الخميس، 01 مايو 2025

10:37 ص

tru

ما مخاطر أنسنة الذكاء الاصطناعي؟

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، يعكف الكثير من الشركات والمنصات على تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تحسين تجاربنا اليومية وتسهيل حياتنا.

 ورغم أن هذه التقنيات تمثل أداة قوية تسهم في تقدم البشرية، إلا أن أنسنة الذكاء الاصطناعي باتت موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث يحاول العديد من المطورين جعل هذه الأنظمة الرقمية تبدو وكأنها كائنات بشرية، وهو أمر قد يحمل في طياته العديد من المخاطر.

الذكاء الاصطناعي لا يفكر

إن الذكاء الاصطناعي الذي نراه اليوم هو مجرد آلة إحصائية متطورة، فعلى الرغم من قدرتها على تقديم إجابات معقدة وسريعة، إلا أنها لا تمتلك الوعي البشري أو الفهم المعرفي الحقيقي، هذا ما يجعلها تختلف بشكل جذري عن العقل البشري، الذي يدمج الحواس والتجارب المادية في فهمه للعالم، فعندما يتحدث الذكاء الاصطناعي، لا يفكر أو يشعر كما نفعل نحن، بل هو ببساطة يقوم بتخمين الاحتمالات بناءً على البيانات المدخلة له.

الذكاء الاصطناعي العام: حلم بعيد المنال

في كثير من الأحيان، يتم الحديث عن الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهو الذكاء الذي يُفترض أن يحاكي القدرات العقلية البشرية بشكل كامل، لكن الحقيقة هي أن هذا النوع من الذكاء لا يزال حبيس الخيال العلمي، وتظل محاولات تحقيقه بعيدة المنال. 

تكمن إحدى أكبر التحديات في أن الذكاء الاصطناعي يفتقر إلى الجسد البشري، وبالتالي يظل منفصلًا عن الحواس التي تجعل الإنسان كائنًا واعيًا. 

كما أنه لا يعايش مشاعر الجوع أو الخوف أو الفرح، ما يجعله بعيدًا عن القدرة على فهم السياق البشري على المستوى العميق.

غياب الفهم الإنساني في الذكاء الاصطناعي

أحد أكبر المخاطر التي تنشأ عن محاكاة الذكاء الاصطناعي للبشرية هو أن المستخدمين قد يخطئون في تصور هذه الآلات ككيانات واعية قادرة على التعاطف والفهم. 

وعلى الرغم من أن الأنظمة الرقمية قد تظهر سلوكيات توحي بالتفكير أو الفهم، فإن الذكاء الاصطناعي لا يملك أي تصور حقيقي لما يعنيه أن تكون إنسانًا، وهذا يمكن أن يؤدي إلى أن يسقط المستخدمون الصفات الإنسانية على الآلات، ويؤمنون بأنها قادرة على فهم معاناتهم أو تلبية احتياجاتهم العاطفية، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع.

أنسنة الذكاء الاصطناعي: خداع رقمي

أنسنة الذكاء الاصطناعي تعني إضفاء طابع إنساني على الأنظمة الرقمية مثل منحها صوتًا أو نبرة بشرية، وهو ما يثير فينا استجابة غريزية تجعلنا نعتقد أن هذه الأنظمة تمتلك مشاعر أو وعي، لكن الحقيقة أن هذه الأنظمة مجرد أدوات إحصائية ضخمة تُنتج استجابات استنادًا إلى الخوارزميات، دون أي خلفية معرفية أو شعورية، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تقديم ادعاءات غير صحيحة مثل "اجتياز اختبار تورينج"، الذي يقيس قدرة الآلة على محاكاة سلوك الإنسان، وهو أمر يمكن أن يُضلل المستخدمين ويجعلهم يعتقدون أن هذه الآلات تمتلك مستوى من الذكاء يعادل البشر.

خطر الأتمتة على حياتنا العاطفية

قد يثير الذكاء الاصطناعي مشاعر الارتياح أو حتى الإعجاب لدى بعض الأشخاص، خاصة عندما يتفاعل مع الأنظمة الرقمية بشكل طبيعي، ولكن الخطر يكمن في أن الذكاء الاصطناعي ليس لديه أهداف أو أخلاقيات خاصة به، فهو يعتمد على البرمجة التي تُحقن فيه من قبل مبرمجيه أو الجهات المسيطرة عليه.

 

وعليه، فإن الشخص أو الكيان الذي يتحكم في هذه الأنظمة يمكنه توجيهها لأغراض قد تكون بعيدة كل البعد عن الخير العام، وهو ما يشكل تهديدًا حقيقيًا على أبعاد الخصوصية و الحرية الشخصية للمستخدمين.

الذكاء الاصطناعي: أداة أم تهديد؟

لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي يمتلك قوة كبيرة، إذ يمكن استخدامه لتحسين العديد من المجالات مثل الترجمة، و التحليل البياني، و البرمجة، لكن الأمر الذي يغفل عنه البعض هو أن هذه التقنية قد تُستخدم أيضًا بشكل مسيء، على سبيل المثال، قد ينجح شخص ما في التلاعب بمشاعر الآخرين باستخدام الذكاء الاصطناعي، كما هو الحال في فيلم "Her"، حيث يقع شخص في حب كيان رقمي يدعي أنه واعٍ، لكن هذا الكيان في الواقع ليس سوى أداة رقمية يستخدمها إنسان آخر.

لتجنب الأضرار الناتجة عن أنسنة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يتخذ المطورون خطوات جادة لتجريد هذه الأنظمة من الصفات البشرية، ويعني ذلك أن يتم الابتعاد عن استخدام عبارات مثل "أنا أشعر" أو "أشعر بالفضول"، بل يجب أن تكون ردود الذكاء الاصطناعي مجردة وواقعية، خالية من أي خصائص شخصية أو عاطفية.

الذكاء الاصطناعي هو أداة مذهلة يمكن أن تساعد في حل العديد من التحديات التي نواجهها، ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين جدًا من تقديمه ككيان واعٍ، لأنه ليس أكثر من آلة إحصائية، إن إصرارنا على أنسنة هذه الآلات قد يؤدي إلى مجموعة من المخاطر الكبيرة التي لا يمكن تجاهلها. 

من خلال الفهم الواقعي للذكاء الاصطناعي، يمكننا استغلال إمكاناته بشكل آمن ومسؤول دون الوقوع في فخ الخداع الرقمي الذي قد يهدد حياتنا العاطفية و الأخلاقية.

search

أكثر الكلمات انتشاراً