الأحد، 27 يوليو 2025

07:38 م

tru

كلمات الروبوت تغزو أحاديث البشر اليومية

ChatGPT

ChatGPT

ياسين عبد العزيز

A A

بدأت نتائج دراسة جديدة تُظهر تحوّلًا لغويًا لافتًا بين مستخدمي الذكاء الاصطناعي، حيث كشفت الأبحاث عن أن البشر بدأوا يعتمدون مفردات وأساليب تعبير مستخدمة في نماذج الذكاء الاصطناعي، وعلى رأسها ChatGPT، في أحاديثهم اليومية، ما يشير إلى تغيّر غير تقليدي في العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا، ويعيد طرح تساؤلات حول التأثير الثقافي طويل المدى للذكاء الاصطناعي في حياة الناس.

تأثير يومي

أجرت الدراسة مجموعة باحثين من معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية في برلين، وخلصت إلى أن أدوات الذكاء الاصطناعي لم تعد مقتصرة على المساعدة في الكتابة أو البرمجة أو التعليم، بل بدأت تؤثر على أسلوب الحديث اليومي للبشر، حيث سجل الباحثون ظهورًا متزايدًا لمفردات تميز ChatGPT مثل “delve” و”swift” و”comprehend” في محادثات عادية بين الأفراد، وحتى في البودكاست والمقاطع الحوارية على يوتيوب، وهو ما لم يكن متوقعًا عند إطلاق هذه النماذج.

وأظهرت النتائج أن هذا التسلل اللغوي لا يقتصر على اللغة المكتوبة، بل امتد إلى اللغة المنطوقة، حيث أصبح من الشائع سماع مصطلحات كانت تُستخدم سابقًا في السياقات الأكاديمية أو التقنية داخل أحاديث بسيطة، ما يشير إلى اعتماد متزايد على الأسلوب اللغوي لتلك النماذج.

تحليل شامل

اعتمد الفريق البحثي على تحليل أكثر من 360 ألف مقطع فيديو على يوتيوب، إضافة إلى أكثر من 770 ألف حلقة بودكاست مسجلة قبل وبعد إصدار ChatGPT، كما فحصوا ملايين النصوص المكتوبة التي طلب فيها المستخدمون من الذكاء الاصطناعي تحسين الأسلوب، وذلك بهدف تتبع الأنماط والمفردات الأكثر شيوعًا التي بدأ استخدامها في مختلف السياقات.

ChatGPT

وخلصت الدراسة إلى أن البشر باتوا يتأثرون بأسلوب ChatGPT بنفس الطريقة التي كانوا يتأثرون بها بالشخصيات العامة أو المشاهير على وسائل التواصل الاجتماعي، ويرى الباحث المشارك ليفين بريكمان أن الأفراد عادة ما يقلدون من يعتبرونه مصدرًا موثوقًا، وهو ما تحقق مع ChatGPT الذي بات كثيرون ينظرون إليه كمرجعية معرفية.

تنميط خطابي

حذّرت الدراسة من أن هذا النمط من التأثير قد يؤدي إلى تنميط الخطاب الثقافي، ويُضعف من ثراء التنوع اللغوي والاجتماعي، فحين يبدأ الملايين باستخدام نفس الأسلوب والكلمات، تنخفض الفروقات اللغوية بين المجتمعات، وتذوب الخصوصيات المحلية في قالب لغوي واحد تصنعه الآلة.

وتحدث الباحثون عن أثر محتمل أعمق، يتمثل في تآكل الهوية الاجتماعية وتحوّل طريقة التفكير إلى أنماط موحدة، إذ يعتمد الناس بشكل متزايد على نماذج لغوية لا تعكس بيئاتهم، بل تُصمم استنادًا إلى بيانات واسعة النطاق وتوجهات أكاديمية.

وأشارت الدراسة إلى أن ChatGPT ليس النموذج الوحيد الذي يصنع تأثيرًا لغويًا، بل إن أدوات أخرى مثل Gemini من جوجل وClaude من Perplexity تنتج أنماطًا مختلفة، حيث يميل Gemini إلى البساطة والعامية، بينما يتميز Claude بصيغة أكثر شرحًا ووضوحًا، فيما لم يشمل التحليل نموذج Grok التابع لإيلون ماسك، رغم ما يُعرف عنه من طابع ساخر وفكاهي.

تحديات لغوية

وصفت الدراسة هذه التغيرات بأنها لحظة مفصلية في العلاقة بين البشر والتكنولوجيا، حيث لم يعد الإنسان هو الطرف الوحيد المُنتِج للغة، بل أصبحت الآلة تساهم في تشكيل اللغة التي يستخدمها الإنسان نفسه، وهو ما يطرح تحديات جديدة أمام علوم الإدراك وعلم النفس اللغوي.

وقالت الدراسة إن هذه التأثيرات قد لا تتوقف عند حدود المفردات، بل يمكن أن تمتد إلى أسلوب التفكير والكتابة وتبادل الآراء، إذ تصبح مفاهيم مثل السلطة المعرفية والهوية الثقافية معرضة لإعادة تشكيل مستمرة من أدوات لا تفهم الثقافة بالمعنى البشري، بل تعيد إنتاج ما تلقّته من البشر.

وتقترح الدراسة ضرورة إجراء أبحاث مستقبلية تركز على هذه التحولات، والتفكير في استراتيجيات تربوية ولغوية تحمي الخصوصيات الثقافية من الذوبان في الأساليب الموحدة التي تروجها نماذج الذكاء الاصطناعي، خاصة بين الأجيال الجديدة.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً