الثلاثاء، 11 نوفمبر 2025

01:28 م

الذكاء الاصطناعي يعيد الأصوات والذكريات بعد الموت بطريقة مثيرة للجدل

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

بات استخدام الذكاء الاصطناعي لإحياء أصوات الراحلين وتجسيد ذكرياتهم الرقمية ظاهرة متسارعة، حيث تعتمد تقنيات متقدمة على بيانات الأشخاص المتوفين لإنشاء نسخ رقمية تفاعلية تسمح للذوي “بالتحدث” مع أحبائهم بعد رحيلهم، وهو ما يعرف اليوم باسم الحياة الرقمية بعد الموت Digital Afterlife، ويعكس هذا الاتجاه اهتمامًا متزايدًا بصناعة جديدة تعد بجعل الذاكرة التفاعلية خالدة وربحية في الوقت نفسه.

أصوات رقمية

وفق دراسة حديثة نشرت في مجلة Memory, Mind & Media، استخدم الباحثون أنظمة تعرف باسم Deathbots لتوليد أفاتارات تفاعلية تحاكي صوت الشخص المتوفى، أسلوب حديثه وشخصيته، بالاعتماد على رسائل صوتية وبريد إلكتروني ومحتوى من وسائل التواصل الاجتماعي.

وتهدف هذه النسخ الرقمية إلى إعادة إحياء الحوارات والقصص الشخصية، ما جعل بعض الباحثين يصفونها بأنها امتداد للتقاليد الروحانية القديمة، لكن الذكاء الاصطناعي منحها بعدًا أكثر إقناعًا وربحية.

ذكريات مبرمجة

تأتي هذه التجارب ضمن مشروع أوسع يعرف باسم الماضي الاصطناعي Synthetic Pasts، الذي يدرس تأثير التكنولوجيا في حفظ الذاكرة الفردية والجماعية، حيث قام الباحثون بتحميل مقاطع صوتية ورسائل شخصية وفيديوهات لإنشاء نسخ رقمية لأنفسهم، بعضها لتخليد الذات وبعضها لمحاكاة التواصل مع من رحلوا.

وقد أظهرت النتائج مزيجًا من الدهشة والاضطراب، إذ ركزت بعض الأنظمة على تنظيم القصص الشخصية وفق موضوعات مثل الطفولة أو العائلة، في حين استخدمت أنظمة أخرى الذكاء الاصطناعي لتوليد محادثات حية، لكن التفاعل بدا مصطنعًا في كثير من الأحيان ويفتقر إلى العاطفة، خصوصًا عند استخدام تعبيرات غير مناسبة عند الحديث عن الموت.

سوق الذكريات

تقف وراء هذه الظاهرة نماذج اقتصادية واضحة، حيث تتحول الذكريات والعواطف إلى سلعة تجارية، وتعتمد الشركات الناشئة في هذا المجال على اشتراكات مدفوعة وباقات جزئية مجانية، كما تعقد شراكات مع شركات التأمين ومؤسسات الرعاية، وهو ما وصفه فلاسفة التكنولوجيا كارل أوهمان ولوتشيانو فلوريدي بـ “اقتصاد سياسي للموت”، إذ تستمر البيانات في توليد أرباح حتى بعد رحيل أصحابها، في سوق يختلط فيه الحنين بالربح.

يقدم الذكاء الاصطناعي في هذه الحالة ما يشبه القيامة الرقمية، حيث تعاد الأصوات والإيماءات والذكريات في شكل تفاعلي يولد إحساسًا بالاتصال والدفء، لكنه في جوهره محاكاة برمجية تحددها حدود الكود.

ويشير الباحثون إلى أن هذه الأدوات تعيد تعريف معنى التذكر، فبدلاً من قبول النسيان كجزء من الحداد، تظل الذاكرة الرقمية حاضرة دائمًا، لكن مع هذا التفاعل المبرمج، يظل التعقيد الإنساني للعلاقات والذكريات بعيد المنال، ويكشف عن أن الذكاء الاصطناعي قادر على حفظ القصص والأصوات فقط، دون استعادة المشاعر والروابط الحقيقية.

وتخلص الدراسة إلى أن القدرة على “محادثة الموتى” عبر الذكاء الاصطناعي تعكس أكثر التكنولوجيا التي صنعت الوهم، وتكشف عن طبيعة علاقتنا بالذاكرة الرقمية، بحيث ما تسمعه من صوت رقمي لا يعكس الشخص الحقيقي بل يعكس التكنولوجيا وذهنية من صممه.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً