آيفون يستعيد مكانته في السوق الصينية بعد ركود طويل

بعد عامين من التراجع والتقلبات الحادة في سوق الهواتف الذكية بالصين، بدأت شركة آبل تسجل مؤشرات انتعاش إيجابية في مبيعات أجهزة آيفون، وفقًا لأحدث تقارير مؤسسة Counterpoint لأبحاث السوق. 

هذا التحسن يأتي بعد فترة طويلة من الضغوط السياسية والتجارية، إلى جانب منافسة قوية من الشركات الصينية التي استحوذت على حصة متزايدة من السوق المحلية، مستفيدة من الدعم الحكومي والإنتاج المحلي واسع النطاق.

تراجع سابق

شهدت آبل منذ الربع الثالث من عام 2022 سلسلة من الانخفاضات الحادة في إيراداتها داخل الصين، باستثناء ربع سنوي واحد فقط، حيث وصلت نسبة التراجع في بعض الفترات إلى 13%، وهو ما عكس أزمة حقيقية للشركة في ثاني أكبر أسواقها عالميًا. 

وقد تزامن هذا التراجع مع تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، وقيام الحكومة الصينية بإطلاق سياسات دعم واسعة للشركات المحلية المنافسة، لا سيما هواوي وشاومي وأوبو، الأمر الذي زاد من تعقيد المشهد التنافسي أمام آبل.

وبسبب هذه التحديات، كانت آبل الشركة الكبرى الوحيدة التي سجلت تراجعًا في مبيعات الهواتف الذكية في السوق الصينية خلال الربع الأول من عام 2025، في وقت كانت فيه الشركات الصينية تحقّق مكاسب مستمرة. 

التحديات السياسية، إلى جانب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وضعا الشركة في موقف حرج تطلّب مراجعة استراتيجية شاملة للبقاء في دائرة المنافسة.

مؤشرات تعافٍ

لكن الأمور بدأت تأخذ منحى مختلفًا منذ أبريل الماضي، حيث أظهرت آبل مرونة استراتيجية لافتة في تعاملها مع السوق الصيني، فقد وافقت الشركة لأول مرة على الانضمام إلى برنامج الدعم الحكومي الذي أطلقته الصين لتعزيز الحضور الأجنبي في قطاع التقنية، وهي خطوة غير مسبوقة بالنسبة لشركة اعتادت تقليديًا على استقلالها عن المبادرات الحكومية في الأسواق الخارجية.

كذلك ساعد إطلاق هاتف iPhone 16e، الذي جاء بتسعير منخفض نسبيًا مقارنة بالنماذج الرائدة، في استقطاب شريحة أوسع من المستهلكين في السوق الصينية، والتي أصبحت أكثر حساسية للأسعار بفعل الظروف الاقتصادية الأخيرة. 

وكنتيجة لذلك، سجلت الشركة نموًا بنسبة 8% في مبيعات آيفون خلال الربع المنتهي في يونيو 2025، وهي أول نسبة نمو إيجابي فصلي منذ عامين.

منافسة محتدمة

هذا التعافي لا يعني أن الطريق أمام آبل أصبح سهلًا، فالبيئة التنافسية في الصين ما تزال قاسية، مع استمرار الهيمنة الكبيرة للشركات المحلية على معظم شرائح السوق، إضافة إلى الابتكارات المتسارعة التي تقدمها تلك الشركات من حيث الأداء والكاميرات والاتصال بشبكات الجيل الخامس، وكل ذلك بأسعار تنافسية.

لكن من الواضح أن آبل بدأت تستعيد موطئ قدمها، خاصة مع اقتراب موعد إعلان نتائج الربع المالي الجاري، حيث يُتوقع أن تعكس الأرقام تحسّنًا عامًا في الأداء، مدعومًا باستراتيجية تسعيرية أكثر مرونة، وتكيّف أفضل مع المتغيرات السياسية والاقتصادية.

ويرى مراقبون أن آبل، رغم المنافسة القوية، ما تزال تحظى بمكانة متميزة في السوق الصينية بفضل علامتها التجارية القوية، وولاء جزء من المستخدمين، وسعيها المستمر لإعادة ابتكار منتجاتها بما يلائم خصوصية هذا السوق الديناميكي.