الصحة المصرية تعتمد الذكاء الاصطناعي لإطلاق منظومة تطبيب رقمية شاملة عن بُعد

في خطوة نوعية جديدة تعكس التحول الرقمي السريع في القطاع الصحي المصري، أعلنت وزارة الصحة والسكان عن إطلاق منظومة رقمية متكاملة تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتعامل مع المرضى عن بُعد، وذلك تنفيذًا للتوصية السادسة المتعلقة بالرقمنة والابتكار التكنولوجي ضمن توصيات المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية لعام 2024، استعدادًا لانعقاد نسخته الثالثة "PHDC’25".

تواصل الوزارة، في إطار استراتيجيتها الشاملة، نشر تقارير تنفيذ التوصيات الإحدى عشرة الصادرة عن المؤتمر، استنادًا إلى ما أقرته اللجنة العليا المشكلة بقرار من نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان رقم 17 لعام 2025، والتي تهدف إلى الارتقاء بجودة الخدمات الصحية وتعزيز الاعتماد على الحلول الرقمية في إدارة القطاع الطبي.

التحول الرقمي

أوضح الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، أن التوصية السادسة ركزت على ضرورة إنشاء نظام رقمي متكامل يقوم على دقة الأرقام وجودة البيانات لتوفير تغطية شاملة للرعاية الصحية، مشيرًا إلى أن الرقمنة أصبحت اليوم ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. 

وأكد أن الوزارة اتخذت خطوات جادة في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن المنشآت الطبية، بما يتناسب مع قدرات الكوادر البشرية واحتياجاتها العملية، مع العمل على تطوير أدوات تكنولوجية قادرة على التنبؤ بالتحديات الصحية قبل وقوعها.

وأضاف أن الوزارة تولي أهمية كبيرة لحوكمة استخدام الذكاء الاصطناعي، لضمان حماية بيانات المرضى والحفاظ على خصوصيتهم، إلى جانب تعزيز الوصول إلى الخدمات الرقمية في المناطق النائية من خلال برامج التطبيب عن بُعد، التي تتيح للمرضى استشارات طبية دقيقة دون الحاجة إلى التنقل لمسافات طويلة. 

كما تسعى الوزارة إلى توعية المواطنين بأهمية متابعة حالتهم الصحية ذاتيًا، عبر تطبيقات ذكية تساهم في رفع كفاءة الرعاية وتقليل الضغط على المؤسسات الصحية.

الابتكار الطبي

وأشار عبد الغفار إلى أن وزارة الصحة قامت بتحديث الأطر القانونية والتنظيمية لمواكبة التطورات التكنولوجية والاجتماعية الحديثة، مع وضع نظام رقابي متكامل لضمان الشفافية وجودة الأداء. 

كما تعمل الوزارة على تشجيع الاستثمار في مجال الابتكار الصحي، وتعزيز الشراكات مع القطاع الخاص لتطوير سياسات مالية وضريبية محفزة.

ولفت إلى أن الوزارة أدخلت بالفعل مجموعة من التقنيات المتقدمة في المستشفيات الحكومية، مثل الجراحات الروبوتية، وأنظمة التشخيص الذكي المعتمد على تحليل البيانات الطبية الضخمة، إضافة إلى إطلاق برامج تدريب متخصصة للأطباء والفنيين بالتعاون مع مؤسسات دولية. 

كما تم التوسع في تطبيق برامج الكشف المبكر عن الأورام باستخدام الذكاء الاصطناعي، ما يسهم في تسريع عملية التشخيص وتحسين نسب الشفاء.

النظام الجديد

وأكد المتحدث الرسمي أن الوزارة بدأت فعليًا في تنفيذ مشروع النظام الرقمي المتكامل، الذي يربط جميع الخدمات والمبادرات الصحية داخل قاعدة بيانات موحدة، بدءًا من محافظة القاهرة، حيث يشمل المشروع 150 وحدة صحية تعمل بالكامل تحت مظلة التحول الرقمي.

 وسيتضمن النظام ميزة التطبيب عن بُعد في المناطق الحدودية والنائية، بالإضافة إلى آليات رقمية لضمان حماية المعلومات الطبية وتطبيق معايير الخصوصية العالمية.

كما كشف عن إطلاق نظام إلكتروني متطور لإرسال رسائل توعوية وصحية للأمهات، مع إمكانية الرد الفوري على استفساراتهن عبر منصات آلية مدعومة بتقنيات الميكنة. 

وأشار إلى تعاون الوزارة مع منظمة اليونيسف في تنفيذ برنامج “رابيد برو”، الذي يهدف إلى تدريب مقدمي المشورة الطبية والأطباء والممرضين العاملين في الرعاية الأولية والحضانات، بما يضمن جودة الخدمات المقدمة للمرضى.

وأوضح عبد الغفار في ختام حديثه، أن الوزارة وضعت نظامًا دقيقًا بالتعاون مع وزارة التخطيط لمواجهة التهديدات السيبرانية المحتملة، من خلال اتخاذ تدابير وقائية لحماية قواعد البيانات الصحية من أي محاولات اختراق أو تعطيل، مؤكدًا أن الوزارة تسير بخطى واثقة نحو بناء نظام صحي رقمي آمن وشامل يعزز ثقة المواطن المصري في الخدمات الصحية المقدمة له.