آبل تسبح عكس تيار الذكاء الاصطناعي وتراهن على نهج الخصوصية والاتزان المالي
تيم كوك
ياسين عبد العزيز
في الوقت الذي تتسابق فيه كبرى شركات التكنولوجيا لتوسيع نفوذها في عالم الذكاء الاصطناعي، اختارت شركة آبل أن تسلك طريقًا مختلفًا، أكثر هدوءًا وواقعية، بعيدًا عن الاندفاع في سباق الاستثمارات الضخمة والمراكز الحاسوبية العملاقة، ففي حين تتسارع مايكروسوفت وجوجل وأمازون نحو ضخ مليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، تحافظ آبل على إيقاعها الخاص، مركّزة على بناء منظومة متكاملة توازن بين الابتكار وحماية الخصوصية، دون التورط في سباق لا نهاية له.
نهج متحفظ
أوضح المدير المالي للشركة كيفان باريك خلال إعلان النتائج المالية الأخيرة أن آبل لا تنوي الانخراط في سباق شراء رقاقات الذكاء الاصطناعي كما تفعل منافساتها، بل تفضل الاعتماد على مزيج من قدراتها الخاصة واستئجار موارد حاسوبية من شركاء خارجيين.
وتستند الشركة في نهجها إلى استراتيجية تقنية متقدمة تُعرف باسم “Private Cloud Compute”، وهي بنية سحابية داخلية طورتها لدعم قدرات الذكاء الاصطناعي في منظومة Apple Intelligence.
تعتمد هذه البنية على خوادم تستخدم رقاقات آبل الخاصة بدلًا من رقاقات “إنفيديا” أو “AMD”، ما يمنحها استقلالية كاملة في إدارة عملياتها الحوسبية.
وتتيح هذه الخوادم معالجة البيانات الحساسة بشكل مشفر ومؤقت دون تخزين دائم للمعلومات، الأمر الذي ينسجم مع فلسفة الشركة الصارمة في حماية الخصوصية.
إنفاق محسوب
في الوقت الذي أعلنت فيه شركات مثل جوجل ومايكروسوفت وميتا وأمازون عن نياتها لرفع إنفاقها إلى مستويات قياسية لتطوير قدراتها في الذكاء الاصطناعي، جاءت أرقام آبل أكثر تواضعًا وإن كانت تعكس تسارعًا في وتيرة الاستثمار، فبينما خصصت جوجل نحو 92 مليار دولار حتى نهاية العام، وأنفقت مايكروسوفت ما يقارب 34.9 مليار دولار في الربع الأخير، وتوقعت أمازون استثمارات تصل إلى 125 مليار دولار، اكتفت آبل بإنفاق 12.72 مليار دولار فقط خلال العام المالي 2025، بزيادة تبلغ 35% عن العام السابق.

وأكدت الشركة أن الجزء الأكبر من هذا الإنفاق يوجَّه إلى توسيع بيئة الحوسبة السحابية الخاصة في مراكز بياناتها حول العالم.
وقد بدأت بالفعل في شحن خوادم جديدة من مصنعها بمدينة هيوستن الأمريكية، في خطوة تؤسس لمرحلة جديدة من التكامل بين تقنيات الشركة الداخلية ومنصات الذكاء الاصطناعي.
توسع تدريجي
يرتبط هذا التوجه ارتباطًا مباشرًا بإطلاق حزمة Apple Intelligence التي قدمتها آبل العام الماضي، وهي مجموعة أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتبسيط التجربة اليومية للمستخدمين.
تشمل الحزمة ميزات مثل تلخيص الإشعارات، وإنشاء الرموز التعبيرية المخصصة، ودمج ChatGPT من OpenAI داخل نظام التشغيل لمعالجة الاستفسارات المعقدة.
ورغم الانتقادات التي وُجّهت للحزمة بسبب محدودية بعض قدراتها مقارنة بمنافسيها، تؤكد آبل أن العمل مستمر على تطويرها، خصوصًا في ما يتعلق بالنسخة المحسّنة من المساعد الصوتي سيري التي من المتوقع إطلاقها عام 2026.
وصرّح مسؤولون في الشركة أن التعاون مع شركاء تقنيين جدد بات جزءًا من خطتها لتوسيع إمكانات النظام دون المساس بمبادئ الخصوصية.
ثقة السوق
على الرغم من تحفظ آبل في سباق الذكاء الاصطناعي، فإن نتائجها المالية لا تزال قوية، إذ أشار الرئيس التنفيذي تيم كوك إلى أن الإقبال على سلسلة آيفون 17 كان “قياسيًا”، مع توقعات بارتفاع المبيعات بنسبة تتراوح بين 10% و12% في الربع المالي الحالي.
ويرى كوك أن الذكاء الاصطناعي أصبح أحد عوامل الجذب الجديدة في قرارات الشراء، مشددًا على أن المستخدمين يثقون في الطريقة التي تطبّق بها آبل تقنياتها دون الإضرار ببياناتهم الشخصية.
ويرى محللون أن هذا النهج المحافظ قد يكون ورقة رابحة للشركة على المدى البعيد، إذ يمنحها الوقت لتطوير حلول ناضجة ومستقرة بدلًا من الدخول في سباق محفوف بالمخاطر التقنية والمالية.
تحديات داخلية
لكن هذا الهدوء الظاهري لا يعني غياب التحديات، فآبل تواجه نقصًا في الكفاءات البحثية بعد انتقال عدد من خبرائها في الذكاء الاصطناعي إلى شركات منافسة، ما أبطأ وتيرة تطوير النماذج اللغوية الخاصة بها، كما أن تحفّظها الشديد في مشاركة البيانات يحد من قدرتها على تدريب نماذج متقدمة مقارنة بالشركات التي تتعامل مع كميات ضخمة من البيانات المفتوحة.
وتشير تقارير إلى أن تأجيل إطلاق سيري المطوّر إلى 2026 هو أحد أبرز مؤشرات هذا البطء في التقدم الداخلي، إلى جانب تأخر الشركة في تقديم تجارب ذكاء اصطناعي تضاهي ما وصلت إليه OpenAI أو Google DeepMind.
ومع ذلك، يظل نهج آبل متّسقًا مع هويتها التاريخية القائمة على التدرج والحذر، حيث تفضّل الإتقان على السرعة، والاستدامة على المخاطرة.
وفي الوقت الذي تلهث فيه الشركات الأخرى خلف الأرقام والإعلانات الصاخبة، تواصل آبل السباحة عكس التيار، مستندة إلى قاعدة مستخدمين وفية ونظام بيئي مغلق يضمن لها التفوق في الموثوقية والأمان، وهو ما يجعلها في نظر كثيرين الشركة الأكثر توازنًا بين الحاضر الطموح والمستقبل الآمن.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً