فقاعة الروبوتات البشرية.. سباق المليارات على حافة الوهم

الروبوتات
ياسين عبد العزيز
في مشهد تكنولوجي متسارع تملؤه الطموحات والاستثمارات الضخمة، يعلو صوت التحذير من داخل الصناعة نفسها، إذ أطلق عالم الروبوتات البارز رودني بروكس، مؤسس شركة iRobot، تنبيهًا صريحًا حول ما وصفه بـ«الفقاعة المتضخمة» في مجال الروبوتات الشبيهة بالبشر، مشيرًا إلى أن ضخ المليارات في هذا الاتجاه قد لا يؤدي إلى النتائج المأمولة، على الأقل في المستقبل القريب.
بروكس، الذي يُعد أحد أبرز العقول في هذا القطاع، أوضح في مقال حديث أن الروبوتات البشرية التي تطورها شركات مثل Figure ما زالت تفتقر إلى القدرة على تنفيذ الحركات الدقيقة والمعقدة، خصوصًا تلك التي تتطلب استخدام اليدين بمرونة بشرية، وهي المهارة التي تحدد قيمة الروبوت في الاستخدامات اليومية.
وبرغم الطموحات الكبيرة، يرى بروكس أن الحلم بانتشار هذه الآلات في المنازل أو أماكن العمل لا يزال بعيد المنال، وربما يحتاج عقدًا أو أكثر من التطوير.
تحديات واقعية
في السياق ذاته، يؤكد فادي سعد، الشريك العام في صندوق Cybernetix Ventures المتخصص في تمويل شركات الروبوتات، أن السوق الفعلية لهذه التكنولوجيا لا تزال محدودة للغاية، باستثناء بعض المجالات المتخصصة مثل استكشاف الفضاء أو الأعمال الصناعية الثقيلة.
ويشير إلى أن كثيرًا من المستثمرين ينجذبون إلى البريق الإعلامي للتقدم في هذا المجال، غير أن العائدات الحقيقية لم تظهر بعد، ما يجعل الأمر أقرب إلى رهانات غير محسوبة.
كما يلفت سعد الانتباه إلى مخاطر السلامة التي قد تنجم عن إدخال الروبوتات البشرية إلى بيئات يعيش فيها الناس، موضحًا أن سقوط روبوت يزن عشرات الكيلوغرامات على طفل أو حيوان أليف قد يؤدي إلى حوادث خطيرة.
وأضاف متسائلًا: "هل نحن مستعدون فعلًا لتقبل وجود كيان يشبه الإنسان يعيش بيننا؟" خاصة في ظل احتمالات تعرضه للاختراق أو حدوث خلل قد يجعله يتصرف بطرق غير متوقعة.

غموض زمني
من جانبها، ترى سانيا فيدلر، نائبة رئيس أبحاث الذكاء الاصطناعي في شركة Nvidia، أن الحماس الحالي تجاه الروبوتات البشرية يشبه تمامًا الاندفاع الذي صاحب مشاريع السيارات ذاتية القيادة في بداياتها، مشيرة إلى أن تلك المشاريع رغم مرور سنوات لم تصل بعد إلى مرحلة الاعتماد الكامل.
وتضيف أن التقدم في مجال الروبوتات يتطلب مزيجًا من الهندسة الدقيقة والذكاء الاصطناعي والتفاعل الحسي، وهي عناصر يصعب تطويرها بالتوازي.
ويؤيدها الرأي بيل دالي، كبير العلماء في Nvidia، الذي أكد أن بناء روبوت قادر على تقليد الإنسان في الحركة والفهم يحتاج إلى وقت طويل واستثمارات هائلة.
أما المستثمر سيث وينتروث من صندوق Eclipse فيرى أن العقبة الكبرى تكمن في البرمجيات المعقدة التي تحتاج إلى استجابة فورية لمواقف غير متوقعة، موضحًا أن الوصول إلى كفاءة تجارية حقيقية ما زال بعيد المنال.
صعوبات كبرى
تجربة تسلا مثال حي على صعوبة هذا المسار، فبعد إعلانها عام 2021 عن نيتها تطوير روبوتها البشري Optimus، وعدت الشركة بإطلاقه في 2023، إلا أن ذلك لم يتحقق.
وعندما عرضت النسخة التجريبية في فعالية "We, Robot" عام 2024، تبيّن لاحقًا أن العديد من الحركات التي أظهرها الروبوت كانت خاضعة للتحكم البشري المباشر، بينما أعلنت الشركة لاحقًا نيتها طرحه تجاريًا في 2026، دون توضيح حجم التقدم الفعلي.
أما شركة Figure التي وصلت قيمتها السوقية إلى 39 مليار دولار خلال جولة تمويل أخيرة، فتواجه بدورها تساؤلات متزايدة حول عدد الروبوتات التي تمكنت من نشرها فعليًا في السوق، رغم تأكيدها المستمر على تفوق تقنياتها، ويرى محللون أن مثل هذه التقييمات المالية تعكس حماس المستثمرين أكثر مما تعكس واقعًا تقنيًا متينًا.
بصيص أمل
ورغم موجة التشكيك، لا يعني ذلك أن مستقبل الروبوتات البشرية قاتم تمامًا، فبروكس نفسه يعترف بأن هذه الصناعة ستزدهر مستقبلاً، لكن على نحو مختلف عمّا يتصوره المستثمرون حاليًا، فبدل الروبوتات التي تحاكي الإنسان بالكامل، يرجح أن تظهر نماذج هجينة مزودة بعجلات أو تصميمات وظيفية تركز على الأداء أكثر من الشكل، وهو ما قد يجعلها أكثر فاعلية وأقل تكلفة.
وتعمل شركات ناشئة على تطوير تقنيات قد تُحدث نقلة نوعية في هذا الاتجاه، مثل Proception وLoomia اللتين تطوران أنظمة تمنح الروبوتات إحساسًا باللمس والمرونة، فيما أعلنت شركة K-Scale Labs تلقي أكثر من مئة طلب مسبق لروبوتها الجديد خلال خمسة أيام فقط، بينما سجلت Hugging Face مبيعات تجاوزت المليون دولار في أسبوع واحد من روبوتها المكتبي Reachy Mini، ما يشير إلى وجود اهتمام حقيقي وإن كان محدودًا حتى الآن.
في النهاية، تبقى صناعة الروبوتات البشرية ساحة واعدة لكنها محفوفة بالتحديات، فبين وعود الشركات وطموحات المستثمرين وتحذيرات العلماء، يبدو أن الحلم لا يزال يختبر واقعه على أرض صلبة من التجريب والانتظار.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً