الثلاثاء، 07 أكتوبر 2025

02:51 م

tru

“دلفي-2إم”.. نظام ذكاء اصطناعي يتنبأ بأمراض الإنسان قبل ظهورها بعشرين عامًا

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

في تطور علمي مذهل قد يغيّر مستقبل الطب الحديث، أعلن فريق بحثي دولي عن تطوير نظام ذكاء اصطناعي جديد يحمل اسم “Delphi-2M”، يتمتع بقدرة فريدة على التنبؤ بخطر الإصابة بأكثر من ألف مرض مختلف قبل ظهور أي أعراض بما يصل إلى عشرين عامًا. 

ويُعد هذا النظام أحد أكثر النماذج التنبؤية تطورًا حتى الآن، إذ بلغت دقته نحو 76% في التوقعات القصيرة المدى وقرابة 70% في التوقعات الطويلة، مما يجعله أداة علمية استباقية يمكن أن تمنح الأطباء رؤية غير مسبوقة حول مستقبل صحة الإنسان.

رموز طبية

ووفقًا لما نشرته مجلة Nature، فإن نظام Delphi-2M يعتمد في جوهره على التقنية نفسها التي تستخدمها النماذج اللغوية الضخمة مثل ChatGPT، غير أنه بدلاً من تحليل النصوص، يقوم بتحليل السجلات الطبية والتشخيصات عبر تحويلها إلى رموز رقمية دقيقة يقرأها النموذج لتحديد الأمراض المحتملة وتوقيت ظهورها المتوقع. 

ويُظهر هذا النهج المبتكر كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعامل مع التسلسل الزمني للحالة الصحية كما يتعامل النموذج اللغوي مع بنية الجمل والنصوص، بما يفتح الباب أمام تحليلٍ لغويٍ لصحة الإنسان بدلًا من اللغة البشرية.

ويقوم النظام بربط ملايين البيانات الطبية بطريقة تسلسلية تحاكي التفكير البشري في فهم العلاقة بين الحالات المرضية المتتابعة، ليُنتج خريطة شاملة توضح احتمالات الإصابة المستقبلية وتطورها عبر الزمن، مما يمنح الأطباء والمختصين أداة دقيقة للتنبؤ المبكر والوقاية قبل فوات الأوان.

دقة مذهلة

وفي عرضٍ توضيحي لقدراته العملية، أورد الباحثون مثالًا لرجلٍ في الستين من عمره يعاني من السكري وارتفاع ضغط الدم، حيث توقع النظام أن احتمال إصابته بـسرطان البنكرياس يزيد بنحو 19 ضعفًا عن المعدل الطبيعي، كما توقع أن خطر وفاته في حال الإصابة قد يكون أعلى بما يصل إلى 10 آلاف مرة مقارنة بشخص سليم، هذه الأرقام المذهلة توضح الإمكانات الضخمة للنظام في تقديم تقييمات دقيقة وشخصية للمخاطر الصحية، بما يتجاوز حدود التشخيص التقليدي.

كما أظهرت التجارب أن النظام يمكنه التنبؤ بعدة أمراض في وقتٍ واحد، مستفيدًا من قدرته على معالجة بيانات نمط الحياة مثل التدخين ومؤشر كتلة الجسم والعوامل الوراثية والديموغرافية، ليقدم تحليلًا متكاملًا لا يعتمد على مرضٍ واحد بل على الصورة الصحية الكاملة للفرد.

تحديات قائمة

ويستند Delphi-2M إلى بنية المحوّلات (Transformers) التي تُعد العمود الفقري للتعلم العميق الحديث، ما يمنحه مرونة في التعامل مع البيانات الطبية الضخمة، إلا أن النظام لا يخلو من التحديات، إذ تتراجع دقته في التنبؤ طويل المدى لتتراوح بين 60 إلى 70%، كما أنه يواجه صعوبة في التعامل مع الأمراض النادرة أو المرتبطة بالبيئة نظرًا لاعتماده الأساسي على بيانات البنك الحيوي البريطاني، مما يجعل تنويع مصادر البيانات أولوية في المراحل القادمة.

ويؤكد الباحثون أن تطوير النظام ليتعامل مع بيانات من مجتمعات مختلفة حول العالم سيزيد من شمولية نتائجه، إذ تختلف العوامل الوراثية والبيئية من منطقة إلى أخرى، وهو ما يتطلب تدريبًا أوسع للنموذج قبل اعتماده كأداة تشخيصية عالمية.

طب استباقي

ويُنظر إلى “Delphi-2M” باعتباره خطوة ثورية نحو تحويل الطب من مرحلة العلاج إلى مرحلة الوقاية، فبدلًا من انتظار ظهور الأعراض، يستطيع الأطباء استخدام النظام لتحديد الأفراد الأكثر عرضة للخطر ووضع استراتيجيات علاجية ووقائية مبكرة، كما أن دمجه داخل أنظمة الرعاية الصحية الإلكترونية سيسمح بمتابعة مستمرة للحالة الصحية، مع تحديث تلقائي للبيانات والتنبؤات مع مرور الوقت.

ويرى الخبراء أن النظام قد يشكّل أساسًا لما يُعرف بـالطب التنبؤي الذكي، وهو توجه يهدف إلى تحويل الممارسة الطبية إلى منظومة قائمة على البيانات الدقيقة والتحليل المستقبلي بدلًا من التفاعل مع الأعراض بعد وقوعها. 

ومع تزايد اعتماد المؤسسات الطبية على الذكاء الاصطناعي، يبدو أن “Delphi-2M” قد يكون المفتاح الذي يفتح الباب أمام عصرٍ جديد من الوقاية الرقمية، حيث يصبح تشخيص الأمراض المستقبلية أمرًا متاحًا قبل أن تبدأ قصتها في الجسد.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً