الجمعة، 03 أكتوبر 2025

06:53 ص

tru

تقنيات الذكاء الاصطناعي تفتح الباب أمام عودة رقمية للموتى بطريقة مثيرة للجدل

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

لم تعد فكرة التحدث إلى أحبائنا بعد رحيلهم مجرد مشهد من أعمال الخيال العلمي، بل تحولت اليوم إلى مسار تقني متسارع يعرف باسم “تقنية الحداد” أو Grief Tech. 

هذه التطبيقات الجديدة تمنح المستخدمين إمكانية استعادة تواصلهم مع الراحلين عبر نسخ رقمية تحاكي أصواتهم وطرق تفكيرهم وحتى ردودهم المعتادة، وهو ما أثار اهتمامًا واسعًا وجدلاً لا يقل حدّة في الأوساط التقنية والاجتماعية.

محادثات افتراضية

تقوم بعض الشركات الأمريكية الرائدة على تطوير منصات تعيد صياغة العلاقة بين الأحياء والأموات باستخدام أدوات متنوعة مثل المكالمات الصوتية أو المرئية ورسائل الدردشة. 

ومن أبرز الأمثلة شركة StoryFile التي ابتكرت روبوتات محادثة تستند إلى تسجيلات فيديو سابقة لأشخاص يجيبون عن أسئلة محددة، مما يمنح ذويهم شعورًا بأنهم يخوضون حوارًا مباشرًا معهم حتى بعد رحيلهم. 

أما تطبيق HereAfter AI فيعتمد على مقابلات طويلة مع الأشخاص قبل وفاتهم، حيث يتم تحليلها وتحويلها إلى مكتبة صوتية يمكن أن تجيب على أسئلة الأقارب بنفس النبرة والأسلوب.

نسخ رقمية

شركات أخرى مضت أبعد في التجربة مثل منصة You, Only Virtual، التي تستعين بسجلات رقمية شخصية تشمل الرسائل النصية والبريد الإلكتروني والمكالمات لتشييد نسخة افتراضية تعكس شخصية المتوفى، هذه النسخة قادرة على تقليد طريقة التفكير وتقديم إجابات شبيهة جدًا بالأسلوب المعتاد، وهو ما يرفع مستوى الإيهام الواقعي ويزيد من شعور المقربين بأنهم ما زالوا يتواصلون مع أحبائهم، غير أن هذه الإمكانيات، مع ما تمنحه من عزاء نفسي للبعض، تفتح أبوابًا واسعة للنقاش حول القضايا الأخلاقية والقانونية المتعلقة بالبيانات الشخصية.

جدل أخلاقي

أحد أبرز التساؤلات التي يثيرها هذا التطور يتعلق بملكية البيانات، إذ يخشى خبراء من احتمالية إساءة استخدامها أو تعرضها للسرقة، إضافة إلى إمكانية بناء نسخ رقمية لأشخاص أحياء دون إذنهم. 

كما يطرح آخرون قضية حق الأفراد في رفض استنساخهم الرقمي بعد وفاتهم، وهو ما قد يستدعي وضع أطر تشريعية جديدة تتعامل مع هذه السيناريوهات غير المسبوقة.

من الناحية الاقتصادية، يرى محللون أن سوق “تقنية الحداد” قد يكون واعدًا إذا ما قورن بحجم الإنفاق العالمي على الصحة النفسية، ففي الولايات المتحدة وحدها، ينفق الأفراد نحو 300 مليار دولار سنويًا على خدمات الدعم النفسي، وفقًا لتقديرات شركة Bourne Partners المتخصصة في الاستشارات المالية للرعاية الصحية. 

هذه الأرقام تعكس إمكانية أن تصبح تلك التطبيقات مصدرًا تجاريًا ضخمًا، لكن يبقى التساؤل مطروحًا حول آليات الدفع، سواء عبر اشتراكات شهرية كما في منصات الذكاء الاصطناعي الشهيرة مثل ChatGPT، أو عبر نظام يعتمد على وقت الاستخدام كما في العلاجات النفسية التقليدية.

الجدل امتد حتى إلى تقديرات تكلفة هذه الخدمات، إذ قارن بعض المحللين بين الفكرة وسعر الروبوت البشري Optimus من تسلا، والذي قدّره إيلون ماسك بنحو 70 ألف دولار، معتبرين أن هذه القيمة قد تكون مؤشراً على تكلفة “رفيق رقمي” قادر على أداء دور مشابه في المستقبل.

ومع تزايد تقبل المستخدمين للتفاعل مع روبوتات المحادثة المتقدمة مثل ChatGPT وGemini، فإن السوق العالمية لمثل هذه الخدمات تبدو في طريقها للنمو السريع، وما كان يُنظر إليه كخيال جامح في أعمال السينما والدراما، بات اليوم يتشكل كواقع تجاري وتقني جديد يعيد تعريف علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي، وربما بعالم ما بعد الموت نفسه.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً