الجمعة، 26 ديسمبر 2025

07:18 م

إمبراطورية سامسونج الصناعية تتجاوز الحدود وتتخذ من فيتنام والهند مقراً

شركة سامسونج

شركة سامسونج

A A

تعتمد شركة سامسونج العالمية استراتيجية تصنيع معقدة تتخطى حدود موطنها الأصلي في كوريا الجنوبية، حيث نجحت في بناء شبكة إنتاجية مترابطة تنتشر عبر القارات لتلبية الطلب المتزايد على هواتف "جالاكسي"، مما يجعل من تحديد بلد المنشأ عملية تقنية تخضع لاعتبارات جغرافية واقتصادية ولوجستية دقيقة ومتنوعة.

تنفرد العملاقة الكورية بفلسفة التكامل الرأسي التي تميزها عن منافسيها المباشرين مثل أبل وجوجل، إذ لا تكتفي بتصميم الأجهزة بل تتولى تصنيع المكونات الحيوية كالشاشات والمعالجات والبطاريات داخل منشآتها، لتتحول بذلك إلى مورد رئيسي لقطع الغيار والمكونات الصلبة حتى للشركات التي تنافسها في الأسواق العالمية.

تتحكم الشركة في جودة منتجاتها وسلاسل إمدادها عبر إنتاج أغلى الأجزاء التقنية في مصانعها الخاصة، ورغم استعانتها ببعض الموردين الخارجيين لقطع مثل زجاج الشاشات والمعالجات الأمريكية، إلا أنها تظل صاحبة السيادة الكاملة على خطوط التجميع النهائية التي تضمن خروج الجهاز بالمواصفات والمعايير الكورية الصارمة.

مركز الثقل

تتصدر فيتنام خريطة التصنيع العالمية لشركة سامسونج من خلال مجمعاتها الصناعية الضخمة في تاي نجوين، حيث يتم إنتاج نحو نصف الهواتف الذكية للشركة هناك لتغطية احتياجات الأسواق الكبرى في أمريكا الشمالية وأوروبا، متجاوزة حاجز الملياري جهاز منذ بدء العمليات الإنشائية والصناعية في عام ألفين وتسعة.

تأتي الهند في المرتبة الثانية كقوة صناعية كبرى تستضيف أكبر مصنع للهواتف المحمولة في العالم بمدينة نويدا، إذ تصل طاقته الإنتاجية لنحو مائة وعشرين مليون جهاز سنوياً، وقد تحول هذا المركز من تلبية الاحتياجات المحلية إلى كونه منصة تصدير رئيسية تخدم العديد من الأسواق الإقليمية والدولية المحيطة.

يقتصر دور كوريا الجنوبية حالياً على الإنتاج الرمزي والتقني للهواتف الرائدة والمخصصة للسوق المحلي فقط، حيث يبلغ حجم إنتاجها السنوي نحو عشرين مليون هاتف ما يمثل أقل من عُشر الإجمالي العالمي، ليبقى دورها مركزيًا في عمليات البحث والتطوير والهندسة المتقدمة التي تقود الابتكار في كافة فروع الشركة.

توسع جغرافي

تتوزع خطوط التجميع الأخرى في دول مثل البرازيل وإندونيسيا بهدف تجاوز الرسوم الجمركية المرتفعة وتسريع الوصول للمستهلكين، إذ يعكس هذا التوزيع الجغرافي ذكاءً استراتيجياً في التعامل مع القوانين التجارية المحلية، والاستفادة من الحوافز الاستثمارية التي تقدمها الحكومات في أمريكا اللاتينية ومنطقة جنوب شرق آسيا الحيوية.

تعتمد سامسونج في إنتاج ربع هواتفها، خاصة الفئات الاقتصادية من سلسلة Galaxy A وM، على شركاء خارجيين في الصين، فرغم إغلاق مصانعها المباشرة هناك عام ألفين وتسعة عشر، إلا أنها لا تزال تستعين بمصنعي التصميم الأصلي لإنتاج أجهزة تخضع لمراجعات دقيقة لضمان مطابقتها لمعايير الجودة الكورية الفائقة.

يساهم هذا التنوع في تقليل المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية أو الاضطرابات العمالية التي قد تصيب منطقة جغرافية واحدة، كما يمنح الشركة مرونة فائقة في مواجهة التوترات التجارية العالمية، عبر القدرة على نقل حصص الإنتاج بين الدول المختلفة لضمان استمرارية التوريد وخفض تكاليف الشحن والعمليات اللوجستية.

مرونة لوجستية

تستثمر سامسونج مبالغ طائلة في تطوير مصانعها لتصبح مراكز تقنية ذكية تعتمد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي، مما يعزز من قدرتها التنافسية ويقلل من هامش الخطأ البشري في تجميع المكونات الدقيقة، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على ثقة المستهلك النهائي في الأجهزة التي تحمل شعار العلامة التجارية الشهيرة.

تظهر خريطة التصنيع الحالية أن مفهوم "بلد الصنع" قد تغير تماماً في ظل العولمة الاقتصادية الحديثة، فالهاتف الذي يحمله المستخدم قد تم تصميمه في سيول وتصنيع شاشته في فيتنام وتجميعه في الهند، ليكون منتجاً عالمياً بامتياز يعبر عن قدرة سامسونج على إدارة شبكة إمداد معقدة وناجحة ومستقرة.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً