مصر تطلق أكبر خطة لتحويل 100 مصنع تقليدي إلى منشآت خضراء باستثمارات 1.2 مليار دولار
الطاقة المتجددة
ياسين عبد العزيز
تواصل مصر خطاها الثابتة نحو التحول الصناعي المستدام، في إطار رؤيتها الوطنية للتنمية المستدامة 2030، حيث تتبنى الحكومة مشروعًا طموحًا لتحويل 100 مصنع تقليدي إلى “مصانع خضراء” تعتمد على الطاقة المتجددة وتكنولوجيا الذكاء الصناعي في إدارة الموارد، باستثمارات تتجاوز 1.2 مليار دولار، بهدف خفض الانبعاثات وتعزيز تنافسية الصناعة المصرية في الأسواق العالمية.
التحول إلى الصناعة الخضراء
تزايد اهتمام الدولة بالصناعة الخضراء خلال الأعوام الأخيرة، مدفوعًا برغبة واضحة في تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، ففي مدينتي السادات والعاشر من رمضان، بدأت شركات كبرى مثل “لافارج مصر” و“جهينه” و“إيفرجرو للأسمدة” بتركيب محطات طاقة شمسية على أسطح المصانع لتوليد الكهرباء من مصادر نظيفة.
وأسهمت هذه الخطوات في خفض انبعاثات المصانع بنسبة تراوحت بين 15 و25% خلال عام 2024، وفقًا لبيانات وزارة البيئة، التي أكدت أن التجربة أثبتت إمكانية تحقيق جدوى اقتصادية حقيقية من التحول إلى الطاقة النظيفة.
وتعتمد الخطة الحكومية على تشجيع القطاع الصناعي على تبني ممارسات أكثر استدامة، مع تقديم حوافز للمصانع التي تقلل استهلاكها للطاقة وتستخدم مصادر بديلة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، بما يتماشى مع التوجه العالمي لتقليل البصمة الكربونية للقطاع الصناعي.
برنامج التحول الأخضر
وضعت وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية برنامجًا تمويليًا بقيمة 500 مليون دولار، يستهدف دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في تبني التكنولوجيا النظيفة والأنظمة الموفرة للطاقة.
ويشمل البرنامج تمويل تركيب أنظمة مراقبة ذكية قادرة على تتبع الانبعاثات في الزمن الحقيقي، مما يتيح للحكومة والمصانع مراقبة الأداء البيئي بشكل لحظي ودقيق.

كما يجري العمل على إنشاء منصة إلكترونية وطنية لتبادل البيانات البيئية بين المصانع والجهات الحكومية، بهدف تعزيز الشفافية ورفع كفاءة الرقابة البيئية.
ومن المقرر أن يتيح المشروع للمصانع الاطلاع على مؤشرات الانبعاثات الخاصة بها مقارنة بالمعايير الدولية، مما يشجعها على تحسين أدائها البيئي بشكل مستمر.
دمج الذكاء والطاقة
في محافظة بني سويف، تمثل تجربة مصنع “السويدي إليكتريك” نموذجًا متميزًا لهذا التوجه، إذ تمكن المصنع من دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي مع الطاقة الشمسية لإدارة استهلاك الطاقة بكفاءة غير مسبوقة.
ووفقًا للتقارير، نجحت التجربة في خفض استهلاك الكهرباء بنسبة 30% خلال عام واحد فقط، بفضل نظام مراقبة مركزي يتيح متابعة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لحظة بلحظة، مما جعله أول مصنع مصري يحصل على شهادة “الاستدامة الصناعية المتقدمة” من الاتحاد الأوروبي عام 2025.
وتعد هذه التجربة نقطة تحول في مسار الصناعة المصرية، حيث تؤكد إمكانية الجمع بين التكنولوجيا المتقدمة والاعتبارات البيئية، لتشكيل نموذج إنتاج ذكي ومستدام يمكن تعميمه في مختلف القطاعات الصناعية خلال الأعوام المقبلة.
استثمارات واعدة في المستقبل
أعلنت هيئة التنمية الصناعية أن إجمالي الاستثمارات في مشروعات “المصانع الخضراء” تجاوز 1.2 مليار دولار حتى منتصف عام 2025، بينها نحو 400 مليون دولار لمشروعات الطاقة الشمسية داخل المناطق الصناعية، و300 مليون دولار لتقنيات إعادة التدوير وكفاءة الطاقة، إلى جانب استثمارات موجهة لمشروعات إدارة المخلفات الصناعية ومعالجة الانبعاثات.
وتشير التقديرات إلى أن مصر قادرة على خفض انبعاثات قطاع الصناعة بنسبة تصل إلى 35% بحلول عام 2030، إذا استمر التوسع في هذه المشروعات بنفس الوتيرة الحالية.
وتعمل الحكومة على تهيئة بيئة تشريعية جاذبة للاستثمار في المشروعات الخضراء، من خلال منح إعفاءات ضريبية وحوافز للمصانع التي تعتمد على الطاقة المتجددة أو تطبق معايير الاستدامة.
ويرى خبراء الاقتصاد أن مشروع التحول نحو الصناعة الخضراء لا يقتصر على الجانب البيئي فحسب، بل يشكل أيضًا فرصة لتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق الدولية، لاسيما في ظل التوجه الأوروبي نحو فرض “ضريبة الكربون” على الواردات ذات الانبعاثات المرتفعة.
ومن ثمّ، فإن تبني هذا المسار سيجعل الصادرات المصرية أكثر قبولًا في الأسواق العالمية، مع تحسين كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف التشغيلية على المدى البعيد.
بهذه الخطوات، تضع مصر نفسها على خريطة الدول الصناعية المستدامة، مستفيدة من موقعها الجغرافي وإمكاناتها الطبيعية الواسعة، لتصبح نموذجًا إقليميًا في التحول الأخضر بحلول عام 2030، جامعًا بين التنمية الصناعية وحماية البيئة في آن واحد.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً