تحالفات مبتكرة تقود مستقبل التكنولوجيا المالية داخل القطاع المصرفي المصري
Cairo ICT 2025
ياسين عبد العزيز
شهدت فعاليات مؤتمر «Cairo ICT 2025» نقاشًا واسعًا كشف حجم التحولات العميقة التي يمرّ بها القطاع المالي في مصر، بعدما أصبحت الشراكات بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية المسار الحتمي لتطوير الخدمات وتحسين التجربة الرقمية للعملاء، وسط بيئة تنظيمية مرنة يوجهها البنك المركزي المصري، ويقودها وعي متنامٍ بأهمية الابتكار في بناء اقتصاد رقمي قادر على المنافسة إقليميًا وعالميًا.
وجاءت جلسة «البيئات الرقابية التجريبية والتوفيق بين الشركاء» لتقدّم قراءة شاملة لمسار هذا التحول، مؤكدة أن الأسواق الحديثة لم تعد تستجيب للنماذج التقليدية، وأن التعاون بات ضرورة استراتيجية لا يمكن تجاوزها في ظل تسارع تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأتمتة الذكية، وما تفرضه من قواعد جديدة لإدارة المخاطر وتحقيق النمو.
وتوافق المتحدثون على أن العصر الرقمي الحالي لم يعد يسمح بعمل البنوك بمعزل عن شركات الفينتيك، بعدما أصبحت الخدمات المالية تعتمد على قنوات رقمية شاملة، وتجارب سريعة ومبنية على التحليل التنبؤي، بما جعل الابتكار معيارًا رئيسيًا للقدرة على المنافسة والتوسع.
وفي هذا السياق، لعبت البيئات الرقابية التجريبية دورًا محوريًا في توفير مساحة آمنة لاختبار الحلول الجديدة، بما يتيح فهم المخاطر والتعامل معها قبل طرح المنتجات في السوق، وهو ما اعتُبر نقطة تحول حقيقية في تطوير القطاع المالي المصري.
تحول البنوك
استعرض معتز مطاوع، رئيس قطاع التجزئة المصرفية والمدفوعات الرقمية ببنك مصر، ملامح التغيير الجذري الذي طرأ على البنوك خلال السنوات الأخيرة، مؤكدًا أن التحول الرقمي لم يعد مجرد تطوير تقني، بل أصبح إعادة صياغة كاملة لطبيعة العمل المصرفي.
وأشار إلى أن السوق قبل أعوام قليلة كان يشهد تشابهًا واضحًا في المنتجات، واعتمادًا كبيرًا على الفروع ونماذج الخدمة التقليدية، لكن دخول شركات الفينتيك غيّر المشهد، وخلق حالة من التنافس دفعت البنوك إلى إعادة النظر في كيفية الوصول للعملاء وبناء حلول أكثر مرونة وابتكارًا.
وأوضح مطاوع أن البنك المركزي المصري كان لاعبًا رئيسيًا في هذا التحول، عبر تبني إطار رقابي مرن يشجع الابتكار ويخفف من مقاومة المخاطر داخل البنوك، لافتًا إلى أن البيئة الرقابية التجريبية ساعدت المؤسسات المصرفية على فهم نماذج أعمال الشركات الناشئة، وبناء لغة مشتركة تقوم على التجربة وليس الافتراضات.
وأضاف أن العقبة الأكبر كانت داخل البنوك نفسها، حيث تطلب الأمر وقتًا لتوافق إدارات المخاطر والالتزام على سرعة نماذج عمل الفينتيك.
ومع ذلك، أصبحت الشراكات اليوم طريقًا مفتوحًا لمستقبل يعتمد على أدوات تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، بما يعزز قدرة البنوك على التوسع وتحسين جودة الخدمات.

ثقة المستخدمين
قدّم أحمد وادي، الرئيس التنفيذي لشركة MoneyFellows، نموذجًا عمليًا يوضح تأثير الإطار التنظيمي التجريبي على الشركات الناشئة.
وأكد أن دخول الشركة البيئة الرقابية لم يكن مجرد خطوة للحصول على ترخيص، بل كان نقطة تحول استراتيجية رفعت ثقة المستخدمين في أمان المنصة، وزادت من قدرة الشركة على النمو.
وأوضح أن وجود الشركة تحت مظلة البنك المركزي منح العملاء طمأنينة أكبر تجاه إدارة البيانات وسلامة المعاملات، وهو عنصر جوهري لنجاح أي منصة تكنولوجية مالية تعتمد على مشاركة المستخدمين لبيانات شخصية ومالية حساسة.
وأشار وادي إلى أن البيئة الرقابية تتيح اختبار المنتجات في بيئة واقعية لكن بضوابط محسوبة، مما يقلل الأخطاء، ويساعد الشركات الناشئة على بناء عمليات احترافية عالية المستوى، وفهم المتطلبات الرقابية بشكل استباقي.
واعتبر أن التعاون بين البنوك وشركات الفينتيك أصبح أكثر سهولة بفضل لغة مشتركة خلقتها البيئة التجريبية، مؤكدًا أن تدريب المستخدمين على الخدمات الرقمية يشكل جزءًا أساسيًا من نجاح هذا النظام، وأن التجربة المصرية باتت نموذجًا إقليميًا في تطوير منظومة مالية رقمية شاملة.
شراكات محلية
قدمت سمر رفعت، رئيس قطاع التكنولوجيا المالية وشراكات الشركات الناشئة ببنك SAIB، تجربة مميزة للتعاون بين البنوك والشركات المصرية الناشئة، مستعرضة شراكة البنك مع شركة Synapse Analytics المتخصصة في الذكاء الاصطناعي.
وأوضحت أن الانطلاقة كانت نتيجة تحديات حقيقية داخل محفظة القروض، خاصة ما يتعلق بمعدلات التعثر والمخصصات والتحليل السلوكي للمحافظ الائتمانية، حيث احتاج البنك إلى حلول متقدمة قادرة على معالجة البيانات بشكل لحظي.
وأضافت أن التساؤل الأول داخل البنك كان عن سبب عدم تبني حل داخلي أو التعاقد مع جهة عالمية، لكن التجارب الأولية أثبتت كفاءة النموذج المحلي وقدرته على الفهم الأفضل للسوق، وسرعة التطوير، والمرونة في التعامل مع المتطلبات المتغيرة.
وكشفت أن الإدارات، وخاصة إدارة المخاطر، غيّرت قناعاتها بعد رؤية دقة الحلول التحليلية في كشف الاحتيال وتحسين جودة القرارات الائتمانية.
وأكدت رفعت أن الحلول التي طُوِّرت داخل البنك توسعت لاحقًا لتُستخدم في أكثر من ست دول حول العالم، من بينها المكسيك والسعودية والعراق ودول أوروبية، مما يؤكد أن الابتكار المحلي قادر على المنافسة عالميًا عندما يجد بيئة تنظيمية وتشغيلية داعمة.
وفي ختام الجلسة، شدد المشاركون على أن مستقبل الخدمات المالية في مصر مرهون بقدرة البنوك وشركات الفينتيك على بناء شراكات عميقة، تتجاوز التعاون التقليدي إلى تطوير منتجات متقدمة تقود التحول الرقمي، وتمنح العملاء تجارب سلسة وآمنة، في ظل تطور عالمي سريع يجعل الابتكار ضرورة وجودية لا خيارًا إضافيًا.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً