الثلاثاء، 09 سبتمبر 2025

04:51 م

tru

مطالبات متزايدة بحظر تطبيقات التواصل "المشبوهة" في مصر: إحالة دعوى "تيك توك" إلى المفوضين وسط حملة قضائية أوسع

تيك توك

تيك توك

A A

في خطوة تعكس تصاعد التوترات حول تنظيم المحتوى الرقمي في مصر، قررت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، برئاسة المستشار فتحي السيد هلال، إحالة الدعوى المقامة من المحامي مرتضى منصور – عضو مجلس النواب السابق والمحامي بالمحكمة الإدارية العليا – إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير فني وقانوني حول طلب حظر تطبيق "تيك توك" داخل الأراضي المصرية بشكل كامل. ومن المقرر أن تعقد الجلسة التالية يوم 6 ديسمبر المقبل، ليتم الفصل في القضية بناءً على توصيات المفوضين، مما يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، بما في ذلك الإبقاء على التطبيق مع تعزيز آليات الرقابة أو إصدار أمر بحجبه نهائيًا إذا ثبتت الادعاءات.

وهذه الدعوى ليست مجرد قضية فردية، بل جزء من اتجاه عالمي أوسع يواجه المنصات الرقمية مع تحديات التوازن بين حرية التعبير والحفاظ على القيم الاجتماعية. ففي ظل انتشار الذكاء الاصطناعي وخوارزميات التوصية في تطبيقات مثل "تيك توك"، أصبح نشر المحتوى غير المنظم أكثر خطورة، حيث يمكن للخوارزميات تضخيم المواد الضارة لملايين المستخدمين، خاصة الشباب الذين يشكلون أكثر من 60% من قاعدة مستخدمي التطبيق عالميًا.


اتهامات بتحول "تيك توك" إلى أداة لنشر المحتوى “الفاسد”

في الدعوى، يصف منصور التطبيق بأنه تجاوز دوره الترفيهي الأساسي كمنصة لمشاركة مقاطع الفيديو القصيرة، ليصبح "أداة مشبوهة" لنشر محتوى يخالف تعاليم الأديان السماوية ويهدد القيم الأخلاقية للمجتمع المصري. ويبرز المدعي أن العديد من الحسابات على المنصة تُستخدم للترويج لـ"الدعارة الجسدية مقابل المال"، مما يشكل تهديدًا مباشرًا للنسيج الثقافي والاجتماعي، خاصة بين فئات الشباب والمراهقين الذين يقضون ساعات طويلة يوميًا على التطبيقات الرقمية.

من منظور تكنولوجي، يعتمد "تيك توك" – الذي يملكه شركة بايت دانس الصينية – على خوارزميات تعلم آلي متقدمة تجعل التوصيات شخصية للغاية، مما يعزز انتشار المحتوى الإدماني أو الضار إذا لم تُدار بشكل صارم. وفقًا لتقارير حديثة من منظمة اليونسكو، ساهم هذا النموذج في انتشار التحرش الرقمي بنسبة تصل إلى 30% في الدول النامية، مما يجعل مطالبات الحظر في مصر جزءًا من نقاش عالمي حول مسؤولية المنصات عن المحتوى المولد من قبل المستخدمين.

تحذيرات سابقة ودعوة للعمل العاجل

يُلفت منصور النظر إلى أنه حذر من مخاطر "تيك توك" قبل سنوات عبر منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، مطالبًا الجهات التنظيمية بالتحرك الفوري لحظره، مستشهدًا بدول أخرى اتخذت إجراءات مشابهة. ويحذر من أن التغاضي عن هذه الظاهرة قد يؤدي إلى "تدهور أخلاقي واسع النطاق"، خاصة في مجتمع يعاني بالفعل من تحديات الرقابة الرقمية في ظل انتشار الإنترنت عالي السرعة عبر شبكات الجيل الخامس (5G).

في السياق الدولي، أصبح "تيك توك" هدفًا للحظر في 16 دولة حتى الآن، بما في ذلك أستراليا التي حظرت التطبيق على الأجهزة الحكومية في 2025 بعد استشارات أمنية، والهند التي فرضت حظرًا كاملاً في 2020 بسبب مخاوف أمنية. هذه التجارب تُظهر أن الحظر غالبًا ما يرتبط بمخاطر البيانات والأمن السيبراني، بالإضافة إلى الجوانب الأخلاقية، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان الحل الأمثل في مصر هو الحظر الكامل أم تطوير أدوات رقابة محلية أكثر كفاءة، مثل تلك المستخدمة في الاتحاد الأوروبي عبر قانون الخدمات الرقمية (DSA).


موجة دعاوى ضد تطبيقات الدردشة: من TANGO إلى BIGO

تأتي دعوى "تيك توك" ضمن حملة قضائية أوسع ضد تطبيقات التواصل والدردشة التي وُصفت بـ"المشبوهة"، حيث رفع عدد من المحامين دعاوى مماثلة تطالب بحظر تطبيقات مثل TANGO، MICO، SUGO، WHOSHERE، SOULCHILL، وBIGO. وتُقدم هذه التطبيقات نفسها كمنصات للدردشة المجانية أو المدفوعة عبر الاشتراك، لكن المدعين يتهمونها بتحولها إلى وسائل لـ"الدعارة الإلكترونية"، من خلال تبادل الصور والفيديوهات ومحادثات خاصة تنتهي باتفاقات غير مشروعة بمقابل مادي.

وفقًا للدعاوى، سيتم تقديم أدلة تشمل مقاطع فيديو وصور مأخوذة من هذه التطبيقات، تثبت طبيعة المحتوى المتداول علنًا، بالإضافة إلى ما يحدث في الغرف الخاصة. كخبير في التطبيقات الذكية، ألاحظ أن هذه المنصات غالبًا ما تعتمد على نماذج أعمال تعتمد على الهدايا الافتراضية والدفعات الدقيقة، مما يشجع على سلوكيات استغلالية. في السنوات الأخيرة، شهدت مصر ارتفاعًا في الشكاوى المتعلقة بالتحرش الرقمي بنسبة 25%، وفقًا لتقارير وزارة الاتصالات، مما يبرر الضغط القضائي، لكنه يثير أيضًا مخاوف بشأن تأثير الحظر على الابتكار الرقمي والاقتصاد الرقمي الذي يعتمد على الإعلانات والاشتراكات.

التحديات التكنولوجية والمستقبلية

ستتولى هيئة المفوضين الآن دراسة الدعوى، مع التركيز على الرأي القانوني والفني، قبل إعادتها إلى الدائرة للفصل النهائي. ومن المتوقع أن تشمل المناقشات جوانب تتجاوز الجانب الأخلاقي، مثل فعالية الحظر في عصر VPNs والشبكات الافتراضية الخاصة، التي يستخدمها ملايين المصريين لتجاوز القيود. كما أن أي قرار بحظر قد يؤثر على شركات التكنولوجيا العالمية، التي تواجه بالفعل ضغوطًا تنظيمية في الشرق الأوسط، حيث أدخلت السعودية ودول الخليج آليات رقابة متقدمة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة المحتوى دون حظر كامل.
في النهاية، تمثل هذه القضايا نقطة تحول في كيفية تعامل مصر مع الثورة الرقمية، حيث يجب أن تكون الرقابة متوازنة للحفاظ على الابتكار دون التضحية بالقيم الاجتماعية. سنتابع التطورات عن كثب، مع التركيز على التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المحتملة.
 

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً