الإثنين، 07 يوليو 2025

03:49 م

tru

الذكاء الاصطناعي بين تسهيل المهام وتعطيل النمو الذهني.. هل يجعلنا أكثر كسلًا؟

الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي

ياسين عبد العزيز

A A

في ظل الانتشار الواسع لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، من كتابة الرسائل والتقارير، إلى تلخيص الكتب والمقالات، تبرز تساؤلات جادة حول الأثر المعرفي والنفسي لهذه الأدوات، خاصة على قدرات الإنسان الذهنية، ومدى احتمالية أن يتحول اعتمادنا المتزايد عليها إلى مصدر للكسل العقلي. 

مراجعة علمية حديثة شملت 170 دراسة اعتمدت على نحو 5000 مشارك من 29 دولة، تقدم إجابة مقلقة لهذا السؤال، مؤكدة أن الجهد الذهني، رغم أهميته، يُعد غير مريح بالنسبة لغالبية البشر، ما يجعلهم أكثر عرضة للبحث عن طرق لتجنبه، بما في ذلك اللجوء إلى أدوات الذكاء الاصطناعي.

التفكير مجهد

تشير نتائج المراجعة إلى أن الأفراد غالبًا ما يقيّمون المهام التي تتطلب جهدًا فكريًا عميقًا باعتبارها أكثر إزعاجًا، مقارنة بالمهام السطحية أو التلقائية. 

اللافت أن هذا الانزعاج لم يكن مرتبطًا بمستوى التعليم أو نوع المهمة، بل بما تسببه تلك المهام من توتر نفسي وشعور بالصعوبة. 

كلما تطلب النشاط تفكيرًا معمقًا، زادت معه المشاعر السلبية، ما يدفع العديد لتجنب مثل هذه المهام كلما أمكنهم ذلك.

لكن الخبراء يشددون على أن هذا الانزعاج قد يكون في الحقيقة مؤشرًا إيجابيًا على وجود فرصة للنمو، إذ يؤكد علم النفس المعرفي أن التعلم هو بطبيعته عملية مرهقة، تشمل التوتر، والإحباط، والصراع الذهني. 

ومع ذلك، فإن خوض هذا الصراع هو ما يسمح للعقل بتكوين روابط جديدة، واكتساب مهارات أعلى، وتطوير الفهم العميق، وهي نتائج لا تتحقق غالبًا إلا من خلال المعاناة العقلية.

الذكاء الاصطناعي

راحة مصطنعة

من هنا تبرز مشكلة الذكاء الاصطناعي، الذي يقدم نفسه كوسيلة لتبسيط الحياة، لكنه في الوقت ذاته يُغري بتجاوز الصعوبات الذهنية، بل واستبدال التفكير نفسه ببرمجيات تؤدي المهام بالنيابة عنا. 

إن كتابة عرض تقديمي باستخدام أداة ذكية قد يكون أسرع وأكثر كفاءة، لكن هذا الاختصار في الجهد قد يكون أيضًا اختصارًا في فرص التعلم والتطور، خاصة إذا بات استخدام هذه الأدوات بديلاً دائمًا عن التفكير النقدي والتحليل المنطقي.

ويحذر الباحثون من أن الركون إلى هذه الراحة المصطنعة يترك الإنسان أكثر عرضة للجهل المعرفي، ويقلل من قدرته على التمييز بين المعلومات الحقيقية والمضللة، وهي مهارات باتت ضرورية في زمن تُغرقنا فيه الأخبار المزيفة، والمحتوى السريع، ووسائل الإعلام ذات الأجندات الخفية.

متعة التحدي

المفارقة أن الإنسان لا يتجنب دائمًا المهام الصعبة، بل يسعى إليها في أوقات كثيرة، خاصة عندما تكون مرتبطة بشعور الإنجاز، فهناك من يركض في سباقات الماراثون رغم الجهد الجسدي الهائل، وآخرون يقرأون روايات طويلة أو يحلون ألغازًا معقدة، ليس لأنها سهلة، بل لأنها تمنحهم شعورًا بالرضا الذاتي، والإتقان، والتحسين المستمر للذات.

لذلك، يؤكد العلماء أن الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي لا يكمن في التخلص من التفكير، بل في توظيفه لأداء المهام الروتينية أو التي تم إتقانها مسبقًا، بهدف توفير وقت وطاقات يمكن استثمارها في مهام أكثر عمقًا وتحديًا. 

بهذه الطريقة، يمكن تحقيق توازن صحي بين الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة والحفاظ على قدراتنا الذهنية في حالة نمو وتطور دائمين.

في نهاية المطاف، لا تكمن خطورة الذكاء الاصطناعي في قدرته على التفكير، بل في احتمال أن نتوقف نحن عن التفكير عندما نثق به أكثر مما ينبغي.

Short URL
استطلاع رأى

هل يتراجع عدد عملاء CIB خلال الفترة المقبلة بعد زيادة أسعار رسوم التحويل والخدمات؟

  • نعم

  • لا

  • غير مهتم

search

أكثر الكلمات انتشاراً