جوجل تتجاوز فخ التفكيك وتنهي 2025 بأرباح قياسية ونجاحات ذكية

واجهت شركة جوجل خلال عام 2025 مجموعة من التحديات المصيرية التي هددت وجودها ككيان موحد، حيث اجتمعت ضدها ثلاثة ملفات قانونية كبرى تزامنت مع منافسة شرسة في سوق الذكاء الاصطناعي.

وبدا في مطلع العام أن سيناريو إجبارها على بيع متصفح "كروم" أو أجزاء من قطاع الإعلانات بات وشيكاً، مما كان سيغير ملامح الإمبراطورية التقنية للأبد وينهي عقوداً من الهيمنة المطلقة على فضاء الإنترنت العالمي.

خالفت النتائج النهائية كافة التوقعات المتشائمة التي رسمها المحللون في بداية العام، إذ نجحت الشركة في إنهاء سنتها المالية بتسجيل أرباح تاريخية غير مسبوقة، وحافظت بقوة على نموذج أعمالها الأساسي القائم على خدمات البحث والحلول الإعلانية المبتكرة، بل وفرضت نفسها كواحدة من أنجح القوى العالمية في استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي وتحويلها إلى أدوات إنتاجية، مما عزز ثقة المستثمرين والمساهمين في قدرة الإدارة على عبور الأزمات العاصفة.

صمود قضائي

خاضت جوجل معارك قانونية طاحنة داخل قاعات المحاكم الأمريكية لمواجهة تهم الاحتكار، حيث طالبت وزارة العدل بإجراءات هيكلية قاسية قد تصل إلى تفكيك الشركة وفصل قطاعاتها الحيوية.

وبالتوازي مع ذلك واجهت الشركة ضغوطاً من إدارة الرئيس "دونالد ترامب" التي عُرفت بانتقاداتها الحادة لشركات التقنية الكبرى، مما جعل المراقبين يحبسون أنفاسهم انتظاراً لأحكام قد تنهي حقبة السيطرة التكنولوجية الكاملة التي استمتعت بها الشركة لسنوات طويلة.

تجنبت جوجل الضربة الأقسى برفض القضاء لمقترح إجبارها على بيع متصفح "كروم" الشهير، إذ اعتبرت المحكمة أن تفكيك الشركة سيكون قراراً فوضوياً ومحفوفاً بالمخاطر على استقرار الاقتصاد الرقمي، وسُمح للشركة بالاستمرار في دفع مقابل مادي لضمان ظهور محرك بحثها كخيار افتراضي في أجهزة "آبل"، واقتصرت العقوبات على إلزامها ببيع جزء محدود من بيانات البحث للمنافسين بتكلفة هامشية، وهو إجراء وصفه الخبراء بأنه أضعف بكثير مما كان يطمح إليه الخصوم.

حلول بديلة

خسرت جوجل نزاعها القانوني مع شركة "إبيك جيمز" مما أجبرها على فتح متجر "بلاي" لخيارات دفع بديلة، وحاولت الشركة احتواء هذا الأثر عبر طرح تسويات عالمية تتضمن خفض الرسوم وإنشاء فئات جديدة لمتاجر التطبيقات المسجلة.

وفي الوقت نفسه لا يزال الغموض يكتنف قضية تقنيات الإعلانات، حيث تلمح السلطات القضائية إلى تفضيل الحلول السلوكية والتسويات الودية بدلاً من التفكيك الهيكلي الذي قد يستغرق سنوات طويلة في أروقة الاستئناف والطعون القانونية.

استغلت جوجل عام 2025 لدفع أعمالها في قطاع الأجهزة المحمولة عبر هواتف "بكسل" التي حققت انتشاراً لافتاً، ومثلت هذه الخطوة توجهاً أكثر جرأة في تطوير الأجهزة العاملة بنظام أندرويد لتقليل الاعتماد الكلي على الشركاء الخارجيين.

كما أطلقت الشركة نماذج "Gemini 3" المتطورة التي أحدثت إرباكاً كبيراً لدى المنافسين في سباق الذكاء الاصطناعي، وأثبتت أن جوجل لا تزال تملك العقل المبتكر القادر على قيادة الموجة القادمة من التحولات الرقمية العالمية.

طفرة سحابية

سجلت جوجل في أكتوبر الماضي أول ربع سنوي تتجاوز فيه إيراداتها حاجز المائة مليار دولار، ورغم بقاء الإعلانات كمصدر رئيسي للدخل إلا أن خدمات "Google Cloud" حققت قفزة نوعية بوصول إيراداتها إلى خمسة عشر مليار دولار، ويعد هذا النمو أوضح إشارة على الأثر الإيجابي لاستثمارات الشركة الضخمة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، والتي بدأت تؤتي ثمارها عبر جذب قطاعات الأعمال الباحثة عن حلول حوسبة سحابية متطورة وموثوقة.

اقتحمت جوجل سوق العتاد المخصص للذكاء الاصطناعي عبر بيع رقاقاتها الخاصة "TPU" من الجيل السابع لشركات خارجية، في محاولة استراتيجية لمنافسة هيمنة شركة "إنفيديا" على المدى الطويل وفتح آفاق استثمارية جديدة بمليارات الدولارات، وتعكس هذه التحركات رغبة الشركة في السيطرة على كامل سلاسل القيمة التقنية، بدءاً من المعالجات الدقيقة ووصولاً إلى واجهات المستخدم النهائية، لضمان استدامة نموها في عصر ما بعد محركات البحث التقليدية.

تماسك مستقبلي

تنهي جوجل عام 2025 وهي أكثر تماسكاً وربحية مما كانت عليه في بدايته المتعثرة، وبالرغم من أن بعض المعارك القانونية لا تزال مفتوحة الاحتمالات إلا أن شبح التفكيك الفوري قد تراجع بشكل كبير، وخرج المدير التنفيذي "ساندار بيتشاي" من هذا العام الصعب بمكاسب كبرى عززت من موقفه القيادي أمام مجلس الإدارة، وأثبتت أن مرونة الشركة في التكيف مع الضغوط السياسية والقضائية هي سر بقائها كلاعب لا يمكن تجاوزه في الساحة الدولية.