الأمن السيبراني يستنفر أدواته أمام تحديات الذكاء الاصطناعي المتصاعدة

شهد معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا والاتصالات Cairo ICT 2025 جلسة نقاشية موسعة تناولت العلاقة المعقدة بين الأمن السيبراني وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وذلك خلال ندوة حملت عنوان "الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي وأعمال الثقة". 

وجاءت الجلسة في إطار الجهود الرامية إلى كشف نقاط القوة والضعف في منظومة الحماية الرقمية، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه المؤسسات في ظل التطور المتسارع للتقنيات الذكية، إلى جانب الفرص التي يمكن استثمارها لتعزيز البنية الأمنية. 

وأقيمت الفعاليات بمركز مصر للمعارض الدولية تحت شعار “AI Everywhere”، في نسخة تشهد حضورًا واسعًا لخبراء الأمن السيبراني من المنطقة والعالم.

افتتح الجلسة طارق جمال، مدير دعم الأعمال في شركة ACT، مؤكدًا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح طرفًا فاعلًا يحمل وجهين متناقضين، فهو القادر على تعزيز منظومات الحماية، وفي الوقت نفسه يمثل مصدرًا لأساليب اختراق أكثر تطورًا. 

وشدد جمال على أن المؤسسات مطالبة اليوم بفهم هذه الديناميكية المزدوجة من أجل إدارة المخاطر الرقمية بكفاءة أعلى، خاصة مع تزايد تعقيدات الهجمات الإلكترونية وانعكاساتها على القطاعات الاقتصادية كافة.

التحديات البشرية

وخلال النقاش، أوضحت الدكتورة مروة زاغو، مديرة استراتيجية خدمات الأمن السيبراني في Dell Technologies، أن الإنسان ما يزال العامل الأكثر هشاشة داخل منظومة الأمن، مؤكدة أن التطور التكنولوجي المتسارع فرض تغييرات جذرية على آليات التأمين التقليدية. 

وأشارت إلى أن وظيفة التشريعات المنظمة ليست تعطيل الأعمال، بل حماية الاستخدامات الرقمية، خاصة بعد أن جعل الذكاء الاصطناعي المشهد الأمني أكثر تعقيدًا، الأمر الذي يتطلب استجابة دائمة وتحديثًا مستمرًا لسياسات الحماية. 

وأكدت أن المؤسسات بحاجة إلى بناء ثقافة أمنية واعية تضع الموظف في قلب المعادلة، باعتباره الرابط الأول بين الهجمات والأنظمة.

الثقة المشتركة

من جهته، شدد كريم رزق الله، نائب رئيس استشارات الحلول للأسواق الناشئة في OpenText، على أن الثقة أصبحت بمثابة “عملة رقمية” لا يمكن الاستغناء عنها في عالم الأعمال، موضحًا أن المؤسسات مطالبة بتأمين كل جزء في منظومتها التشغيلية لضمان استمرار هذه الثقة بين مقدمي الخدمات والمستخدمين. 

وأشار إلى أن الأمن السيبراني ليس مسؤولية فرد أو قسم محدد، بل التزام جماعي يتشارك فيه جميع العاملين داخل المؤسسة. 

وفي السياق ذاته، أكد كريس كاي، رئيس الحوكمة والامتثال في Cyberteq، أن الذكاء الاصطناعي رغم قدراته الهائلة لا يستطيع التنبؤ بالهجمات المستقبلية بدقة كاملة، لكنه قادر على تحليل الهجمات السابقة لرسم نماذج تحدد نقاط الضعف المحتملة. 

كما لفت كريم شيبا، مهندس أنظمة في Fortinet، إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يجب أن يتم وفق حوكمة دقيقة، مع ضرورة تدريب الموظفين على لغاته وتطبيقاته لضمان الاستخدام الأمثل.

البيانات أولًا

وفي مداخلة أخرى، أكد إسلام صابر، مهندس حلول أول في Netskope بالسعودية، أن البيانات تمثل أهم أصول المؤسسات اليوم، مشيرًا إلى أن قيمة المؤسسة أصبحت تقاس بمستوى أمن بياناتها وقدرتها على حماية أصولها الرقمية. 

وأوضح أن الذكاء الاصطناعي يوفر أدوات متقدمة لتعزيز أداء الموظفين وتحسين سير العمل، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام مخاطر جديدة إذا لم تتم إدارته وفق سياسات صارمة. 

وأكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصرًا مشتركًا بين المهاجمين والمدافعين في المعركة الرقمية، إذ يعمل الطرفان على استخدامه لتعزيز قدراتهم في الكشف أو الاختراق، ما يجعل تطوير آليات دفاعية أكثر ضرورة من أي وقت مضى.

ويأتي انعقاد Cairo ICT 2025 في نسخته التاسعة والعشرين خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر، برعاية وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الدكتور عمرو طلعت، بمشاركة أكثر من 500 عارض من جهات حكومية وشركات عالمية ومحلية. 

ويقدم الحدث خمس فعاليات رئيسية تشمل PAFIX للمدفوعات الرقمية، وAIDC للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، وConnecta للشباب والترفيه، وInnovation Arena للإبداع، وCyber Zone للأمن السيبراني، إلى جانب تنظيم فعاليات متوازية داخل موقعين لأول مرة.

ويشارك في المعرض جهات حكومية بارزة مثل وزارة الاتصالات، البنك المركزي، الهيئة العامة للرقابة المالية، الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، هيئة ITEDA، البريد المصري، والهيئة العربية للتصنيع، إضافة إلى مشاركة جهاز مستقبل مصر كضيف شرف، الأمر الذي يعكس حجم الاهتمام الرسمي بالتقنيات الحديثة وأمنها. 

كما يحظى المعرض برعاية من شركات رائدة بينها دل تكنولوجيز، إي فاينانس، WB Engineers+Consultants، البنك التجاري الدولي، هواوي، أورنچ مصر، مصر للطيران، وماستركارد، إلى جانب جهات أخرى مثل مجموعة بنية، البنك الأهلي المصري، البنك العربي الأفريقي، بنك الإسكندرية، ومجموعة شاكر.

ويقدم الحدث عروضًا تطبيقية وجلسات متخصصة تناقش أحدث تطورات المدن الذكية، إنترنت الأشياء، الجيل الخامس، الأمن السيبراني، الحوسبة السحابية، التعليم التكنولوجي، التكنولوجيا المالية، والهوية الرقمية، ليواصل Cairo ICT دوره كمنصة استراتيجية تجمع الخبراء وصناع القرار لدفع عجلة التحول الرقمي في المنطقة.