تطبيق مفتوح المصدر يكشف فجوة الذكاء الاصطناعي بين آبل والمطورين المستقلين

في خطوة أثارت الجدل وكشفت عن حدود ما تسمح به آبل من قدرات على أجهزتها، طرح مطور مستقل في مجال الذكاء الاصطناعي تطبيقًا مفتوح المصدر يستعرض إمكانات متقدمة لتنفيذ مهام معقدة على هواتف آيفون. 

التطبيق، الذي وُصف بأنه "إحراج تقني" لآبل، يستند إلى قدرات ChatGPT ويعتمد على تنفيذ سلاسل من الأوامر الصوتية المؤتمتة، دون الحاجة لتدخل يدوي مباشر. 

وتم الإعلان عنه خلال فعالية هاكاثون نظمتها شركة OpenAI في عام 2024، ليصبح متاحًا الآن للتحميل مجانًا على منصة GitHub.

أوامر مؤتمتة

هذا التطبيق الجديد يتيح تحويل الأوامر النصية أو الصوتية المعقدة إلى سلسلة من المهام الذكية عبر تطبيقات متعددة على الهاتف، مثل إرسال رسائل، حجز سيارات، وتحديد وجهات، وذلك دون الحاجة إلى فتح كل تطبيق على حدة. 

كل هذه الوظائف يتم تنفيذها بدقة وسلاسة غير مسبوقة، ما يجعلها تتفوق بوضوح على ما تتيحه اختصارات iOS التي تقيّدها آبل ضمن حدود النظام والسياسات الخاصة بها.

بفضل كونه مفتوح المصدر، يتمتع المطورون بحرية تعديل وتوسيع التطبيق حسب الحاجة، الأمر الذي يكشف عن فجوة كبيرة بين ما هو ممكن تقنيًا على آيفون وما تسمح به الشركة المصنعة من وظائف وتطبيقات على متجرها الرسمي.

 هذا التباين يُعيد فتح النقاش مجددًا حول حدود سيطرة آبل على بيئة iOS، ويجعل المستخدمين يتساءلون عن سبب تأخر الشركة في إتاحة هذه القدرات المتقدمة بشكل رسمي.

فجوة مؤلمة

في الوقت ذاته، أشار مراقبون إلى أن هذه المبادرة تعكس تأخّر آبل النسبي في إطلاق مزايا الذكاء الاصطناعي المتقدمة مقارنة بمنافسيها، وعلى رأسهم غوغل التي قدمت مؤخرًا نموذجًا مشابهًا يعمل حتى دون اتصال بالإنترنت. 

كما زاد من حدة الانتقادات تأكيد تيم كوك، الرئيس التنفيذي لآبل، أن الميزات الجديدة لمساعدها الذكي “سيري” ضمن باقة Apple Intelligence، ستتأخر حتى عام 2026، في انتظار الوصول إلى معايير الجودة الصارمة التي تعتمدها الشركة.

ويشمل هذا التأخير ميزات محورية مثل الفهم السياقي المتقدم للمستخدم، تنفيذ الأوامر داخل التطبيقات مباشرة، والتعرف على محتوى الشاشة لتقديم دعم لحظي ومخصص. 

وقد أشار كوك إلى أن هذه الوظائف لا تزال قيد التطوير، مؤكدًا في الوقت نفسه أن الشركة أحرزت تقدمًا ملموسًا في هذا المجال.

ذكاء محاصر

رغم هذا التأخير، حرص كوك خلال لقائه بالمستثمرين على استعراض ما تم تحقيقه حتى الآن، مثل أدوات الكتابة الذكية، مولّد الرموز التعبيرية Genmoji، وأدوات التعديل على الصور مثل Image Wand وImage Playground، بالإضافة إلى وظائف التنظيف الذكي للصور والتعرف البصري على العناصر. 

كما أشار إلى ميزات مثل الردود التلقائية الذكية، إنشاء الفيديوهات التذكارية من الأوامر النصية، والربط المتكامل مع ChatGPT.

وأضاف كوك أن آبل وسّعت مؤخرًا دعمها للغات العالمية، لتشمل لغات مثل اليابانية، الصينية المبسطة، الكورية، الفرنسية، والإسبانية، بالإضافة إلى اللهجات المحلية للغة الإنجليزية في كل من الهند وسنغافورة، في إطار سعيها لتوفير تجربة ذكاء اصطناعي أكثر تنوعًا وخصوصية للمستخدمين حول العالم.

ومع تصاعد الأسئلة حول أسباب التأخير، أكد كوك أن المسألة لا تتعلق بضعف في الاستثمار أو تحديات تنظيمية، بل ببساطة تحتاج بعض الميزات مزيدًا من الوقت لضمان جودتها. 

ودعمًا لتصريحاته، أكد المدير المالي لآبل، كيفان باريك، أن الإنفاق على البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي يشهد نموًا مستمرًا.

وفيما ينتظر الملايين من مستخدمي آيفون حول العالم اللحظة التي تتحول فيها هذه الوعود إلى واقع ملموس، يظل هذا التطبيق المستقل دليلاً واضحًا على أن الذكاء الاصطناعي على آيفون قادر على تقديم أكثر بكثير مما هو متاح حاليًا... إن سُمِح له بذلك.