جوجل تتراجع عن تعهداتها بعدم استخدام الذكاء الاصطناعي في الحروب

جوجل
ياسين عبد العزيز
في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت شركة جوجل عن تحديث جديد في سياساتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، حيث قامت بإزالة التعهدات السابقة التي كانت تمنع استخدامها في المجالات العسكرية والمراقبة، هذا القرار يعكس تحولًا كبيرًا في موقف الشركة من الأخلاقيات التي كانت تروج لها منذ سنوات، ويفتح الباب أمام استخدام تقنياتها في الأغراض الحربية بشكل رسمي.
إزالة القيود على استخدام الذكاء الاصطناعي عسكريًا
التحديث الذي نشرته جوجل على موقعها الرسمي أزال عدة بنود من سياستها السابقة، والتي كانت تنص على أن الشركة لن تسعى لاستخدام الذكاء الاصطناعي في:
المجالات التي قد تسبب ضررًا عامًا
الأسلحة والتقنيات التي تهدف إلى إلحاق الأذى بالبشر
المراقبة التي تنتهك المعايير الدولية
التطبيقات التي تتعارض مع القانون الدولي وحقوق الإنسان
هذا التغيير يعني أن جوجل لم تعد تضع أي قيود صريحة تمنعها من تطوير تقنيات عسكرية أو التعاون مع الحكومات في مشاريع دفاعية، وهو ما أثار استياء العديد من المدافعين عن الخصوصية وحقوق الإنسان.
تبريرات الشركة والتغير في الأولويات
حاولت جوجل تبرير هذه الخطوة عبر مدونة رسمية، حيث قال ديميس هاسابيس، رئيس قسم الذكاء الاصطناعي في الشركة، ونائب رئيس جوجل للتكنولوجيا والمجتمع جيمس مانيكا:
"هناك منافسة عالمية على الريادة في الذكاء الاصطناعي في مشهد جيوسياسي معقد، نؤمن بأن الديمقراطيات يجب أن تكون في المقدمة، مسترشدة بقيم الحرية والمساواة وحقوق الإنسان، على الشركات والحكومات العمل معًا لتطوير ذكاء اصطناعي يحمي الأفراد ويعزز الأمن القومي."
هذا التصريح يعكس التوجه الجديد لجوجل نحو دعم الحكومات والمؤسسات العسكرية بحجة تعزيز الأمن القومي، وهو ما يتعارض مع تعهداتها السابقة.
هل التزمت جوجل بمبادئها أصلًا؟
لم يكن التراجع عن هذه المبادئ مفاجئًا بالنسبة للبعض، إذ أن تاريخ الشركة يشير إلى تورطها في مشاريع عسكرية رغم تعهداتها السابقة. في عام 2018، قامت جوجل بكتابة هذه السياسات بعد اعتراض آلاف الموظفين على تعاون الشركة مع البنتاغون في مشروع "Maven"، الذي كان يهدف إلى تحسين دقة توجيه الأسلحة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
لكن ذلك لم يمنع الشركة من المضي قدمًا في مشاريع أخرى ذات طابع عسكري، مثل مشروع "نيمبوس"، وهو عقد بقيمة 1.2 مليار دولار بين جوجل وأمازون والجيش الإسرائيلي لتوفير خدمات سحابية وذكاء اصطناعي للحكومة الإسرائيلية.
تشير التقارير إلى أن جوجل كانت على علم بأن مشروع "نيمبوس" سيُستخدم لأغراض عسكرية، ومع ذلك، استمرت في دعمه رغم تناقضه مع سياساتها المعلنة حينها.
في الأشهر الأخيرة، أفادت مصادر بأن جوجل سارعت إلى تقديم خدمات ذكاء اصطناعي متقدمة للجيش الإسرائيلي خلال الحرب على غزة، ما يعد انتهاكًا صريحًا لتعهداتها السابقة.

التقنية والحروب: تحول في سياسات شركات التكنولوجيا الكبرى
ما فعلته جوجل ليس حالة منفردة، فشركات التكنولوجيا الكبرى بدأت تتجه إلى التعاون مع المؤسسات العسكرية بشكل متزايد.
شركة "ميتا" أعلنت مؤخرًا عن توفير نموذج Llama لوزارة الدفاع الأمريكية والشركات المتعاقدة معها.
"OpenAI"، الشركة الرائدة في الذكاء الاصطناعي، عقدت شراكة مع شركة Anduril، المتخصصة في تصنيع الصواريخ والطائرات بدون طيار لصالح الجيش الأمريكي.
أمازون ومايكروسوفت تواصلان تقديم خدمات البنية التحتية السحابية للحكومة الأمريكية، ما يسهم في دعم العمليات العسكرية.
تصريح مايكل هوروويتز، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بنسلفانيا، يلخص هذا الاتجاه المتزايد:
"إعلان جوجل يمثل دليلًا إضافيًا على تزايد التقارب بين قطاع التكنولوجيا الأمريكي ووزارة الدفاع، بما في ذلك شركات الذكاء الاصطناعي الرائدة."
التنافس التكنولوجي العالمي وتأثيره على الذكاء الاصطناعي العسكري
تحول شركات التكنولوجيا الأمريكية نحو الاستخدامات العسكرية يأتي في ظل تصاعد المنافسة العالمية في الذكاء الاصطناعي، خصوصًا مع الصين.
قبل أيام، تحدث الرئيس الأمريكي عن نموذج DeepSeek الصيني، وهو نموذج ذكاء اصطناعي متقدم أثار مخاوف في الأوساط التقنية الأمريكية.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن البيت الأبيض عن مشروع "Stargate" لتطوير ذكاء اصطناعي أمريكي خارق بتكلفة 500 مليار دولار، بحضور الرئيس السابق دونالد ترامب، ما يعكس حجم الرهان الأمريكي على الذكاء الاصطناعي في الصراع الجيوسياسي.
أين يقف الاتحاد الأوروبي والدول العربية؟
في حين أن الصين والولايات المتحدة تتسابقان على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي لأغراض عسكرية، لا يزال الاتحاد الأوروبي متأخرًا في هذا السباق، حيث تركز سياساته أكثر على تنظيم الذكاء الاصطناعي بدلاً من تطويره.
أما الدول العربية، فرغم بعض المبادرات التقنية، لم تصل بعد إلى مستوى المنافسة العالمية في هذا المجال، فهل نشهد تغيرًا في المستقبل؟
ما حدث مع جوجل يظهر بوضوح أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة للابتكار، بل أصبح جزءًا رئيسيًا من استراتيجيات الدفاع والحروب المستقبلية، وهو ما سيغير موازين القوى العالمية في السنوات القادمة.
أخبار ذات صلة
الأكثر مشاهدة
أحدث الموبايلات
-
Apple iPhone 13 Pro Max
-
Xiaomi Redmi Note 11
-
Samsung Galaxy A52s
-
OPPO Reno6 Pro 5G
-
realme GT2 Pro
-
vivo Y19
-
Honor 50 Pro
-
Huawei Nova 9
-
Nokia 8.3 5G
هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟
-
نعم
-
لا
-
غير مهتم
أكثر الكلمات انتشاراً