الجمعة، 09 مايو 2025

07:44 م

tru

الذكاء الاصطناعي يكشف دورًا خفيًا لجين PHGDH في مرض الزهايمر

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

في إنجاز علمي جديد يسلّط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تسريع الاكتشافات الطبية، توصّل باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو إلى أن الجين المعروف باسم PHGDH لا يعمل فقط كمؤشر حيوي مرتبط بمرض الزهايمر، بل يؤدي دورًا مباشرًا في تطور هذا المرض العصبي المعقد. 

هذا الكشف النوعي نُشر في دراسة حديثة بتاريخ 23 أبريل 2025 في مجلة Cell العلمية، ويُتوقع أن يفتح آفاقًا علاجية جديدة في مواجهة أكثر أنواع الخرف شيوعًا.

جين مسبب للمرض

لطالما اعتُبر جين PHGDH مجرد علامة تشير إلى احتمالية الإصابة بمرض الزهايمر، لكن الدراسة الجديدة أظهرت أنه عامل سببي فاعل يساهم في تطور المرض عبر آلية لم تكن معروفة من قبل. 

باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، قام الفريق البحثي بقيادة البروفيسور Sheng Zhong بنمذجة البنية الثلاثية الأبعاد للجين، ليكتشف أنه يمتلك خصائص بنيوية شبيهة بمواقع ارتباط الحمض النووي التي تُميز عوامل النسخ، وهي البروتينات التي تُنظم التعبير الجيني.

هذا الاكتشاف غيّر الفهم العلمي لهذا الجين، وأوضح أنه يلعب دورًا تنظيميًا مباشرًا في الدماغ، حيث يؤدي إلى اضطرابات في تنظيم التعبير الجيني، مما يسبب تغيرات تؤدي إلى تفاقم أعراض الزهايمر. 

وقد بيّن الباحثون أن خفض مستوى التعبير الجيني لـ PHGDH في الفئران ساهم في تقليل تقدم المرض، ما يعزز فرضية أنه جين مسبب وليس مجرد علامة عرضية.

الذكاء الاصطناعي

ذكاء اصطناعي

يعاني الزهايمر أكثر من 55 مليون شخص حول العالم، معظمهم فوق سن 65 عامًا، في حين تُفسّر بعض حالات الإصابة بطفرات جينية معروفة، تبقى غالبية الحالات مجهولة الأسباب على المستوى الوراثي. 

هنا برز دور الذكاء الاصطناعي في سد هذه الفجوة، عبر تحليل البنية المعقدة للجينات، والكشف عن وظائف خفية لم تكن ممكنة في السابق باستخدام الطرق التقليدية.

وقد استخدم الفريق البحثي تقنيات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف التشابه البنيوي بين PHGDH وعوامل النسخ، وهو ما مكّنهم من تحديد الطريقة التي يعطل بها هذا الجين تنظيم الجينات العصبية، ما يؤدي إلى اختلالات تؤثر سلبًا في الإدراك والذاكرة.

علاج مبتكر

لا تتوقف أهمية الدراسة عند حدود فهم آلية المرض، بل تمتد إلى إمكانيات التدخل العلاجي، فبناء على هذه النتائج، اختبر الباحثون جزيئًا علاجيًا يُدعى NCT-503، يثبط الوظيفة التنظيمية الضارة لجين PHGDH دون أن يؤثر في وظيفته الطبيعية المتعلقة بإنتاج الحمض الأميني "السيرين".

ويتميز هذا الجزيء بقدرته على عبور الحاجز الدموي الدماغي، وهو ما يجعله مرشحًا قويًا لعلاج الأمراض العصبية، وعند تجربته على نماذج من الفئران المصابة بالزهايمر، أظهر تحسنًا ملحوظًا في الأداء المعرفي وتقليلًا في القلق، ما يمنحه إمكانيات واعدة كدواء فعّال يُؤخذ عن طريق الفم، خلافًا للعلاجات الحالية المعتمدة على الحقن الوريدي.

وصرّح البروفيسور Zhong أن الجزيء الجديد قد يمثل نواة لفئة جديدة كليًا من العلاجات المستقبلية لمرض الزهايمر، مشيرًا إلى أن الخطوة التالية ستكون العمل على تحسين تركيبته والبدء في التجارب التأهيلية اللازمة للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

آفاق مستقبلية

من المؤكد أن هذا الاكتشاف يسلّط الضوء على التحول الكبير الذي يُحدثه الذكاء الاصطناعي في عالم الأبحاث الطبية، ليس فقط في تحليل البيانات، بل في تطوير فرضيات جديدة وابتكار حلول علاجية غير تقليدية. 

ومع أن الطريق لا يزال طويلًا نحو إيجاد علاج نهائي للزهايمر، فإن الكشف عن الدور السببي لجين PHGDH، وتطوير الجزيء NCT-503، يمثلان خطوة محورية نحو علاجات أكثر دقة وفاعلية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً