الأحد، 02 نوفمبر 2025

04:13 م

tru

فقاعة الذكاء الاصطناعي تثير مخاوف من تكرار انهيار الإنترنت في التسعينيات

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

A A

يتصاعد الجدل في الأوساط الاقتصادية حول ما إذا كان قطاع الذكاء الاصطناعي يعيش فقاعة استثمارية جديدة، في ظل تقييمات فلكية لشركات ناشئة، وإنفاق رأسمالي ضخم يتجاوز حدود المنطق الاقتصادي، وتدفقات تمويلية هائلة نحو مشاريع لا تزال في مراحلها التجريبية، مما أعاد للأذهان سيناريو فقاعة الإنترنت التي انفجرت مطلع الألفية، وأثرت لسنوات على سوق التكنولوجيا العالمي.

ماهية الفقاعة

الفقاعة الاقتصادية هي ارتفاع سريع وغير مبرر في أسعار الأصول يتجاوز قيمتها الحقيقية، تقوده موجة حماس جماعي وخوف من تفويت الفرص الاستثمارية. 

ويشرح الاقتصادي الأمريكي هايمان مينسكي هذه الظاهرة بخمس مراحل تبدأ بالإزاحة، عندما تظهر تقنية جديدة تجذب الاهتمام، ثم الازدهار، حيث تتدفق رؤوس الأموال، تليها النشوة والمضاربات، ثم جني الأرباح من قبل المستثمرين الكبار، وأخيرًا الذعر الذي يؤدي إلى انهيار السوق.

ويرى محللون أن اكتشاف الفقاعة في بدايتها أمر صعب، لأن الأرقام في المراحل الأولى تكون مغرية، والتوقعات متفائلة، لكن الاختبار الحقيقي يظهر عندما تفشل الشركات في تحويل هذه التوقعات إلى أرباح، أو عندما تفقد الأسواق الثقة في جدوى هذه النماذج الربحية.

مؤشرات مقلقة

تشير عدة مؤشرات إلى أن سوق الذكاء الاصطناعي قد يسير نحو سيناريو مشابه، ففي بداية عام 2025، خسرت شركات التكنولوجيا أكثر من تريليون دولار بعد إعلان شركة صينية عن نموذج ذكاء اصطناعي منافس بتكلفة أقل، حيث هبط سهم "إنفيديا" بنسبة 17% في يوم واحد، قبل أن تعود الشركة لاحقًا لتسجل قيمة سوقية قياسية بلغت 4 تريليونات دولار في سبتمبر.

كما تتدفق الاستثمارات نحو شركات لا تمتلك نماذج ربحية واضحة، ويجري تقييمها بناء على عدد المستخدمين أو الشهرة الإعلامية، وليس على أساس الإيرادات الفعلية. 

وتقوم شركات كبرى بضخ مليارات في بناء مراكز بيانات عملاقة دون وضوح في الطلب المستقبلي، وهو سلوك يشبه ما حدث خلال فقاعة الإنترنت.

سيناريوهات محتملة

الخبراء منقسمون بين من يرى أن ما يحدث فقاعة مكتملة ستؤدي إلى خسائر كبيرة قبل أن تظهر شركات عملاقة جديدة كما حدث مع أمازون وجوجل، وبين من يتوقع تصحيحا جزئيا يعيد التوازن دون انهيار شامل. 

ويشير البعض إلى أن حجم الدعم من الشركات الكبرى يجعل الانهيار الكامل غير مرجح، لكنه لا يمنع تقلبات حادة في المدى القصير.

ما يميز فقاعة الذكاء الاصطناعي الحالية أنها تحظى بدعم مباشر من شركات ضخمة مثل مايكروسوفت وجوجل وأمازون، التي تستثمر المليارات ليس فقط في الشركات الناشئة بل في تطوير البنية التحتية وتشغيل الخدمات السحابية. 

كما أن هناك تقدما تقنيا فعليا يختلف عن وعود التسعينيات، إذ تُظهر تطبيقات الذكاء الاصطناعي قدرات ملموسة في الطب والتعليم والبرمجة والتصميم.

لكن في المقابل، تظل النماذج الربحية محدودة، ومعظم الشركات الناشئة الكبرى لم تحقق إيرادات كافية لتبرير تقييماتها الضخمة. 

وتعتمد شركات مثل OpenAI على دعم سحابي من مايكروسوفت يتجاوز 13 مليار دولار، وهو ما يجعل تقييمها المالي الحقيقي محل شك، بينما حصلت شركات أخرى مثل Anthropic وxAI وCohere على تمويلات ضخمة مقابل منتجات لم تصل بعد إلى جمهور واسع.

سباق مكلف

تشير بيانات بلومبرج إلى أن الإنفاق الرأسمالي لشركات التكنولوجيا العملاقة سيقفز من 200 مليار دولار في 2024 إلى 400 مليار دولار في 2026، يذهب أغلبه نحو مشاريع الذكاء الاصطناعي والبنية السحابية. 

وبرزت ظاهرة جديدة تُعرف باسم الاستحواذ من أجل التوظيف (Acquihiring)، حيث تستحوذ الشركات الكبرى على شركات صغيرة فقط لاستقطاب فرقها الهندسية، مثل استحواذ OpenAI على شركة Windsurf مقابل 3 مليارات دولار في مايو 2025.

وفي تعليق لافت، قال جيف بيزوس رئيس مجلس إدارة أمازون، إن ما يحدث يشبه “الفقاعات الصناعية” التي تنتهي بولادة تقنيات ثورية، مضيفا أن “بعض المستثمرين سيخسرون أموالهم، لكن النتيجة ستكون تقدما حقيقيا في مختلف القطاعات”.

بين الحماسة والخوف، يبدو أن الذكاء الاصطناعي يعيش لحظة فاصلة، إما أن تؤدي إلى إعادة تشكيل الاقتصاد الرقمي لعقود قادمة، أو أن تتحول إلى درس جديد في التاريخ المالي حول حدود الطموح البشري أمام منطق السوق.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً