الأربعاء، 09 يوليو 2025

03:43 م

tru

الأطفال يتفوقون على الذكاء الاصطناعي في تعلم اللغة

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

رغم التقدم المتسارع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا تزال عقول الأطفال تحتفظ بقدرة مدهشة على تعلّم اللغة بطريقة تفوق أي خوارزمية أو نموذج لغوي آلي، مهما بلغت دقته الحسابية أو سرعة معالجته، فقد كشفت دراسة جديدة أن الأطفال يملكون قدرة فطرية ونشطة على اكتساب اللغة، تتكامل فيها المهارات الحسية والعاطفية والاجتماعية مع الإدراك العقلي، في عملية تبدو معقدة وعميقة للغاية مقارنة بما تفعله أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تعتمد بشكل أساسي على النصوص والبيانات المجردة.

تفاعل متكامل

وأوضحت الدراسة، التي نشرت مؤخرًا في مجلة Trends in Cognitive Sciences، أن الأطفال لا يتعلمون اللغة من خلال التكرار أو الحفظ المجرد، بل من خلال التفاعل المباشر مع بيئتهم، واستخدام حواسهم المختلفة لفهم العالم، فهم لا يكتفون بالاستماع أو المراقبة، بل يشاركون بأجسادهم وأفكارهم ومشاعرهم في عملية تعلم اللغة، ما يمنحهم قدرة خارقة على بناء شبكة لغوية متكاملة ومعقدة في فترة زمنية قصيرة.

وقد أعدت الدراسة البروفيسورة كارولين رولاند من معهد ماكس بلانك لعلم النفس اللغوي، بالتعاون مع باحثين من مركز LuCiD في المملكة المتحدة. 

وتستعرض الدراسة إطارًا نظريًا جديدًا يفسر هذا التفاوت الكبير بين طريقة الأطفال والآلات في اكتساب اللغة، حيث يتبيّن أن السر لا يكمن في كم المعلومات المتاحة، بل في الأسلوب الذي تُستثمر به تلك المعلومات ضمن سياق التجربة الحية.

الذكاء الاصطناعي

سرعة مذهلة

ومن أبرز ما ورد في نتائج الدراسة، أن الإنسان لو أراد أن يتعلم اللغة بالطريقة التي يتعلم بها الذكاء الاصطناعي، فإن ذلك قد يستغرق حوالي 92,000 عام! هذه المقارنة الصادمة تبرز حجم الفارق بين الطفل والآلة، وتوضح كيف أن التعلم البشري يعتمد على بنية عقلية ونفسية متكاملة، قادرة على التكيف، والاستجابة، وتعديل السلوك بحسب التفاعل مع البيئة.

ففي حين تعمل نماذج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT على تحليل مليارات الكلمات والنصوص لاستخلاص الأنماط اللغوية، يعتمد الطفل على مزيج من الفضول والدافع الذاتي، والتجريب الحسي، لفهم المعنى وراء اللغة، وليس مجرد حفظ الكلمات.

تجربة حية

تُبرز الدراسة أن الأطفال يتعاملون مع اللغة على أنها جزء من الحياة اليومية، وليس مادة منفصلة للتعلُّم، فهم يستخدمون البصر والسمع واللمس وحتى الشم لتكوين فهم أعمق للمعاني، كما يربطون الكلمات بالحركة والأفعال والمشاعر، وهو ما يخلق مسارات عصبية معقدة تسمح بتخزين اللغة واستخدامها بسلاسة لاحقًا.

وصرحت البروفيسورة رولاند قائلة: "أنظمة الذكاء الاصطناعي تعالج البيانات، بينما الأطفال يعيشونها". 

وأضافت أن الأطفال لا ينتظرون أن تُعطى لهم المعلومات، بل يسعون إليها بشغف، ويقومون بتجارب حسية متنوعة مثل الزحف نحو الألعاب أو لمس الأشياء أو الإشارة إلى ما يثير فضولهم، وهي عوامل حاسمة في سرعة اكتسابهم للغة.

وتعتبر هذه الدراسة إضافة نوعية في مجال علم النفس اللغوي، ليس فقط لفهم كيفية تطور اللغة لدى الأطفال، بل أيضًا لتوجيه مسار أبحاث الذكاء الاصطناعي نحو نماذج أكثر واقعية وفعالية في محاكاة التعلّم البشري. 

ويأمل الباحثون أن تساهم هذه النتائج في تطوير تقنيات تعتمد على بيئة تعليمية أكثر تفاعلًا واندماجًا، تحاكي آليات التعلُّم الطبيعية لدى الإنسان، خاصة في مرحلة الطفولة.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً