخبين الكامل داخل المنطقة المقترحة للتحول إلى مدينة، وبهذا تصبح الانتخابات غير تقليدية تمامًا من حيث التركيبة السكانية والبيئة القانونية.

ويقول مراقبون إن هذه الخطوة، إن تم إقرارها، ستمنح الشركة سيطرة إدارية على مدينة بأكملها، وستمكنها من إدارة الشؤون العامة كإدارة الطرق والخدمات التعليمية والمرافق، التي تتولاها سبيس إكس الآن بشكل غير رسمي، وهو ما أكدته كاثي لويدرز، مديرة موقع ستاربيس، موضحة أن إنشاء بلدة قانونية "سيسهل تقديم الخدمات ويجعل إدارة الموارد أكثر تنظيمًا".

وتغطي البلدة المخططة حوالي 247 قطعة أرض، تملك سبيس إكس جميعها باستثناء عشر فقط، وتقع بالقرب من طريق الولاية السريع، ما يعزز من قدرة الشركة على التحكم في القرارات المحلية والأنشطة التنموية.

فرص وانقسامات

ويشير اقتصاديون إلى أن استثمار سبيس إكس، الذي يبلغ 1.5 مليار دولار سنويًا في المنطقة، حوّل شريطًا ساحليًا مهجورًا إلى مركز فضائي متطور، وخلق بيئة عمل جاذبة، ورفع من مستوى الدخل المحلي، وقلص نسب البطالة، وفتح أبوابًا غير مسبوقة للتدريب والتوظيف، خصوصًا في منطقة وادي ريو غراندي، التي تعد من أفقر مناطق الولايات المتحدة تقليديًا.

سبيس إكس

وأكد جون كوين، عمدة مدينة براونزفيل المجاورة، أن ظهور سبيس إكس "كان تحولًا اقتصاديًا واجتماعيًا هائلًا"، مشيرًا إلى آلاف الوظائف التي أُتيحت، وارتفاع متوسط الأجور، وخروج العديد من الأسر من دوامة الفقر طويل الأمد.

ولكن، ورغم هذه الإيجابيات، تصاعدت الأصوات المعارضة داخل المجتمع المحلي، وخصوصًا من النشطاء البيئيين والسكان القدامى، الذين يخشون من تمدد نفوذ الشركة وتهميش حقوق السكان، ويعترضون على تكرار إغلاق الشواطئ والطرق العامة بفعل الإطلاقات الصاروخية المتكررة، ورفعوا دعاوى قضائية ضد بعض الإجراءات.

ويقول هومر بومبا، أحد السكان القدامى: "كنت هنا أولًا، فلماذا أصوت على إنشاء شيء لم أطلبه أصلًا؟"، فيما تخشى ماريا بوينتر، مالكة أرض داخل حدود البلدة الجديدة، من "انزلاق المنطقة نحو نموذج مدينة الشركة بكل ما تعنيه الكلمة من هيمنة"، على حد تعبيرها.

قيادة من الداخل

ويقود السباق نحو المناصب الإدارية للبلدة الجديدة موظفون كبار في سبيس إكس، حيث يترشح بوبي بيدن، نائب رئيس عمليات الاختبار والإطلاق، لمنصب العمدة، كما يترشح عدد من زملائه لمناصب المفوضين المحليين، ما يثير جدلًا حول تضارب المصالح، رغم أن قانون ولاية تكساس ينص على وجوب امتناع المسؤولين المحليين عن التصويت في المسائل التي تمس مصالحهم المالية المباشرة.

وفي حال فوز المشروع في التصويت، ستُمنح البلدة صلاحيات واسعة تشمل جمع الضرائب، ونزع الملكية، واقتراض الأموال، ما يفتح باب التساؤل حول تكرار نموذج "مدن الشركات" القديم، مثل بولمان وشوغر لاند وغاري، لكن هذه المرة في ثوب عصري يتصل بالفضاء والتقنية المتقدمة.

ووسط الانقسام الحاد بين الداعمين والمعارضين، تُطرح تساؤلات أكبر حول مستقبل العلاقة بين القطاع الخاص والدولة، وحول ما إذا كانت المدن التي تبنيها الشركات قد تعود لتكون نموذجًا حقيقيًا للحياة في القرن الحادي والعشرين، وخصوصًا عندما تكون هذه الشركات مملوكة لأسماء مثل إيلون ماسك، وتدير مشاريع تتقاطع مع الطموح البشري في استعمار الفضاء وتوسيع حدود الحياة على الأرض وما بعدها.

search

أكثر الكلمات انتشاراً