شركات التأمين تعزز حضورها الرقمي بخدمات فورية مدعومة بالاتصالات الذكية

يشهد قطاع التأمين طفرة نوعية غير مسبوقة مع دخول شركاته عصر الاتصالات الذكية، حيث بات الاعتماد على الشبكات الحديثة والذكاء الاصطناعي عاملًا رئيسيًا في تقديم خدمات سريعة ومصممة حسب الطلب، الأمر الذي غيّر طبيعة العلاقة بين العملاء ومقدمي الخدمات. 

هذا التحول لم يعد يقتصر على الأسواق العالمية فحسب، بل امتد ليشمل دولًا مثل مصر، حيث تبنّت شركات كبرى مثل "مصر للتأمين" و"أليانز" تقنيات تحليل البيانات الفورية عبر شبكات المحمول، ما مكنها من تسعير وثائق التأمين الفردية بدقة أكبر، وأدى إلى ارتفاع نسبة المشتركين في وثائق التأمين الصحي الرقمي بنسبة 32% خلال عام 2024.

منتجات فورية

أصبحت المنتجات التأمينية الفورية عنوان المرحلة الجديدة، حيث تعتمد الشركات على التعاون مع مزودي خدمات الاتصالات مثل "فودافون مصر" و"أورانج" لتسخير حجم البيانات الضخمة (Big Data) في تحليل سلوك العملاء واستخداماتهم اليومية، مما يتيح تقديم خدمات مبتكرة مثل التأمين على السفر لمدة يوم واحد أو التأمين على الأجهزة الذكية فور تفعيلها. 

وتشير الأرقام إلى أن هذه الخدمات الرقمية حققت في السوق المصرية قيمة وصلت إلى 750 مليون جنيه في عام 2024، مسجلة زيادة قدرها 45% مقارنة بالعام السابق، وهو ما يعكس الإقبال المتنامي من العملاء على حلول مرنة وسريعة تناسب احتياجاتهم المباشرة.

خفض التكاليف

ولا يقتصر أثر التحول الرقمي على سرعة تقديم الخدمات وحسب، بل يمتد ليشمل خفض التكاليف التشغيلية للشركات بشكل ملموس، إذ يوضح تقرير صادر عن مؤسسة "ماكنزي" أن دمج الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية يقلل من تكاليف إدارة المطالبات بنسبة تصل إلى 20%. 

هذا الخفض يمنح شركات التأمين فرصة لتقديم أسعار أكثر تنافسية دون أن تتأثر جودة الخدمة، وهو ما يعزز مكانتها في سوق يشهد منافسة محتدمة، خاصة مع دخول شركات ناشئة تعتمد منذ البداية على التكنولوجيا الحديثة في إدارة عملياتها.

شمول مالي

ويمثل الشمول المالي أحد أبرز المكاسب المتوقعة لهذا التوجه الجديد، إذ تكشف بيانات البنك المركزي المصري أن 67% من المواطنين لا يمتلكون وثائق تأمين تقليدية، وهو ما يفتح المجال أمام المنتجات الرقمية لتغطية هذه الفجوة. 

وبفضل بساطتها وسهولة الحصول عليها عبر شبكات الاتصالات، أصبحت هذه المنتجات قادرة على الوصول إلى شرائح لم تكن ضمن المستهدفين سابقًا. 

ووفقًا لاتحاد شركات التأمين في مصر، من المنتظر أن تصل أقساط التأمين الرقمي إلى نحو 2.5 مليار جنيه بحلول عام 2026، ما يعكس التوسع السريع لهذا القطاع وقدرته على خلق فرص جديدة للنمو في الاقتصاد المحلي.

وفي ضوء هذه التطورات، يبدو أن مستقبل صناعة التأمين بات مرتبطًا بشكل وثيق بالاتصالات الذكية، حيث يجتمع عنصر الابتكار مع متطلبات العملاء المتزايدة للحصول على خدمات سريعة ومرنة. 

هذه المرحلة الجديدة لا تعيد فقط تعريف آليات العمل داخل الشركات، بل تسهم أيضًا في تعزيز الثقافة التأمينية لدى المواطنين، وتفتح المجال أمام دخول عصر رقمي يضع العملاء في قلب العملية التأمينية.