OpenAI تدخل عالم الموسيقى الذكية بمشروع جديد لتوليد الصوتيات الإبداعية

تفتح شركة OpenAI فصلًا جديدًا في رحلتها مع الذكاء الاصطناعي الإبداعي، إذ تعمل حاليًا على تطوير مشروع جديد لإنتاج الموسيقى والصوتيات بالاعتماد على تقنيات التعلم العميق، في خطوة تعكس رغبتها في توسيع نطاق حضورها إلى ما وراء النصوص والصور والفيديوهات، لتشمل أحد أكثر المجالات الفنية تعقيدًا وتعبيرًا: عالم الصوت والموسيقى. 

هذا المشروع يضع الشركة في منافسة مباشرة مع منصات ناشئة مثل Suno وUdio، اللتين كان لهما السبق في هذا المجال خلال العامين الماضيين.

مشروع موسيقي

بحسب تقرير نشره موقع “ذا إنفورميشن” التقني، تتعاون OpenAI مع مجموعة من طلاب مدرسة جوليارد للموسيقى في نيويورك، وهي واحدة من أعرق المؤسسات الفنية في العالم، حيث يعمل الطلاب على إعداد نوتات موسيقية وألحان أصلية تُستخدم في تدريب النموذج الجديد. 

وتهدف الشركة من خلال هذا التعاون إلى منح الذكاء الاصطناعي حسًّا موسيقيًا واقعيًا يعكس جماليات الأداء الإنساني، بحيث يتمكن المستخدم لاحقًا من توليد مقاطع موسيقية كاملة استنادًا إلى نص مكتوب أو مدخل صوتي بسيط.

وتشير المعلومات المتاحة إلى أن المشروع سيتيح للمستخدمين توليد مقاطع غيتار، وتأليف موسيقى تصويرية للأفلام، وحتى إنتاج أصوات مخصصة للإعلانات. 

وتدرس OpenAI أيضًا توجيه تقنيتها الجديدة إلى سوق الدعاية والإعلان، لتصبح أداة فعالة في تقليل تكاليف الإنتاج الصوتي وتسريع عمليات التصميم الموسيقي التجاري، مما قد يغيّر قواعد اللعبة في صناعة الإعلان العالمية.

عودة إلى الساحة

ورغم أن فكرة الموسيقى بالذكاء الاصطناعي ليست جديدة تمامًا بالنسبة لـOpenAI، فإن المشروع يمثل عودة قوية للشركة بعد تجربة Jukebox التي أطلقتها عام 2020 ثم توقفت لاحقًا، إلا أن المشهد تغيّر اليوم بشكل جذري، مع ازدهار نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي وانتشارها في مجالات الإبداع المختلفة. 

وتأتي عودة الشركة إلى هذا المجال في وقتٍ تشهد فيه المنصات الموسيقية تدفقًا غير مسبوق للأعمال التي تُنتج رقميًا بواسطة الذكاء الاصطناعي، ما جعل المنافسة أكثر شراسة بين الشركات التقنية والمنتجين التقليديين.

لكن هذه التطورات لا تخلو من الجدل، إذ تواجه الشركات المطورة لهذه التقنيات اتهامات بانتهاك حقوق الملكية الفكرية من قبل شركات الإنتاج الموسيقي. 

وقد رفعت بالفعل عدة دعاوى قضائية ضد شركتي Suno وUdio، متهمةً إياهما باستخدام مواد موسيقية محمية في تدريب نماذجهما، وهو ما يثير تساؤلات متزايدة حول مستقبل الإبداع الفني وحدود استخدام البيانات في تطوير الذكاء الاصطناعي.

جدل متصاعد

من جانبه، حاول الرئيس التنفيذي لـOpenAI سام ألتمان طمأنة الأوساط الإبداعية، مؤكدًا في تصريحات سابقة أن الفنانين وأصحاب الحقوق يجب أن يحصلوا على نصيب من العائدات الناتجة عن استخدام أعمالهم في تدريب النماذج، وهو الموقف ذاته الذي تبنّته الشركة خلال الجدل المرافق لإطلاق نموذج الفيديو Sora. 

ومع ذلك، تبقى الآلية التي ستُعتمد لتحقيق هذا التوازن بين الإبداع البشري والذكاء الاصطناعي غير واضحة حتى الآن.

وتشير تقارير تقنية إلى أن بعض المقاطع الموسيقية المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي تمكنت من خداع المستمعين على منصات مثل يوتيوب، حيث حصدت ملايين المشاهدات ووصل بعضها إلى قوائم التشغيل الأكثر رواجًا، دون أن يدرك الجمهور أنها ليست من إنتاج بشري، كما استغل بعض المحتالين هذه التقنية في التربح غير المشروع عبر بث محتوى مزيف لتوليد عائدات مالية.

وتؤكد هذه الظواهر حجم التحدي الذي تواجهه الصناعة الموسيقية التقليدية في التكيف مع التحول الرقمي الهائل، إذ يخشى الفنانون من أن يتحول الذكاء الاصطناعي إلى أداة تُقصي المبدعين الحقيقيين أو تقلل من فرصهم في سوق العمل. 

ويرى محللون أن موجة الاعتماد المتزايد على نماذج توليد الصوت والموسيقى قد تعيد تشكيل بنية هذه الصناعة بالكامل، وتجبرها على إعادة التفكير في علاقتها بالتكنولوجيا.

وفي المقابل، يرى آخرون أن هذه الثورة التقنية قد تفتح الباب أمام جيل جديد من المبدعين الذين يمكنهم إنتاج مقاطع موسيقية احترافية بمجرد كتابة جملة نصية واحدة، مما يدمج بين مهارة الإنسان وابتكار الخوارزمية في تجربة فنية جديدة، تتجاوز الفواصل التقليدية بين الهواة والمحترفين.

وفي الوقت الذي تواصل فيه OpenAI تطوير أدواتها الصوتية، فإنها تخوض في الوقت ذاته سباقًا آخر في مجال الفيديو، عبر نموذج Sora الذي أطلقته عام 2024 لتوليد مقاطع قصيرة من نصوص مكتوبة، في منافسة مباشرة مع نموذج Veo من جوجل. 

ومن الواضح أن مستقبل المحتوى الإبداعي بات يتجه نحو عالمٍ تتقاطع فيه الأصوات والصور والكلمات داخل منظومة ذكاء واحدة قادرة على إعادة تعريف معنى الإبداع نفسه.