ابتكار نرويجي ينهي أخطاء الملاحة.. نظام "SmartNav" يقتحم المدن المزدحمة بدقة السنتيمترات
gps
بالرغم من أن "نظام تحديد المواقع العالمي" (GPS) قد أصبح ركيزة تكنولوجية أساسية لا غنى عنها في حياتنا اليومية والتنقل، إلا أن كفاءته ودقته تتراجع بشكل كبير وملحوظ في قلب المدن الكبرى والمزدحمة، والسبب الرئيسي وراء هذا التدهور هو الظاهرة المعروفة باسم "الوديان الحضرية"، وهي المساحات الضيقة التي تتوسط الأبنية الشاهقة جداً.
تعيق هذه المباني وصول إشارات الأقمار الاصطناعية بشكل مباشر وسليم إلى الأجهزة الأرضية، مما يؤدي إلى ارتداد الإشارات وتشويشها بشكل مستمر، ويتسبب هذا الارتداد في ظهور موقع المستخدم على الخريطة بشكل غير دقيق بالمرة، أو حركته بشكل غير منطقي وغير متسق مع الواقع.
لا تقتصر هذه المشكلة التقنية على إزعاج المستخدم العادي أثناء القيادة أو السير، بل تمثل "تحدياً خطيراً" ووجودياً للتقنيات المتقدمة، وعلى رأسها "السيارات ذاتية القيادة"، التي تعتمد في تشغيلها على دقة متناهية لا تقل عن بضعة سنتيمترات لكي تستطيع التحرك بأمان تام.
نظام مبتكر
لمعالجة هذه الإشكالية المعقدة، ابتكر فريق بحثي متخصص في "جامعة العلوم والتكنولوجيا النرويجية" (NTNU)، بقيادة العالم الرائد أردشير محمدي، نظاماً جديداً ثورياً ومنخفض التكلفة يحمل اسم "SmartNav"، يهدف هذا النظام إلى توفير دقة عالية جداً في تحديد المواقع.
يمكن لـ "SmartNav" العمل بكفاءة حتى في أكثر البيئات الحضرية كثافة وتعقيداً، مبتعداً عن أجهزة التصحيح التقليدية التي تتميز بأنها باهظة الثمن ومعقدة التشغيل، ويعتمد النظام النرويجي على ثلاث ركائز رئيسية تعمل معاً بتكامل غير مسبوق لتصحيح إشارات الملاحة الواردة.

الركيزة الأولى هي "تقنية PPP-RTK"، وتُستخدم لتحسين جودة الإشارات الواردة من الأقمار الاصطناعية ذاتها، ويتحقق هذا التحسين عبر توفير تصحيحات دقيقة للإشارات دون الحاجة إلى إنشاء محطات أرضية مكلفة للقيام بعملية التصحيح، مما يضمن تلقي بيانات أولية ذات جودة متفوقة.
تكمن الركيزة الثانية في تغيير "طريقة قراءة الإشارة" نفسها التي تصل إلى الجهاز، فبدلاً من الاعتماد على قراءة الشفرة التي تحتوي على بيانات الموقع والتوقيت، والتي غالباً ما تتشوه بسبب الارتداد، يعتمد "SmartNav" على تحليل "طور الحامل" (Carrier Phase).
هذا التحليل الدقيق يركز على الموجة اللاسلكية كما تصل إلى الجهاز، وهو ما يسمح بإجراء حسابات أكثر دقة للموقع، على الرغم من أن هذا النوع من التحليل يتطلب وقتاً أطول قليلاً للحصول على النتيجة النهائية، لكن دقته تستحق الانتظار.
دمج البيانات
أما الركيزة الثالثة، والأكثر إبداعاً وابتكاراً، فتتمثل في "دمج البيانات ثلاثية الأبعاد" الضخمة التي وفرتها شركة "جوجل" العالمية، وتتضمن هذه البيانات معلومات دقيقة جداً عن شكل وارتفاع المباني في ما يقارب $4$ آلاف مدينة حول العالم.
يستخدم النظام هذه "النماذج ثلاثية الأبعاد" لتحديد كيفية ارتداد وانعكاس إشارات "GPS" بين المباني الشاهقة والكبيرة في البيئة الحضرية، وبالتالي يساعد في تصحيح المسار الظاهر على الخريطة، وهو ما يجنب المستخدم أخطاء شائعة جداً مثل ظهوره وكأنه يسير على الجهة الخطأ من الطريق.
أظهر اختبار النظام الجديد في شوارع مدينة "تروندهايم" النرويجية نتائج مذهلة وغير مسبوقة في مجال الملاحة الحضرية، حيث حقق "SmartNav" "دقة بلغت أقل من $10 \text{ سنتيمترات}$ في $90\%$ من وقت التشغيل".
يُعد هذا الرقم المذهل "نقلة نوعية" هائلة في دقة الملاحة داخل المدن الحضرية، والأهم من ذلك، أن النظام لا يحتاج إلى تجهيزات معقدة أو اشتراكات شهرية مكلفة للعمل، مما يجعله نظاماً مثالياً وقابلاً للإدماج في الهواتف الذكية والأجهزة اليومية للمستخدم.
هذا التقدم لن يقتصر حصراً على التطبيقات الصناعية أو المركبات ذاتية القيادة فحسب، بل يمكن أن يحدث "ثورة حقيقية" في حياة عامة الناس، حيث يتاح لهم الوصول إلى دقة تحديد المواقع التي كانت سابقاً حكراً على التقنيات الاحترافية باهظة الثمن، مما يغير مفهوم الملاحة بالكامل.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً