الإثنين، 23 يونيو 2025

01:11 ص

tru

دراسة أمريكية تحذر: الذكاء الاصطناعي في الكتابة يُضعف نشاط الدماغ طويل الأمد

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

في خطوة علمية جديدة تضع علامات استفهام حيال الاعتماد المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي في المهام الإبداعية، كشفت دراسة بحثية حديثة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أن استخدام منصات مثل ChatGPT في الكتابة قد يؤدي إلى تراجع ملموس في النشاط الدماغي ووظائف الذاكرة والتفكير النقدي. 

وتأتي هذه النتائج لتدق ناقوس الخطر، خاصة في ظل الانتشار الواسع لهذه الأدوات في مجالات التعليم والإنتاج المعرفي.

انخفاض الجهد المعرفي

بدأت الدراسة التي قادها باحثو مختبر Media Lab في MIT بتقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات رئيسية: الأولى اعتمدت كليًا على أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT لإنجاز مهامها الكتابية، بينما اعتمدت الثانية على محركات البحث التقليدية، وفضلت المجموعة الثالثة استخدام قدراتها الذاتية في القراءة والتحليل والكتابة دون أي دعم تقني.

وعلى مدار أربعة أشهر من الرصد، أظهرت النتائج أن مستخدمي الذكاء الاصطناعي أتموا مهامهم بسرعة فاقت أقرانهم بنسبة 60%، إلا أن هذه السرعة جاءت على حساب العمق العقلي؛ إذ انخفض لديهم ما يُعرف بـ"الجهد المعرفي البنّاء" بنسبة 32%، وهو مؤشر يستخدمه الباحثون لقياس مدى استيعاب الدماغ للمعلومات وتنظيمها داخل الذاكرة طويلة الأمد.

تراجع الاتصالات العصبية

اعتمدت الدراسة على تقنية تخطيط كهربية الدماغ (EEG) لرصد النشاط العصبي للمشاركين أثناء عملية الكتابة.

 وتبيّن أن أولئك الذين كتبوا دون أي مساعدة تقنية أظهروا نشاطًا عصبيًا أعلى، إذ تم تسجيل نحو 79 اتصالًا عصبيًا في نطاق موجات "ألفا" المرتبطة بالتركيز والتفكير الإبداعي. 

في المقابل، سجّل مستخدمو محركات البحث نحو 63 اتصالًا، بينما جاء مستخدمو ChatGPT في المرتبة الأخيرة بـ42 اتصالًا فقط.

الذكاء الاصطناعي

وشملت الدراسة أيضًا رصدًا لموجات "ثيتا"، التي ترتبط بالذاكرة والتحكم التنفيذي في العمليات العقلية، ووفق النتائج، بلغ عدد الاتصالات العصبية لدى المجموعة التي اعتمدت على قدراتها الذاتية نحو 65 اتصالًا، مقارنة بـ29 فقط لدى مستخدمي ChatGPT. 

وأشار الباحثون إلى أن هذه النتائج تعكس ضعفًا في انخراط الدماغ في عمليات التفكير المعقدة حين يتم الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي.

ضعف في التذكر والمعالجة

واحدة من أكثر النتائج إثارة للقلق في هذه الدراسة كانت متعلقة بمستوى تذكر المحتوى لدى المشاركين، فقد فشل نحو 83% من مستخدمي ChatGPT في تذكّر اقتباسات من مقالات كتبوها قبل دقائق فقط، بينما لم تتجاوز هذه النسبة 11% لدى المجموعات الأخرى، وعند اختبارهم بإعادة كتابة المحتوى ذاته دون الاستعانة بالأداة، لم يتمكنوا من استحضار سوى أجزاء بسيطة منه، مما يؤكد ضعفًا في ترسيخ المعلومات في الذاكرة طويلة الأمد.

ورصد الباحثون أيضًا تدهورًا تدريجيًا في الأداء مع تكرار استخدام الأداة، حيث أصبح المستخدمون يعتمدون على النسخ واللصق دون مراجعة نقدية، وهو ما يشير إلى فقدان تدريجي للحافز المعرفي والقدرة على التحليل الشخصي.

 الأخطر أن هذه التأثيرات لم تزُل فور التوقف عن استخدام الأداة، بل ظلت آثارها ممتدة حتى بعد انقضاء التجربة.

تحذيرات مستقبلية للطلاب

بحسب الباحثة الرئيسية في الدراسة، ناتاليا كوسمينا، فإن الأطفال والمراهقين الذين يعتمدون على أدوات مثل ChatGPT في مهامهم الدراسية قد يُطوّرون أنماطًا معرفية مختلفة قد تؤثر في تكوينهم الذهني على المدى البعيد. 

وأضافت أن "الاعتماد المُفرط على الذكاء الاصطناعي لا يُقلل فقط من عمق التفكير، بل قد يُفقد الطلاب الشعور بالانتماء إلى ما يكتبونه"، وهو ما يتفق مع تقارير علمية سابقة تربط بين الاستخدام الكثيف للتكنولوجيا وشعور متزايد بالعزلة وانخفاض الإبداع، رغم الفوائد الظاهرة من حيث السرعة والإنتاجية.

تشير هذه النتائج إلى ضرورة إعادة التفكير في كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في البيئات التعليمية والمهنية، وضرورة التوازن بين الاستفادة من التقنية والحفاظ على وظائف الدماغ الأساسية، خاصة لدى الأجيال الناشئة التي لم تكتمل بعد بنيتها المعرفية.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً