الأربعاء، 22 أكتوبر 2025

02:58 م

tru

تراجع حاد في زيارات ويكيبيديا مع صعود الذكاء الاصطناعي

ويكيبيديا

ويكيبيديا

ياسين عبد العزيز

A A

تواجه موسوعة “ويكيبيديا”، أحد أبرز رموز المعرفة الحرة على الإنترنت، أزمة جديدة تتمثل في تراجع ملحوظ بعدد زوارها البشريين خلال العام الماضي، إذ سجلت انخفاضًا بنسبة 8% وفق تقرير صادر عن مؤسسة ويكيميديا أعده المسؤول التنفيذي مارشال ميلر. 

هذا التراجع، الذي لم يكن واضحًا في البداية، كشفته التحسينات الأخيرة في أنظمة تتبع الروبوتات، حيث تبيّن أن نسبة غير قليلة من الزيارات السابقة كانت ناتجة عن برمجيات آلية متطورة صُممت لتجاوز أدوات الكشف، ما يعني أن الأرقام القديمة كانت مضخّمة بصورة غير دقيقة.

تراجع مقلق

وفق ما أورده موقع TechCrunch، فإن هذا التراجع ليس مجرد انخفاض عابر في الزيارات، بل يمثل تحولًا في طريقة تفاعل المستخدمين مع المحتوى المعرفي على الإنترنت، فقد أوضح ميلر أن انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي ودمجها في محركات البحث بدأ يُغيّر جذريًا في أنماط البحث والوصول إلى المعلومات. 

ولم يعد المستخدم بحاجة إلى الانتقال إلى “ويكيبيديا” أو غيرها من المواقع، إذ بات بإمكانه الحصول على إجابات فورية ومُلخصات دقيقة داخل محرك البحث نفسه، ما قلل من معدلات الإحالة المباشرة إلى الموسوعة.

وأشار ميلر إلى أن التغيير لا يتوقف عند الذكاء الاصطناعي فحسب، بل يمتد إلى السلوك الثقافي للجيل الجديد من مستخدمي الإنترنت، الذين يفضلون المحتوى المرئي القصير عبر منصات مثل تيك توك وإنستجرام، بدلًا من النصوص الطويلة والمقالات الموسوعية، وهو ما انعكس على حركة المرور داخل ويكيبيديا، التي اعتمدت لعقود على القراء الباحثين عن المعلومة المكتوبة والمفصلة.

تأثير التكنولوجيا

وفي الوقت نفسه، نفت شركة “جوجل” الاتهامات التي وُجهت إليها بشأن تسبب أدواتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في انخفاض زيارات ويكيبيديا، مؤكدة أن الهدف من تطوير أدواتها الجديدة هو تعزيز وصول المستخدمين إلى المصادر الموثوقة لا الحد منها، إلا أن كثيرًا من المراقبين يرون أن طبيعة الإجابات المباشرة التي تقدمها نماذج الذكاء الاصطناعي داخل محركات البحث، جعلت المستخدمين يكتفون بالملخص المعروض أمامهم، دون الحاجة لزيارة الموقع الأصلي الذي يُستقى منه المحتوى.

هذا التغيير في سلوك المستخدمين لا يهدد ويكيبيديا وحدها، بل يطال البنية الأساسية للمحتوى المفتوح على الإنترنت، حيث أصبحت خوارزميات الذكاء الاصطناعي وسيطًا بين القارئ والمعلومة، ما يقلل من فرص زيارة المواقع الأصلية ويضع تحديات كبيرة أمام مشاريع المعرفة المفتوحة التي تعتمد على المشاركة التطوعية والدعم الجماعي.

تحديات مستقبلية

وحذر ميلر من أن انخفاض معدل الزيارات سيؤثر بشكل مباشر على قاعدة المتطوعين الذين يثْرون محتوى الموسوعة يوميًا، مؤكدًا أن المؤسسة تعتمد بشكل أساسي على مساهمات الأفراد، سواء من خلال التبرعات أو عبر تحرير المقالات وتحديثها. 

انخفاض الحافز لدى المستخدمين للمشاركة قد يؤدي بمرور الوقت إلى تراجع جودة المحتوى أو بطء تحديث المعلومات، وهو ما يتعارض مع فلسفة ويكيبيديا القائمة على العمل الجماعي والشفافية المفتوحة.

وأضاف أن مؤسسة ويكيميديا بدأت بالفعل تنفيذ خطة جديدة لمواجهة هذا التحدي، من خلال تطوير إطار واضح لنَسب المحتوى يتيح للمستخدمين ولشركات الذكاء الاصطناعي معرفة مصدر كل معلومة تُستخدم في مخرجاتها، مما يضمن بقاء ويكيبيديا جزءًا من سلسلة القيمة المعلوماتية رغم اعتماد الذكاء الاصطناعي على بياناتها. 

كما شكلت المؤسسة فريقين متخصصين لتوسيع قاعدة القراء واستقطاب مساهمين جدد حول العالم، في محاولة لإعادة إحياء روح المشاركة المجتمعية التي ميّزت المنصة منذ تأسيسها.

بهذا التراجع، تدخل ويكيبيديا مرحلة مفصلية في تاريخها الرقمي، إذ بات عليها مواجهة واقع جديد تُهيمن فيه الخوارزميات على المعلومة وتعيد صياغة طرق البحث والاستهلاك المعرفي. 

ورغم أن المؤسسة لا تزال تمتلك مكانتها كأكبر موسوعة حرة في العالم، إلا أن استمرارها في الحفاظ على جمهورها يتطلب تكيفًا سريعًا مع تحولات الذكاء الاصطناعي وسلوك المستخدمين الجدد، لتبقى مصدرًا أساسيًا للمعرفة الحرة في عصر تقوده الآلات.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً