ابتكار طبي جديد.. جهاز ذكاء اصطناعي يعيد البصر لمرضى العمى العالميين

كشف فريق من الباحثين الدوليين عن جهاز طبي مبتكر يعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدة مرضى العمى المرتبط بالضمور الجغرافي للشبكية على استعادة الرؤية، وفق دراسة حديثة نشرت في مجلة The New England Journal of Medicine.

ويُعد هذا الابتكار خطوة مهمة في علاج التنكس البقعي المرتبط بالعمر (AMD)، الذي يُعد من أبرز أسباب فقدان الرؤية المركزية في العالم، إذ يؤثر في مركز شبكية العين ويحد من القدرة على الرؤية الدقيقة الضرورية للقيام بالأنشطة اليومية.

قاد البحث الدكتور José-Alain Sahel من جامعة بيتسبرغ، بالتعاون مع الدكتور Daniel Palanker من جامعة ستانفورد، والدكتور Frank Holz من جامعة بون.

وركز الفريق على تطوير جهاز متكامل يتيح تحويل الصور البصرية إلى إشارات كهربائية تستطيع خلايا الشبكية العصبية معالجتها، ما يتيح للمستخدم رؤية واضحة بعد فقدان البصر نتيجة الضمور الجغرافي، والذي يمثل نحو 80% من حالات التنكس البقعي المرتبط بالعمر، ويقدر عدد المصابين به حول العالم بنحو ثمانية ملايين شخص.

الجهاز المبتكر

يتكون الجهاز من ثلاثة مكونات رئيسية، تشمل شريحة لاسلكية دقيقة تُزرع داخل العين تُعرف باسم PRIMA، ونظارات فيديو ذكية مزودة بكاميرا مدمجة، ومعالج صغير يستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحويل البيانات البصرية إلى إشارات كهربائية. 

تُزرع الشريحة تحت منطقة البقعة المتضررة بعد إزالة الجسم الزجاجي في عملية جراحية دقيقة، ويبلغ سمك الشريحة 30 ميكرونًا فقط، مع 378 قطبًا كهربائيًا موزعة على مساحة 2×2 مليمتر، لتوفير تفاعل فعال مع خلايا الشبكية العصبية المحيطة.

تلتقط النظارات المشهد لحظيًا وترسله عبر نبضات ضوئية تحت الحمراء إلى الشريحة المزروعة، التي تحوّل الضوء إلى إشارات كهربائية، فيما يعمل المعالج على تفسير هذه البيانات باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، لضمان أن تصل الإشارات إلى الدماغ بطريقة دقيقة تمكّن المريض من إدراك الصورة النهائية، كما يسهم النظام في تحسين التعرف على الأنماط البصرية المختلفة، وتقديم رؤية أكثر وضوحًا ودقة للمرضى الذين فقدوا الرؤية المركزية بالكامل.

نتائج الدراسة

شملت الدراسة 38 مشاركًا من عدة دول أوروبية، وتمت متابعة النتائج على مدار 12 شهرًا، حيث أظهر 32 مشاركًا تحسنًا واضحًا في وضوح الرؤية، وتمكن 84% منهم من قراءة أرقام وحروف وكلمات باستخدام العين التي كانت عمياء سابقًا. 

وأكد الباحثون أن الجهاز ساعد في استعادة الرؤية المركزية وتقوية قدرة البصر، مع تحسين ملحوظ في القدرة على تمييز التفاصيل الدقيقة، مما يتيح للمستخدمين استعادة استقلاليتهم في ممارسة الأنشطة اليومية.

أهمية الابتكار

يمثل هذا الجهاز قفزة نوعية في علاج العمى الناتج عن التنكس البقعي الجاف، ويتيح للباحثين توسيع نطاق التطبيقات المحتملة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الطب، خاصة في مجالات معالجة الأمراض العصبية والحسية، كما يُظهر الابتكار قدرة الأجهزة الذكية على المساهمة في إعادة الوظائف الحيوية للأعضاء المتضررة، ويتيح للمرضى تجربة حياة أكثر طبيعية بعد فقدان البصر.

ويأمل الفريق البحثي في تطوير النسخة القادمة من الجهاز لتشمل مزيدًا من الميزات، مثل توسيع نطاق الرؤية وتحسين جودة الألوان، كما يخطط الباحثون لإجراء دراسات أطول وأوسع تشمل مجموعات أكبر من المرضى لتأكيد فعالية الجهاز على نطاق عالمي.