الذكاء الاصطناعي يغير قواعد الجراحة الروبوتية عالميًا

الجراحة الروبوتية
ياسين عبد العزيز
بات الذكاء الاصطناعي أحد أهم المحركات الرئيسية في إعادة تشكيل ملامح الطب الحديث، لاسيما في مجال الجراحة الروبوتية، فعلى الرغم من أن استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية يعود إلى ثمانينيات القرن الماضي مع بداية إدخال أدوات التنظير الداخلي، فإننا نشهد اليوم تحولًا عميقًا وجذريًا، مدفوعًا بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي تعزز الدقة، وتقلل الخطأ البشري، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الجراحين والمرضى على حد سواء.
لقد أصبح هذا التقدم التكنولوجي حجر الزاوية في ثورة الجراحة الذكية، خاصة مع ظهور الجيل الجديد من الأنظمة الروبوتية التي تعتمد على تحليل البيانات الفوري، والتعلم الآلي، والذكاء الاصطناعي المجسّد، ويمثل هذا التوجه مستقبلًا واعدًا للرعاية الجراحية، لا سيما في المناطق المحرومة من الأطباء المتخصصين أو التي تعاني ضعف البنى التحتية الطبية.
نمو سريع
تشهد سوق الجراحة الروبوتية توسعًا غير مسبوق، مدفوعًا باستثمارات ضخمة من شركات تقنية وطبية عملاقة، فبعد إطلاق نظام "دا فينشي" من شركة Intuitive Surgical عام 2000، تسارعت وتيرة الاعتماد على العمليات المدعومة بالروبوت، وارتفعت نسب استخدامها بنسبة تفوق 700% خلال ست سنوات فقط في مجال الجراحة العامة.
ويُتوقع أن تتجاوز قيمة هذا السوق حاجز 14 مليار دولار بحلول عام 2026، ارتفاعًا من نحو 10 مليارات عام 2023، في ظل تزايد الطلب وتحسن تقنيات التشغيل والدقة.
ويُعزى هذا التوسع أيضًا إلى دخول شركات جديدة تعتمد نهج التقنية العميقة (Deep Tech)، التي توظف الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والتكنولوجيا الحيوية، لتطوير حلول تفتح الباب أمام إجراء العمليات في بيئات تفتقر إلى الخدمات الجراحية المتخصصة، فمع وجود نحو 5 مليارات إنسان يفتقرون إلى خدمات الجراحة الأساسية، تبدو هذه الثورة التقنية فرصة استثنائية لسد فجوة صحية عالمية.

ذكاء مجسّد
واحدة من أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال هي تقنيات الذكاء الاصطناعي المجسّد (Embodied AI)، الذي يتيح للروبوتات التفاعل مع بيئات محاكاة ثلاثية الأبعاد لاكتساب المهارات الجراحية، وتقوم هذه الأنظمة بتدريب ذاتها داخل بيئات رقمية تماثل الواقع، ما يمنحها القدرة على تنفيذ عمليات دقيقة ومعقدة، يقل فيها الاعتماد على الجراح البشري المباشر.
كما تُظهر هذه الأنظمة قدرة كبيرة على التحليل الفوري للبيانات القادمة من الأدوات والمجسات خلال الجراحة، ما يوفّر للجراح خرائط ثلاثية الأبعاد لموقع العملية، ويُساعده في تعديل قراراته بشكل لحظي بناءً على معطيات فسيولوجية فريدة لكل مريض.
دقة أعلى
من أكثر المزايا أهمية في استخدام الذكاء الاصطناعي في الجراحة الروبوتية أنه يرفع مستوى الدقة، ويقلل من الفروقات الفردية بين الجراحين، التي عادة ما تنجم عن اختلاف الخبرة أو جودة التدريب، فعبر منصات التدريب الذكي، يمكن للجراح المبتدئ أن يتعلم من آلاف العمليات المسجلة مسبقًا، ويتدرب في بيئة رقمية خالية من المخاطر، وفي أثناء الجراحة، توفّر الأنظمة الروبوتية دعمًا متواصلًا، وتمنع الأخطاء الناتجة عن ارتجاف اليد أو سوء التقدير.
كما تتيح هذه الأنظمة تحليل أداء الجراح بعد الانتهاء من العملية، ما يوفر له تقارير تفصيلية تساعده في تحسين مهاراته تدريجيًا، مع ضمان أن يتلقى المرضى مستوى موحدًا من الرعاية عالية الجودة.
ختام تقني
من المؤكد أن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة محورية تعيد رسم ملامح قطاع الرعاية الصحية عالميًا، وفي مجال الجراحة تحديدًا، لا يقتصر دوره على تحسين النتائج فحسب، بل يسهم أيضًا في تقليص التكاليف، وزيادة فعالية العمليات، وتوسيع نطاق الرعاية إلى أماكن كانت محرومة منها سابقًا.
ومع استمرار تطوير أنظمة الجراحة الذكية، نتجه نحو مستقبل أكثر إنصافًا وكفاءة، حيث يتمكن الجراح من التركيز على اتخاذ القرارات المعقدة، بينما تتولى الأنظمة الذكية تنفيذ التفاصيل الدقيقة بدقة عالية وموثوقية، وفي هذا المشهد المتطور، يصبح الذكاء الاصطناعي شريكًا أساسيًا في غرفة العمليات، لا مجرد أداة مساعدة.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً